بعد تصنيف الإخوان، هل تغير واشنطن قواعد اللعبة مع الجماعة؟
ما زال القرار الأمريكي بتصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي داخل مصر يثير الجدل في جميع أنحاء العالم حول خلفياته وتوقيته ودلالاته، خاصة أنه جاء في لحظة إقليمية شديدة الاضطراب، وتحمل آثارًا متشابكة تتجاوز حدود الملف المصري نفسه، وفي الوقت الذي تتباين القراءات السياسية حول دوافع واشنطن، تتجه الأنظار إلى كيفية انعكاس هذه الخطوة على مستقبل الجماعة وتحركاتها في الداخل والخارج.
أسباب إعلان الإخوان جماعة إرهابية
يقول منتصر عمران، الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن القرار يمثل تطورًا مهمًا في تعامل واشنطن مع الإخوان، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية ربطت تصنيفها للجماعة داخل مصر باعتبارات تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، وفق مراجعات داخلية اعتمدت على تقارير استخباراتية ودبلوماسية.
وبحسب عمران، تستند واشنطن إلى تقارير دولية تتحدث عن ارتباط بعض فروع الإخوان بجماعات مسلحة في الشرق الأوسط، وهو ما اعتبرته الإدارة دافعًا لتضييق مصادر التمويل والشبكات اللوجستية العابرة للحدود.
وأضاف أن القرار ليس معزولًا عن سياق إقليمي متوتر يضم تصعيدًا في غزة، وتحولات في سوريا، وتوترات في جنوب لبنان، وهو ما دفع الولايات المتحدة حسب تقديره إلى إعادة النظر في خريطة التنظيمات المؤثرة على الاستقرار في المنطقة.
ويشير باحثون في مراكز دراسات أمريكية وفق ما نقلته تقارير من أرشيف الكونجرس الأميركي لعام 2022 إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة راجعت وضع الإخوان أكثر من مرة دون الوصول لقرار مماثل، قبل أن تتجه إدارة بايدن إلى فرض تصنيف جزئي داخل مصر تحديدًا، باعتبارها الدولة التي تشهد أكبر نشاط سياسي سابق للجماعة.
يرى «عمران» أن هذا التصنيف يغلق آخر أبواب المناورة أمام قيادات الإخوان في الخارج، خصوصًا بعد سنوات من محاولة الضغط السياسي على القاهرة منذ سقوط حكم الجماعة في 2013.
مستقبل الجماعة بعد القرار وردود الفعل المتوقعة
حسب مراقبون، بداية من عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن اتجهت أمريكا إلى التحول تدريجيًا من سياسة الاستيعاب المشروط للتيارات الدينية إلى «التحجيم الوقائي» حيث أصبحت هناك قناعة داخل دوائر الأمن القومي بأن ترك شبكات تلك التنظيمات تعمل بحرية في الخارج ينعكس على استقرار الحلفاء في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد توسع نشاط جماعات مسلحة ترتبط فكريًا ببعض أجنحة الإخوان في ليبيا وسوريا.
يتفق مع ذلك منتصر عمران ويؤكد أن الخطوة الأمريكية ستدفع الجماعة إلى اتخاذ مسارين متوازيين، الأول التصعيد الإعلامي من خلال أذرعها في الخارج لتقديم نفسها كحركة سياسية سلمية، مع إعادة تدوير سرديات قديمة حول المظلومية، وهي الاستراتيجية التي ظهرت سابقًا في بيانات صادرة من إسطنبول ولندن بعد 2014، إضافة إلى ما رصده تقرير هيئة الإذاعة البريطانية في 2017 حول محاولات الجماعة مخاطبة الرأي العام الغربي.
أما المسار الثاني، فيتمثل – وفق تقديره – في السعي للطعن على القرار داخل المحاكم الأمريكية، بزعم غياب الأدلة الكافية أو الخلط بين فروع التنظيم داخل الإقليم موضحا أن الجماعة ستحاول استغلال ثغرات قانونية سبق أن استخدمتها منظمات أخرى، لكن نجاحها في ذلك يظل محل شك بسبب ما وصفه بـ«الملفات الثقيلة» التي تستند إليها واشنطن.
واختتم عمران تصريحه بالتأكيد على أن الشهور المقبلة محاولات إخوانية للبحث عن أرض سياسية بديلة، في محاولة للحفاظ على وجود التنظيم بعد الضربة القاصمة التي يمثلها القرار الأمريكي.