في ذكرى ميلاده، الدكتور مصطفى محمود يقدم نصائحه من أجل عام جديد
الدكتور مصطفى محمود، الطبيب والمفكر العالم فى امور الدنيا والدين، لقب بصاحب العلم والإيمان لتقديمه أكثر من 400 حلقة من برنامج يدور حول علاقة العلم بالإيمان ــ ولد فى مثل هذا اليوم 27 ديسمبر 1921.. رحل عام 2009 ــ يطالب فى كتاباته بمناسبة انتهاء عام وقرب استقبال عام جديد ان يقف الانسان وقفة مع نفسه ويوجه إليها أسئلة تحدد مصير خطواته مع عام جديد فكتب فى مؤلفه "الشيطان يحكم" تحت عنوان “ قل لى فيما تفكر”.
يقول الدكتور مصطفى محمود:هل أنت مشغول بجمع المال وامتلاك العقارات وتكديس الأسهم والسندات ـ أم مشغول بالجرى وراء المناصب وجمع السلطات والعيش فى هالة وحولك الحشم والخدم والسكرتيرات والإعلام، أم أن كل همك الحريم وموائد المنع ولذات الحواس، وكل غايتك أن تكون لك القوة والسطوة والغنى والمسرات؟ إذا كان هذا همك فأنت مملوك وعبد أسير مملوك لأطماعك وشهواتك، وعبد لرغباتك التي لا نهاية لها ولا شبع.
أنت سيد على نفسك أولا
يضيف الدكتور مصطفى محمود: فالمعنى الوحيد للسيادة هو أن تكون سيدا على نفسك أولا قبل أن تحاول أن تسود غيرك، وأن تكون ملكا على مملكة نفسك، وأن تتحرر من أغلال طمعك وتقبض على زمام شهوتك والقابض على زمام شهوته، المتحرر من طمعه ونزواته وأهوائه لا يكون خياله مستعمرة تحتلها النساء والكأس والمناصب والسكرتيرات، فالإنسان الحقيقي لا يفكر فى الدنيا التي يرتمي عليها الناس، خاصة وأنه لا يمكن أن يصبح سيدا بأن يكون مملوكا، ولا يبلغ سيادة عن طريق عبودية لشيء مهما كان، ولا ينحنى كما ينحنى الدهماء، ويسيل لعابه أمام لقمة، أو ساق عريان، أو منصب شاغر، فهذه سكة النازل وليس الطالع الذى يبنى مستقبلا مريحا يرضى الله عنه.

ويشرح الدكتور مصطفى محمود: هؤلاء سكان البدروم حتى ولو كانت اسماؤهم بشوات وبكوات، وحتى لو كانت ألقابهم أصحاب العزة وأصحاب السعادة، فالعزة الحقيقية هى عزة النفس عن التدنى والطلب والمذلة.
صولجان المحبة والاحترام
ويضيف: ممكن أن تكون رجلا بسيطا، لا "بك" ولا باشا، ولا صاحب شأن ولكن مع ذلك سيدا حقيقيا، فيك عزة الملوك وجلال السلاطين، لأنك استطعت أن تسود مملكة نفسك، وساعتها سوف يعطيك الله السلطان على الناس ويمنحك صولجان المحبة والاحترام على كل القلوب.
ويتابع: انظر إلى غاندى العريان البسيط كم يبلغ سلطانه، كان يهدد بالصوم فيجتمع مجلس العموم البريطانى من الخوف كأن قنبلة زمنية ستقع على لندن، وكان غاندى يجمع أربعمائة مليون هندى على كلمة يقولها كأنها السحر..هذا هو السلطان الحقيقى والملك الحقيقى الذى لا يزول.

وينصح الدكتور مصطفى محمود قائلا: الكنوز والسهر والقصور والثروات والنساء والعمارات مصيرها إلى زوال، فلن تأخذها معك إلى تابوتك، لكنها سوف تنتقل إلى الورثة، ثم إلى ورثة آخرين، ثم تصبح خرائب مع الزمن، ويصبح صاحبها فى طى النسيان، أما محبة الملايين فسوف تصاحبك فى تابوتك، وتظل علما على اسمك مدى الدهر، كما تفوح الذكرى عطرة، تفوح بالشذى كلما جاء اسمك على الألسن.
الاستغناء هو المعنى الحقيقى للحياة
ويضيف: المعنى الحقيقى أن تستغنى، والملكية الحقيقية ألا يملكك أحد، ولا تستولى عليك رغبة ولا تسوقك نزوة، والسلطة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة فى دولة القلوب كل يوم، وتذكر دائما أن الذين يملكون الأرض تملكهم، والذين يملكون الملايين تسخرهم الملايين ثم تجعل منهم عبيدا لتكثيرها وجعلها بلايينا، ثم تقتلهم بالضغط والذبحة والقلق، ثم لا يأخذون معهم مليما واحدا.. صدقنى هؤلاء هم الفقراء حقا.