بعد قرار البنك المركزي بخفض الفائدة.. خبراء: ينعش أسواق المال ويعيد توجيه بوصلة المستثمرين
جاء قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1% ليعكس تحسن مؤشرات التضخم وتوجهًا حذرًا نحو تيسير السياسة النقدية، ما يمهد لمرحلة جديدة في أسواق المال تتغير فيها أولويات المستثمرين وتظهر فرص استثمارية متنوعة تدعم النمو الاقتصادي.
وفي هذا السياق، قال الدكتور محمد عبد الباسط الخبير المالي، إنه بعد قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1%، تدخل أسواق المال مرحلة جديدة تتميز بإعادة تقييم الأصول وتغيير أولويات المستثمرين، مع توقعات بتأثيرات متفاوتة على البورصة والقطاع المصرفي والأنشطة الاستثمارية المختلفة.
تأثير خفض الفائدة على أسواق المال على المدى القريب
وتابع: يحفز خفض الفائدة الأسواق بشكل كبير، حيث يقلل من جاذبية الادخار التقليدي ويشجع على توجيه السيولة نحو الاستثمار وعلى المدى القريب، يُتوقع حدوث تحركات إيجابية في الأصول المرتبطة بالنمو، وخاصة الأسهم. كما سيؤدي ذلك إلى انخفاض نسبي في تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالنقد.

انعكاس القرار على البورصة والسيولة
وأوضح الدكتور محمد أن هذا القرار يعتبر دعمًا مباشرًا لسوق الأسهم، حيث يتجه بعض المدخرين إلى البورصة بحثًا عن عوائد أعلى، وتتحسن تقييمات الأسهم نتيجة لانخفاض معدل الخصم. كما تزداد السيولة المتداولة، خصوصًا في أسهم القطاعات الإنتاجية والعقارية والخدمية.
تأثير خفض الفائدة على القطاع المصرفي
وأشار إلى أنه على الرغم من انخفاض العائد على أدوات الدين والودائع، إلا أن تأثير ذلك على البنوك ليس سلبيًا بالكامل، حيث يمثل ضغطًا مؤقتًا على هوامش الربحية من الفائدة ومن المتوقع في المقابل أن يشهد الإقراض وتمويل المشاريع نشاطًا أكبر.
البدائل الاستثمارية الأكثر جذبًا
قال الخبير المالي: مع تراجع عائد الودائع، تتوجه الأنظار إلى:
- سوق الأسهم، وخاصة الشركات التي تقدم توزيعات نقدية منتظمة.
- العقارات، كوسيلة لحفظ القيمة والتحوط من التضخم.
- الذهب، كملاذ آمن في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية.
- الصناديق الاستثمارية المتوازنة، المناسبة للمستثمرين ذوي المخاطر المتوسطة.
نشاط سوق القروض والتمويل
ولفت إلى أنه يمكن أن يؤدي خفض الفائدة إلى:
- تعزيز الطلب على القروض الاستهلاكية وقروض الشركات.
- تشجيع التوسع الاستثماري للمشاريع القائمة.
- دعم تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما ينعكس إيجابيًا على النمو الاقتصادي.
المخاطر المحتملة التي ينبغي الانتباه إليها في المرحلة القادمة:
وأضاف عبد الباسط أنه على الرغم من جميع الإيجابيات، هناك مجموعة من المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار، أبرزها: التوجه غير المدروس نحو المخاطرة في بعض الأدوات الاستثمارية، إمكانية عودة الضغوط التضخمية إذا لم يتوازن النمو مع الإنتاج، وتأثر المستثمرين قصيري الأجل بتقلبات السوق.
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد معطي، خبير أسواق المال: اتخذ البنك المركزي المصري قرارًا بخفض سعر الفائدة بنسبة 1%، أي 100 نقطة أساس، وأشار إلى أن هذا التراجع يأتي في إطار انخفاض معدل التضخم السنوي الذي سجل 12.3% في نوفمبر الماضي، البنك المركزي يرى أن هذا الانخفاض في التضخم يعود بشكل كبير إلى تراجع أسعار السلع الغذائية بنسبة 0.7%، على الرغم من ارتفاع أسعار الوقود لكن الانخفاض الكبير في أسعار السلع الغذائية عوض عن زيادة أسعار الوقود.
وأوضح أنه بالتالي فإن معدل التضخم في مصر لم يرتفع كثيرًا وسجل 12.3%، وفي نفس الوقت، يتوقع البنك المركزي أن يصل إلى مستهدفاته من التضخم، والتي تبلغ 7% مع هامش زائد أو ناقص 2%، بحلول الربع الرابع من عام 2026. ومن المتوقع أيضًا أن يشهد العام المقبل مزيدًا من التراجعات في سعر الفائدة، وهو ما أشار إليه البنك المركزي كأحد الأسباب وراء خفض الفائدة اليوم، مما يعكس التزامه بسياسة نقدية تهدف إلى خفض الفائدة وتيسير الأوضاع النقدية خلال الفترة المقبلة.

وقال الدكتور أحمد: أحيي البنك المركزي على هذا الأمر، حيث بدأ في الفقرة الأولى بالحديث عن النمو الاقتصادي العالمي والتضخم العالمي، وهي نقطة في غاية الأهمية، نحن لا نتحرك بمفردنا، بل يجب أن نراقب كيف يتحرك العالم من حولنا.
وقد أشار البنك المركزي إلى وجود نمو اقتصادي على مستوى العالم، لكنه بطيء ونسبيًا، وهناك حالة من عدم اليقين بشأن السياسة التجارية والتوترات الجيوسياسية وبالتالي، هناك تضخم مستقر عالميًا، لكن يجب أن نكون حذرين بسبب هذه التوترات، وهذا يعني أننا، كبنك مركزي مصري، نتبع سياسة تيسيرية ولكن بحذر.
ولفت إلى أنه وفقًا للتوقعات وتحركات السوق العالمية، لن نقوم بخفض كبير في الفائدة نحن بالفعل شهدنا تراجعًا، ولكن كل مرة سيكون بمعدل 1% مثلًا. رأيي بشأن قرار البنك المركزي اليوم، وفقًا للبيان الصادر عنه، هو أنه يربط الاقتصاد العالمي، وأن هناك توترات لا تزال قائمة، لكن الأمور في مصر جيدة، ومع ذلك، سنحتاج إلى التحرك بحذر، ولن نتمكن من خفض الفائدة بشكل كبير مرة واحدة، مثل 2% أو 3%، بل يكفي خفضها بنسبة 1%.
ويرى أن قرار البنك المركزي هو قرار ممتاز للغاية، ويساهم في تعزيز النمو. وفيما يتعلق بالنمو، أشار البنك المركزي إلى أنه يتوقع أن يرتفع النمو بنسبة 5% بدلًا من 5.3%، ورغم أن توقعاته تراجعت، إلا أن هذا يعتبر جيدًا لأنه سيساهم في زيادة المعروض من السلع، مما سيقلل من التضخم.
وفيما يتعلق بتأثير هذا القرار على الاقتصاد، أوضح خبير أسواق المال إن أي انخفاض في سعر الفائدة يعد إيجابيًا لأنه يقلل من مديونية الدولة ويعزز الاتجاه نحو الاستثمار، حيث ستبدأ الشركات والأفراد في الحصول على قروض، مما سيساهم في عملية الإنتاج والنمو. كما سيؤدي ذلك إلى زيادة في مؤشرات البورصة، حيث ستظهر بدائل جديدة.
بالإضافة إلى ذلك أنه مع اقتراب موعد فك الشهادات في يناير المقبل، سيبدأ الناس في التفكير في خيارات بديلة، سواء كانت استثمار أموالهم في مشاريع جديدة أو صناديق استثمار أو الذهب أو البورصة. وبالتالي، ستبدأ حركة اقتصادية جديدة ومع ذلك، لا أقول إن كل الأموال التي ستُفك من الشهادات ستذهب إلى مكان معين، فجزء كبير من الناس سيبحثون عن استثمار أموالهم في مشاريع إنتاجية، لكن الجزء الأكبر قد يختار تجديد الشهادات مرة أخرى.