رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى ميلادها الـ 138..رسائل الحب والغرام والعتاب والرثاء بين مي زيادة والعقاد

مى زيادة وعباس العقاد
مى زيادة وعباس العقاد وقصة حب ساخنة، فيتو

مى زيادة ، عرفت بـ معشوقة الأدباء عصرها فقد أحبها جبران خليل جبران وأحبها عباس محمود العقاد وأحبها مصطفى صادق الرافعى ولطفى السيد، فلم تخل حياتها من قصص الحب التي كانت جميعها من طرف واحد إلا مع جبران، ورغم ذلك لها رسالات وكتابات وأشعار مع أغلب أدباء عصرها.

في مثل هذا اليوم 11 فبراير عام 1886 ولدت مى إلياس زيادة  الشهيرة بـ مى زيادة  بمدينة الناصرة فى فلسطين لأم فلسطينية وأب لبنانى، عاشت أسرتها بالقاهرة حيث عمل والدها بصحيفة المحروسة التي اشتراها بعد ذلك، وأجادت الفرنسية والإنجليزية منذ صغرها وبدأت في كتابة المقالات بالصحف المختلفة، وعرفت بصالونها الأدبى الذى كان يعقد يوم الثلاثاء من كل أسبوع في بيت أسرتها 28 شارع المغربى ـ شارع عدلى حاليا.

مي زيادة، تربعت على عرش الأدب العربي.. أول من طالبت بحرية النساء.. والقرآن الكريم سر إتقانها للغة العربية

صالون مي ملتقى الأحبة 

تعرفت مى زيادة على جميع أدباء عصرها تقريبا عن طريق صالونها حيث ارتاده شوقى وحافظ وطه حسين وأحمد لطفى السيد وخليل مطران وأنطون الجميل وداود بركات ومصطفى صادق الرافعى الذى كان يحضر من طنطا خصيصا لرؤيتها خلال الصالون، والشيخ مصطفى عبد الرازق ومحمد التابعى وغيرهم.

 


 من الذين أحبوا مى الأديب عباس محمود العقاد الذي هام بها حبا ووصفها بالكاتبة المعتدلة الغير خيالية، وأشاد ببراعتها فى إدارة حوار مع ثلاثين كاتبا ووزيرا فى صالونها وكان يشعر كل واحد منهم أنها لا تحب سواه.

 

يصفها العقاد بجميلة الجميلات 

كان العقاد يرتاد صالون "مي زيادة " منذ عام  1915 وما بعدها كأصغر رواده هو وكان عمره -27 عاما ـ وتصغره مى بست سنوات، يقول العقاد عن هذا الصالون " لو جمع ما ذكر فيه لكون مكتبة كبيرة تشبه ما جاء فى الأغاني للأصفهاني أو العقد الفريد "، كان العقاد وسيما معتزا برأيه وكرامته، وهى جميلة الجميلات، وجمع بينهما الشعر والأدب والفكر وحب الشباب الذي صار غراما فهياما وكانا يلتقيان سرا بحديقة إحدى كنائس حى الظاهر وقد اعترف العقاد بأنه أحبها كما أحب (سارة).

الأديبة مى زيادة 

قصة حب مى زيادة كانت من أهم الصفحات في حياة العقاد هذا العملاق الذى عرف حلاوة الحب الذى لم يكتمل والذى عانى من كئوس الخيانة، لكن العقاد تميز عن منافسيه في أن حب مى زيادة سيطر عليه وملأ عليه حياته فنظم في وصفها القصائد، وسهر الليالي يكتب لها رسائل الحب والغرام، حتى ان مى اعترفت بحبها قائلة: وقد أتعمد الخطأ لأفوز بسخطك عليّ فأتوب على يدك وامتثل لأمرك.. في حضورك سأتحول عنك إلى نفسي لأفكر فيك، وفي غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك.

معشوقة الأدباء.. مي زيادة التي صدمت العقاد بمشاعرها.. وحب هذا الشاعر أصابها بالجنون

رسالة مى زيادة الأولى 

كتبت مى له رسالتها الأولى عام 1923، أرسلتها إلى مقر عمله بصحيفة البلاغ الناطقة بلسان حزب، وكتبت على المظروف الخارجى "حضرة الأستاذ عباس محمود العقاد المفضال " وجاءت رسالتها مختصرة مكتوبة بريشة الحبر، جاءت الرسالة تعليقا على قصيدة نظمها شاعر النيل حافظ إبراهيم في مدح العقاد بمناسبة ترشحه لمجلس الشيوخ فقالت مى: دونك، وأما أهل أسوان فهم نظموا بترشيحك قصيدة جميلة المطلع. فإذا جاء ختامها بانتخابك، كمطلعها كانوا ضامنين لأنفسهم شهادة لا تقل أهمية عن شهادة تنطق بها الهياكل للذين سلفوهم وإن كانت من نوع آخر"، وهذه الكلمات تدل على مدى إعجاب مى بالاديب والسياسى عباس العقاد دون التطرق لمشاعر أخرى.

مى زيادة والعقاد وجبران ورسائل حب لا تنتهى 

وجاءت الرسالة الثانية من مى زيادة إلى العقاد عام 1925 كتبتها وعلى متن سفينة متجهة إلى الإسكندرية في طريقها إلى إيطاليا بداتها بقولها: أما عنوانى في روما فهو طويل بعض الطول، يشبه العنوانات التركية ومع ذلك أرجو أن يكون واسطة للحصول على مقالاتك الأسبوعية الأدبية، فبالرغم من نسيم بحر الإسكندرية اللطيف فلا تيسر التفكر والكتابة بسبب ضجيج الناس بها، وانتقل من صالون إلى صالون لأجد مكانا هادئا. وفى كل مكان يدخنون ويضحكون ويثرثرون وليس من ينظر إلى البحر وإلى ما يخط فيه نور القمر من دروب فضية! وليس من ينظر إلى روعة هذه الأمواج المظلمة التى نقتحمها! وليس من يميل إلى السكوت والسكون ليقترب من روح الطبيعة ويتلقى بلاغها، فقد احتل عشرة رجال تقريبا صالونا من الصالونات ونشروا أوراق اللعب واحتل آخرون صالون الموسيقى وجلست فتاة إلى البيانو تعزف موالا إفرنجيا، وأقول لنفسى شعرا. شكرا على الأبيات التى اتحفتنى بها، إن لها عندى مكانا خاصا دون سائر شعرك وأهديك خالص التهنئة بمناسبة العيد المقبل مشفوعة بعواطف الإكرام.

80 عاما على رحيل مي زيادة.. صاحبة أشهر صالون ثقافي.. عشقها المثقفون والشعراء وأحبت أديبًا لم تره


مى نجمة البحر 

وفى صيف 1925 أرسل العقاد خطابا إلى مى من مصيف رأس البر حيث كان يقضي عطلة الصيف، وكانت رأس البر ملتقى الكبراء والذوات والنخبة يقول فيه: حضرة الكاتبة الفضلى الآنسة مارى إلياس سيدتى.. كنت الليلة فى رحلة بحرية جميلة وكانت نجمة البحر ( ميريم ) تلمع على الأفق كبيرة متلألأة فكنت أرفع بصرى إلى السماء فأراك فى سميتك وأقول لها أو أقول لك..يا نجمة اليم ونور الأوان – أشرقت، فليشرق علينا الآمان، لو لم تكونى ملكا حارسا يحوطنا في كيد هذا الزمان.

هذه الرسالة وصفها النقاد بأنها تدل على مدى حساسية العقاد وحبه الكبير الذى ما ان رأى نجمة البحر تذكر محبوبته مى وكتب فيها شعرا.


وكانت الرسالة الرابعة وهى قصيدة غزلية رائعة تحمل اعتراف العقاد بحبه لـ مى زيادة عام 1925 يذوب فيها صبابة فى محبوبة فى لحظة صدق انسانية عالية جدا، يقول فيها: أدعوك باسم على ما فيه من صغرأ..وافى المسماة من فضل ومن طيب/ يا مى يا مى ذاك اسم أو نمه..تغنى حلاوته عن كل تلقيب / كجوهر فى يد اللآل قد نفست..به أنامله عن كل تركيب/ وإن لى رغبة يا مى ضارعة..فلا تضنى بها يا خير مرغوب/ الله فى الكون خافيه وظاهره..وأنت معبودتى يا مى ما ظفرت/ عينى بتمثال حسن منك مرقوب.. تمضى الأسابيع بالساعات أحسبها / إنى كعهدك طماع فلى أمل..مغرى بأجمل وهاب وموهوب.

مى زيادة 


وردت عليه مى زيادة قائلة: فقد عشت في أبيات قصيدتك الجميلة وفي كلماتها العذبة، وشعرت من معانيها الشائقة وموسيقاها الروحية ما جعلني أراك معي في ألمانيا على بعد الشقة وتنائي الديار/  سأعود قريبا إلى مصر / وستضمنا زيارات وجلسات، / أفضي فيها لك بما تدخره نفسي ويضمه وجداني ، فعندي أشياء كثيرة سأقولها لك في خلوة من خلوات مصر الجديدة، فإني اعرف أنك تفضل السير في الصحراء وأنا أجد فيك الإنسان الذي أراه أهلا للثقة به والاعتماد عليه. 

انتصار الكبرياء على الحب 

لكن كان الإنسان من حيث هو إنسان هو الأغلى وانتصر كبرياء العقاد واعتزازه بنفسه فانصرف بقلبه رويدا رويدا عن مى بسبب كثرة عشاقها ولأنها ليست له وحده وزارته يوما وهى باكية بمكتبه فى جريدة (البلاغ) وعاتبته وبكت بدموع حارة وحزن العقاد ولكنه لم يغفل كبرياءه وتسلى عنها بحب جديد وكانت "سارة" فكتبت مى اليه تقول: وقد ظننت أن اختلاطى بالزملاء يثير حمية الغضب عندك، والآن عرفت شعورك وعرفت لماذا لا تميل إلى جبران خليل جبران.. لا تحسب أنى أتهمك بالغيرة من جبران فإنه فى نيويورك لم يرنى ولكن طبيعة الأنثى يلذها أن يتغاير فيها الرجال وتشعر بالازدهاء حين تراهم يتنافسون عليها.. أليس كذلك؟ معذرة.. فقد أردت أن أحتفى بهذه الغيرة لا أن أضايقك ولكن لأزداد شعورا بأن لى مكان فى نفسك، أهنيء بها نفسى وأمتع بها وجدانى.

رثاء العقاد لمى زيادة 

ولما رحلت مى زيادة عام 1941،وبالرغم من اعترافها بحبها لجبران خليل جبران الذى لم تراه وحب جبران لها  ، كتب العقاد يرثيها ويقول: تلكموا الطلعة مازلت أراها..غضة تنشر ألوان حلاها.


 ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الأدبية والفنية والثقافية.

الجريدة الرسمية