معركة الحسم في السودان.. الجيش يصر على تفكيك المليشيا قبل مفاوضات الهدنة.. وقوات الدعم السريع تواصل عملياتها القتالية في كردفان
تواجه الحلول السياسية صعوبة في تحقيق نتائج ملموسة للصراع في السودان، في ظل تمسك طرفي النزاع الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع بالقتال.
تفكيك مليشيا الدعم السريع
الجيش السوداني يصر على تفكيك مليشيا الدعم السريع قبل الحديث عن هدنة لوقف الحرب، بينما تصر المليشيا على فرض سيطرتها على ولايات دارفور ومناطق في كردفان وغرب السودان.
وهذا ما أكده رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، عن عدم قبول أي حل لا يفكك قوات الدعم السريع وينزع سلاحها.
وقال البرهان إنه ينبغي صياغة الدولة من جديد وفق أسس حقيقية، معلنًا التعبئة العامة في الجيش السوداني، ودعا المواطنين للانضمام إلى صفوف الجيش للتصدي لمليشيا الدعم السريع.
مليشيا الدعم السريع تواصل ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوداني
وعلى الرغم من إعلان مليشيا الدعم السريع هدنة من طرف واحد مدتها 3 أشهر، إلا أنها تواصل عملياتها القتالية في كردفان وتواصل ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوداني والحصول على دعم من جهات خارجية.
ومن جانبه يقول السفير أحمد حجاج مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الوضع الراهن في السودان يأتي نتيجة عدم حسم أي طرف من أطراف الصراع (الجيش السوداني، مليشيا الدعم السريع) للمعركة.
وأضاف أحمد حجاج أن الجيش السوداني بدأ تنظيم صفوفه لخوض معركة جديدة حاسمة تهدف لتوجيه ضربة موجعة لمليشيا الدعم السريع تجبرها على القبول بتفكيك نفسها وإلقاء سلاحها والقبول أن تكون ضمن المكون السوداني وليست قوة عسكرية مستقلة.
وأكد حجاج أن مليشيا الدعم تسعى إلى إنشاء دولة موازية للدولة السودانية في دارفور وغرب السودان، وكان هذا جليًا من خلال تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية بهدف فرض واقع جديد يضفي عليها شرعية، وهذا المخطط يهدف في النهاية إلى تقسيم السودان إلى دويلات.
وأوضح أحمد حجاج أن الجيش السوداني يدرك مخطط التقسيم الذي تسعى إليه مليشيا الدعم السريع، لذلك هو يرفض التفاوض معها كقوة عسكرية قائمة، واشترط تفكيك هذه المليشيا وتوحيد المؤسسة العسكرية وبناء دولة سودانية ذات مؤسسات موحدة يكون فيها الجيش السوداني هو المؤسسة العسكرية المسؤولة عن الدفاع عن البلاد وحماية مقدراتها.
وأشار حجاج إلى أن مليشيا الدعم تحاول تبرئة نفسها أمام المجتمع الدولي بعد الجرائم التي ارتكبتها من خلال إعلان هدنة لمدة 3 أشهر وإظهار أن الجيش هو من يرفض وقف الحرب ويصر على القتال.
ونوه حجاج إلى أن الحكومة السودانية رفضت ورقة المستشار الأمريكي مسعد بولس لأنها تهدف لتفكيك الجيش السوداني، وهو ما أكده البرهان واعتبرها فخًا للدولة السودانية يهدف لتنفيذ مخطط التقسيم، مشيرًا إلى أن الدعم السريع تحاول تشويه صورة الجيش من خلال ورقة الإخوان المسلمين.
وأكد حجاج أن تصريحات البرهان حول عدم وجود علاقة بين الجيش السوداني وجماعة الإخوان نسفت ادعاءات مليشيا الدعم السريع التي تستخدمها للضغط في المفاوضات، وأدرك البرهان أن الحل التفاوضي لن تؤتي ثماره إلا بعد إلحاق هزيمة كبيرة بمليشيا الدعم تجبرها على التفاوض والقبول بشرط التفكيك.
وأضاف حجاج أنه يجب العمل على توحيد مؤسسات الدولة السودانية وفق خارطة طريق تضمن تفكيك مليشيا الدعم السريع ودمجها في الجيش السوداني وترحيل المرتزقة الأجانب من البلاد منعًا لتكرار سيناريو ليبيا، وهو ما يضع البلاد في حالة جمود سياسي وتفكك يجعلها عرضة لمحاولة التقسيم.
وفي السياق ذاته قال الدكتور عادل الفكي الباحث السوداني، إن الجيش لن يتراجع عن دحر مليشيا الدعم السريع وطردها من المدن الرئيسية في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك من خلال استهداف الطائرات التي توصل الدعم للمليشيا من خلال مطار الفاشر أو حتى خطوط الإمداد التي تستخدمها الدعم السريع لتعزيز قواتها في دارفور ومعارك كردفان.
وأضاف عادل الفكي أن مليشيا الدعم تحاول فرض هدنة لمدة أشهر مع الجيش السوداني حتى تستطيع الحصول على دعم عسكري وإعادة تنظيم صفوفها، وهذا ما تؤكده المحاولات المتكررة لهبوط طائرات نقل عسكري تحمل عتادًا للمليشيا أو محاولات تسلل أرتال عسكرية ومرتزقة من مناطق حدودية، وهو ما يعكس النوايا الخبيثة لهذه المليشيا في توسيع عملياتها العسكرية للسيطرة على مزيد من الأراضي في كردفان وتنفيذ هجمات بالطيران المسير ضد الخرطوم، التي نجح الجيش في تطهيرها بشكل كامل وفرض سيطرته عليها وأعاد إليها الحياة من جديد.
وأكد عادل الفكي أن الدعم السريع لم يتوقف عن هجماته لمحاولة استهداف مطار الخرطوم الدولي لإيقاف حركة الطيران به، وذلك بهدف فرض واقع تستطيع من خلاله فرض إرادتها خلال المفاوضات.
وأوضح أن الحكومة الموازية التي يتبناها الدعم السريع لا تحظى باعتراف دولي، وهذا ما أكدته العديد من الدول وعلى رأسها مصر التي تدرك خطورة مخططات هذه المليشيا التي تسعى لتحويل الوضع في السودان إلى مشهد فوضوي من خلال تفكيك مؤسسات الدولة.
وأشار الفكي إلى أن الجيش السوداني لن يسمح للمليشيا بالسيطرة على مناطق حيوية أو مناطق حدودية، وهو ما يشكل تهديدًا على دول الجوار، بالإضافة إلى أن النجاحات العسكرية للجيش السوداني تعزز ثقة الشعب في قواته المسلحة وتفرض على المجتمع الدولي عدم الاعتراف بمليشيا الدعم السريع والضغط عليها للقبول بشروط التفاوض.
واختتم عادل الفكي حديثه قائلًا: إن التقارير الحقوقية التي أكدت أن مليشيا الدعم السريع ارتكبت جرائم حرب ستعزز موقف الجيش وتجعله يحظى بدعم دولي باعتباره المؤسسة الأمنية الموثوق بها من قبل الشعب السوداني وهي من تحفظ الأمن والاستقرار في البلاد.