رئيس التحرير
عصام كامل

أمير الصحافة يسخر من فوضى الألقاب في مصر

فيتو

في مجلة آخر ساعة نوفمبر عام ١٩٤٩ كتب أمير الصحافة محمد التابعي مقالا يسخر فيه من صاحب المعالي وصاحبة العصمة وجميع الألقاب المتداولة في مصر، يقول:


رأيت أخيرا في الصحف أن وزارة العدل قد انتهت من إعداد مشروع قانون الألقاب وأرسلته إلى قسم التشريع في مجلس الدولة وينتظر أن يعرض هذا المشروع على البرلمان في دورته الحالية.

والواقع أن في مصر فوضى في الألقاب لا ضابط لها ولا حساب. ولقد كان هناك قانون صدر في عهد وزارة دولة صدقي باشا الأولى.. أي في عام ١٩٣٠ وكان القانون خاصا بالألقاب وحمايتها.. ولكن القانون المذكور ظل حبرا على الورق.. واستمرت الصحف وخصوصا في إعلانات الوفيات تنشر اسم المرحوم مقرونا بلقب بك أو صاحب السعادة وهذا تقدير محمود من جانب الورثة المعترفين بالجميل!

وفي هذه الأيام.. كل من يعتلي خشبة المسرح.. لقبه أستاذ وكل من يتصل بالموسيقى - حتى ولو كان عمله القرع على الطبلة.. لقبه أستاذ! وكل صرصار رفع صوته بالغناء.. تقدمه محطة الإذاعة وتنشر الصحف اسمه مقرونا بلقب أستاذ!

ويمكن للقارئ أن يجد في صفحة واحدة من الصحيفة الواحدة خبرا عن الأستاذ حامد جودة رئيس مجلس النواب وخبرا أو إعلانا عن الأستاذ إبراهيم البسطويسي الممثل بفرقة تياترو أبو الريش!

ومنذ سنوات وسنوات ثار عالم فاضل من علماء الأزهر الشريف وكتب إلى الصحف محتجا على لقب سيدة الذي تخلعه الصحف والإعلانات على سلطانة الطرب منيرة المهدية، وقال العالم الفاضل إن «سيد وسيدة» هما من ألقاب التشريف التي يجب قصرها على سلالة الرسول عليه الصلاة والسلام وإنه إذا جاز من باب الذوق والتسامح أن نخلعها على الحرائر المصونات المحجبات القاعدات في دور بعولتهن، فإنه لا يصح ولا يجوز أن نخلع اللقب على مغنية تظهر سافرة على خشبة المسرح أمام الجمهور مع أن منيرة المهدية - وهي كلمة حق - إذا قورنت بسواها فإنها سيدة بكل معنى الكلمة.

ولكننا نقرأ اليوم عن السيدة حرم صاحب المعالي فلان.. وعن «السيدة» نعيمة ولعة الراقصة المشهورة! ولا شيء في القانون يحرم هذا.. وفي مقدور أي راقصة أن تتخذ لنفسها نفس اللقب الذي يقرن باسم أكبر زعيمة جليلة في البلاد!

بل ليس في القوانين ما يمنع من الإعلان عن صاحب السماحة والإرشاد الأستاذ شكوكو. أو الأستاذ علي الكسار بربري مصر الوحيد! أو صاحبة العصمة الراقصة سامية جمال! وعلى كل عاطل أو هلفوت يعمل على مسرح في روض الفرج.. أو يجلس في شباك بيع التذاكر.. أو يقف بباب المسرح بجمع تذاكر الدخول من حقه - ولا جناح عليه - أن يتخذ لنفسه لقب أستاذ مثل أي وزير أو قاض أو محام كبير!

لعل القانون المقترح يضع حدا لهذه الفوضى.
الجريدة الرسمية