فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

اليوم العالمي لإلغاء الرق، هكذا أغلقت الشريعة الإسلامية أبواب العبودية

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

يحتفل العالم اليوم 2 ديسمبر باليوم الدولي لإلغاء الرق والعبودية، ذلك اليوم الذي اتفق عليه وتم تحديده وفق اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع الاتجار بالبشر أو استغلال النساء في البغاء، والتي صدرت في مثل هذا اليوم عام 1949، جاءت هذه الخطوة من الأمم المتحدة بعدما تبين، وفق ما تظهره أحدث تقديرات منظمة العمل الدولية، أن العمل الجبري والزواج القسري قد زادا زيادة ملحوظة في السنوات الخمس الماضية.

وظهرت أشكال جديدة سميت بالرق الحديث، الذي يتمثل في العمل الجبري وحالات الزواج القسري والاتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي، وأسوأ أشكال عمل الأطفال والتجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة وغير ذلك.

نشأ نظام الرق والعبودية في الجاهلية قبل الإسلام، قام بعضها على الخطف والسرقة والبعض الآخر على الحروب، وعندما جاء الإسلام وجد الرق موجودًا في جميع المجتمعات، وجاء من مبادئه القضاء على الرق والعبودية التي كانت سمة المجتمعات، وبدأ بالدعوة أولًا إلى تحرير الرقاب وإطلاق سراح العبيد والإماء، لكنه اتخذ التدرج وسيلة لتحقيق ذلك تدريجيًا، فكان من أسبق التشريعات إلى محاربة الرق.

منع الشرع الرق تدريجيًا

وعن الرق في الإسلام، كان لدار الإفتاء ومنصة الأزهر تحليل لموقف الإسلام من الرق، فقالت دار الإفتاء المصرية بأن الإسلام جاء ليساوي بين الجميع دون أي تفرقة، فبدأ تدريجيًا في القضاء على أي تمييز بين البشر ومنها الاسترقاق، فلم يمنعه الشرع مرة واحدة، فأباحه في الحروب في البداية بدلًا من قتله، وحرم قتل المرأة في الحرب وجعل سيبها عوضًا عن قتلها.

آداب أوجبها الإسلام

كما حث الإسلام على العتق في مخالفات كثيرة في الحياة، كالعتق في رمضان، وعن القتل الخطأ، والحنث باليمين. ومع ذلك كان الاسترقاق مصحوبًا بآداب أوجبها الإسلام تجاه الرقيق، بحسن معاملتهم والرفق بهم، وعدم جواز إيذائهم، وحرمة الاعتداء عليهم، بل إنه جعل عتق العبد كفارة عن ضربه وإيذائه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: "من ضرب غلامًا أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه".

اليوم العالمى لالغاء الرق 
اليوم العالمي لإلغاء الرق

وظل الأمر كذلك، لكنه في زمن اشتد فيه التنافس بين الدول في تجارة البشر، اتجهت الاتفاقيات الدولية إلى منع الاسترقاق، وجاءت اتفاقية برلين الدولية عام 1860م، التي وقع عليها المسلمون مثلها كمثل باقي المعاهدات الدولية، التي تجفف منافع استعباد الإنسان بأي شكل كان، لتنهي تجارة الرقيق في العالم، وحل نظام السجن للأسرى بدلًا من الاسترقاق في الحروب، وأصبح كل البشر أحرارًا كما خلقهم الله تعالى، وليسوا محلًا للبيع أو الشراء.

تجفيف منابع الرق

أيضًا أكدت منصة الأزهر الإلكترونية في بيان لها على أن الإسلام، منذ جاء في القرن السابع الميلادي، كان يعمل على تجفيف منابع الرق القديمة، وكان تطبيقه للرق مع أسرى الحرب من قبيل المعاملة بالمثل، تطبيقًا لقوله تعالى في سورة البقرة: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين". بل جاء الإسلام أكرم وأنبل إذ أوجب معاملة الأسرى بالحسنى كالضيوف طوال فترة الأسر، لقوله تعالى في سورة الإنسان: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيما وأسيرًا".

المن والفداء للقضاء على الرق

كما أعطى الإسلام خيارين لم يذكر سواهما في القرآن الكريم وهما: المن والفداء، فقال تعالى في سورة محمد: "فإما منا بعد وإما فداء"، أي إما أن تطلق سراحه بدون مقابل، أو طلب فدية معينة لإطلاق سراحه، وقد تكون الفدية مالًا أو عملًا أو غير ذلك بما فيه منفعة للمسلمين.
 


وبذلك فتح الإسلام أبواب التحرير، وسهل سبل الخلاص أيضًا بالتقرب إلى الله بعتق الرقاب، لقوله تعالى في سورة البلد: "فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة؟ فك رقبة"، كما جعل الإسلام العتق باللفظ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لعب بطلاق أو عتق فهو كما قال" (النسائي).

أيضًا جعل الإسلام من مصارف الزكاة شراء الرقاب وعتقهم، لقوله تعالى في سورة التوبة: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب".

حقوق وحريات لم تتضمنها المواثيق

ومن ثم فالشريعة كان لها الفضل، وهي صاحبة السبق في تقرير حريات الإنسان المختلفة، حيث لم يسبقها إلى ذلك أي تشريع سماوي ولا وضعي، وقد تضمنت الشريعة حقوقًا وحريات لم تتضمنها قوانين، ولا دساتير الدول المتمدنة، ولا قرارات، ولا إعلانات المنظمات الدولية المختلفة.