رئيس التحرير
عصام كامل

المصريون بين التوك توك والتيك توك.. عوالم موازية ومليارات مهدرة.. أخلاقيات ضائعة وحكومات عاجزة وإحصائيات صادمة

التوك توك والتيك
التوك توك والتيك توك،فيتو

 في مجتمع تضيق فيه فرص العمل حتى التلاشى، وترتفع فيه وتيرة الغلاء بشكل جنوني، يعجز عن تفسيره والتنبؤ به كبار المحللين الاقتصاديين، وصار الخروج من مصر؛ بحثًا عن فرصة عمل تخلق واقعًا معنويًا وماديًا جديدًا من الصعوبة بمكان. ولا يخفى على أحد أن الوضع الاقتصادي في مصر خلال السنوات الأخيرة؛ لأسباب كثيرة وتحديات محلية وعالمية، ليس في أفضل حالاته اليوم وفي القريب العاجل، وأن معظم مبادرات حكومة الدكتور مصطفى مدبولي لا تنتج إلا فشلًا وعجزًا.

وعطفًا على ما تقدم وغيره من المستجدات والمتغيرات فإن أجيالًا من المصريين عانت الأمرَّين في السنوات الماضية في سبيل تحسين ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الحد الأدنى من الكفاف الذي يُعينها على مواجهة أعباء الحياة الثقيلة جدًا.

خلال عامي 2005-2020 تعاطى المصريون مع وسيلتين للكسب السريع والتربح اليسير نسبيًا. ورغم  البون الشاسع بينهما على مستوى التطبيق والأرباح، فإن ما يجمعهما هو التشابه الكبير في الحروف، وهما: التوك توك والتيك توك، فضلًا عن إتاحتهما بصورة كبيرة دون قيود أو شروط أو ضوابط أو رقابة، ويعتبر “كروان مشاكل” القادم من عالم التوك توك إلى فضاء التيك توك إفرازًا طبيعيًا لهذه الحالات الوافدة على المجتمع المصري !

 

ظهور التوك توك وعجز الحكومات عن المواجهة

 الظهور الأول لمركبة التيك توك كان في زمن حكومة  الدكتور أحمد نظيف، وتحديدًا في العام 2005. المركبة الجديدة كانت قادمة الهند، وتلقفها المصريون؛ لا سيما أنها كانت وسيلة انتقال سهلة بين الحواري والأزقة والشوارع الضيقة في المناطق العشوائية، فضلًا عن أن رسوم ركوبها كانت زهيدة نسبيًا. بين عشية وضُحاها انتشر التوك توك انتشارًا رهيبًا، ووجد الشباب المتعطل عن العمل، وضحايا المعاش المبكر والمصانع المغلقة فيه بابًا سهلًا للكسب والحصول على المصاريف اليومية التي تقيهم ذل السؤال وشر الحاجة والتسكع على المقاهي.

6 توصيات من "محلية النواب" لحل أزمة التوك توك

 سرعان ما توغل التوك توك في شوارع مصر وحواريها، بل إنه –وفي ظل غياب الرقابة- لم يخجل من الظهور في المناطق الحضرية وعلى المحاور والطريق الدائري دون ترخيص أو تصريح رسمي، متحديًا في ذلك قوانين وضوابط المرور، وفرض واقعًا جديدًا، تعددت آثاره السلبية وتفاقمت لاحقًا.

 

3 ملايين توك توك في شوارع مصر

في العام 2020..ظهرت إحصائية تقريبية قدَّرت عدد التكاتك في مصر بـ3 ملايين مركبة، غير إن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قدَّر المرخص منها بـ274 ألف مركبة فقط!!

التوك توك يثير أزمة في مناقشات تعديل قانون المرور بالبرلمان.. اعرف التفاصيل

ورغم الرفاهية التي وفرتها الوسيلة الهندية لقاطني العشوائيات  تحديدًا إلا إنه سرعان ما اقترن اسمها بحوادث الخطف والسرقة والسطو والاغتصاب وعديد من الجرائم غير الأخلاقية، وسرعان ما تحول الأمر إلى ظاهرة كشفت عجز الحكومات المتعاقبة من جديد.

أحمد راشد: خطة لاستبدال التوكتوك بسيارة حضارية تليق بالجيزة

إحصائيات مزعجة جدًا

اللافت أن رصدًا اقتصاديًا أجراه خبير الإدارة المحلية الدكتور حمدي عرفة- قدَّر إجمالي دخل أصحاب التكاتك –على فرضية أنها 3 ملايين مركبة- بـ 10.8 مليار جنيه شهريًا، ترتكب مخالفات مرورية قدَّرها بـ1.650 مليار جنيه.

«بواب» يحل أزمة «التوك توك» في حدائق الأهرام

ورأى "عرفة" أن التوك توك"  تسبب في إفراغ سوق العمل من العمال والحرفيين، مبينًا أن 38% من سائقي الـ"توك توك" دون الـ 18 عامًا.

برلماني يتهم الحكومة بالتخبط في القرارات الخاصة بـ"التوك توك"

واعتبر "عرفة" أن عدم ترخيص التوك توك منذ ظهوره في مصر العام 2005 وحتى إجراء بحثه أضاع على الخزانة العامة المصرية ما قدَّره بـ 84 مليار جنيه.

وزير التنمية المحلية: التوك توك ضرورة.. ومشاكلنا مع «اللي سايقه»

محاولات حكومية عاجزة للتعامل مع الأزمة

ورغم كل التوابع الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية له إلا إن الحكومات  المصرية ظلت عاجزة عن التعامل مع التوك توك من شقين، الشق الأول: المنع أو الحظر التام، والشق الثاني: إيجاد فرص عمل بديلة ومجزية لأجيال متعاقبة هربت من سوق العمل وتسربت من الدراسة في سبيل التكاتك، وشكلت عالمها الخاص وواقعها الموازي..ولا تزال المشكلة بكامل أبعادها وتداعياتها وتوابعها مستمرة، رغم تدخلات الحكومة بحظر استيراده بعد "خراب مالطة"!

قراء «فيتو» يتوقعون فشل قانون المرور الجديد في حل أزمة التوك توك

من التوك توك إلى التيك توك..وجه آخر للأزمة

قبل أن يحل العام 2020 كان تطبيق التيك توك قد توغل وانتشر في مصر، وسرعان ما تمت إساءة استغلاله وتوظيفه في مآرب أخرى غير تلك التي تم تصميمه من أجلها، وهي الأغراض الترفيهية والتعليمية.

خبراء علم اجتماع يحللون ظاهرة فتيات التيك توك: كورونا ساعدت على اللجوء لهذه التقنيات.. والعولمة مع الأمية أدت لانهيار الأخلاق

و"التيك توك" تطبيق تسجيل فيديوهات قصيرة، ويمكن لأي شخص تسجيل هذه الفيديوهات بكاميرا الهاتف الخاصة به، ثم يقوم التطبيق بترويجها، أو باستخدام الخوارزميات الخاصة بالتطبيق، على نحو يضمن له الانتشار. 

مدير مباحث الآداب الأسبق: تطبيق التيك توك أخطر على الشباب والمراهقين من الملاهى الليلية ( حوار )

 ورغم إن فيديوهات "تيك توك" يمكن أن تكون ذات أغراض تعليمية أو ترفيهية، كما أسلفنا- إلا إنه سرعان ما تم توجيهها في المسار السيئ، واستخدامها في أغراض غير أخلاقية. وشكلت قضايا التيك توك في السنوات القليلة الماضية قضايا رأي عام، ما دفع البرلمان وعددًا من الشخصيات الاعتبارية إلى المطالبة بحظر التطبيق الصيني في مصر؛ نظرًا لخطورته الجسيمة، وكان أبرز تلك القضايا القضية المعروفة إعلاميًا بـ"فتيات التيك توك"، وأُدينت فيها كل من: حنين حسام ومودة الأدهم بالتعدي على المبادئ والقيم المجتمعية والاتجار بالبشر؛ على خلفية ظهورهما في فيديوهات وُصفت بـ"الخادشة والخطيرة على المجتمع"، وتربحهما ماديًا، وقضايا أخرى مشابهة ضمت كلًا من: هدير الهادي ومنار سامي وريناد عماد، ووجهت لهن الاتهامات ذاتها.

خبراء علم اجتماع يحللون ظاهرة فتيات التيك توك: كورونا ساعدت على اللجوء لهذه التقنيات.. والعولمة مع الأمية أدت لانهيار الأخلاق

تشريعات قانونية مغلطة لمواجهة الخطر

وتزامنًا مع الحالة العامة التي خلَّفتها هذه القضايا الغريبة عن المجتمع المصري، ومعظم أبطالها في سن صغيرة..طالب قانونيون بتشريعات قانونية مغلظة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة وكبح جماحها؛ لا سيما أنها استهوت وأغوت فئات وأعمارًا أخرى، حتى ظهرت ربات بيوت يستعرضن تضاريس أجسادهن داخل المطبخ أو غرفة النوم؛ في سبيل تحقيق مشاهدات خرافية؛ بهدف جلب المال.

وتعاظمت في الفترة الأخيرة مطالب من جهات متعددة، من بينها البرلمان بغرفتيه، بحظر تطبيق التيك توك في مصر؛ لاعتبارات عديدة من بينها:  استخدام المنصة الصينية في الترويج للعري والإباحية والفسق والفجور والبلطجة والعنف والتنمر في المجتمع، بل وأصبحت منفذًا لتجارة المواد المخدرة وتجارة العملة، ما يؤثر بشكل سلبي على المجتمع خاصة الأطفال والشباب، فضلًا عن اصطدامها بالأعراف الدينية والقيم المجتمعية والاعتبارات الأخلاقية.

التيك توك مصيدة الفتيات الخارجات على القانون.. سقوط ٧ متهمات أبرزهن سما وحنين ومودة وريناد.. والدعارة أول الاتهامات

الأزهر الشريف يدخل على خط الأزمة

في الإطار ذاته..استطلع مجلس الدولة الرأي الفقهي والشرعي للأزهر الشريف في تطبيق التيك توك؛ بناء على دعوى قضائية طالبت بحظر التطبيق الصيني داخل مصر.

 وأفاد مجمع البحوث الإسلامية بأنه: "مما هو معلوم شرعًا أن حفظ مقومات الحياة من الأمور الواجبة شرعًا، ومن بينها: المحافظة على الحياء العام وحماية الأعراض سدًا لذريعة التخوض فيها أو الوقوع في براثنها، ومن المعلوم أيضًا - أن وسائل توصيل المعلومات تُعتبر من أخطر الوسائل التي تستدرج الشباب والمشاهدين إلى طرق الرذيلة، ومن تلك الوسائل ما يعرف بـ "التيك توك"، وما يشابهه من مواقع وتطبيقات، حيث يبث مشاهد مختلفة، ومنها المشاهد الجنسية التي تُغري الشباب وغيرهم على المفاسد وتُحرضهم على النيل من المحرمات والتخوض في الأعراض، بل وقتل أنفسهم في بعض الأحيان، ومن ثم يكون منعها من الأمور الواجبة شرعًا". 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدا مستمرا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. 

الجريدة الرسمية