فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا اشتكى أقارب أمهات المؤمنين للرسول؟ الشعراوي يوضح (فيديو)

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي، فيتو

تناول الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره عن سورة الأحزاب، شكوى أقارب أمهات المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، موضحًا سبب تلك الشكوى ورد رسول الله عليهم.

 

سورة الأحزاب الآية 55

 قال تعالى: «لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا».

سورة الأحزاب الآية 55
سورة الأحزاب الآية 55

تفسير الشيخ الشعراوي للآية 55 من سورة الأحزاب 

قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: بعد أنْ نزلت آية الحجاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]، اشتكى أقارب أمهات المؤمنين وقالوا: حتى نحن يا رسول الله؟ فأنزل الله هذه الآية. {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ في آبَآئِهِنَّ} [الأحزاب: 55]، ومعنى {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ} [الأحزاب: 55].

 

شكوى أقارب أمهات المؤمنين إلى رسول

وأوضح الشيخ الشعراوي: أي: لا حرجَ ولا إثمَ أنْ يدخل عليهن هؤلاء المذكورون؛ لأن مكانتهم من المرأة معلومة، ولا يُخْشَى من دخولهم عليها، وهم: الأب، والابن، والأخ، وابن الأخ، وابن الأخت. والكلام في {وَلاَ نِسَآئِهِنَّ} [الأحزاب: 55]، وهي مضاف ومضاف إليه، والإضافة في اللغة تأتي بمعانٍ ثلاثة: بمعنى(مِنْ) مثل أردب شعير يعني: من شعير، وبمعنى (في) مثل (مكر الليل) أي: في الليل، وتأتي بمعنى(اللام) مثل مال زيد يعني لزيد، واللام هنا للملكية أو للاختصاص، فمعنى مال زيد يعني: مِلْك لزيد، وتقول: لجام الفرس، فاللجام ليس مِلْكًا للفرس، إنما يختص به.

وأكمل الشعراوي: فهنا كلمة {نِسَآئِهِنَّ} [الأحزاب: 55]، تأتي بمعنى(من) وبمعنى اللام أي: نساء لَهُنَّ، أو نساء منهن، ولا تأتي هنا بمعنى (في) إذن: فالمراد نساء منهن يعني: من قرابتهن أو نسائهن يعني: التابعين لهن مثل الخدم شريطة أنْ يكُنَّ مؤمنات؛ لأن المؤمنة هي المؤتمنة على المؤمنة، أما الكتابية أو الكافرة فلا يصح أنْ تقوم على خدمة المؤمنة؛ لأنها ربما تَصِفُها لقومها.

 

دقة التعبير القرآني

وتابع: لذلك نلحظ دقة التعبير هنا في عدم ذِكْر الأعمام والأخوال؛ لأن العم أو الخال- رغم أنه في منزلة الوالد- إلا أنه قد يصف البنت لابنه، فإنْ كان العم أو الخال ليس له ولد، فالعلة مفقودة، ويجوز التساهل معهما- إذن- في الدخول في المرأة، وإبداء الزينة أمامهما. وقوله تعالى: {وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [الأحزاب: 55]، قلنا: إن مِلْك اليمين يأتي من الأسرى في حرب مشروعة، وقد باشرتَ أَسْره بنفسك، بمعنى أنه لم يكُنْ حرًا، ثم أُخذ وبيع على أنه عبد، ثم بعد الأَسْر يمكن أن تأخذ مِلْك اليمين بأنْ تشتريه، أو تأخذه إرثًا، أو تأخذه هِبة، ومِلْك اليَمين قد يكون من النساء فتدخل في نسائهن، أو يكون من الصبيَان الذين لم يبلغوا مبلغ الرجال.

وأضاف: كما قال سبحانه في موضع آخر: {أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء} [النور: 31]، ويدخل في ذلك أيضًا التابعون الذين يعملون في البيت كالبوابين والسائقين والطباخين. إلخ، والشرع يتساهل مع هؤلاء؛ لأن العرف الاجتماعي يأبى أنْ تنشأ علاقة بين هؤلاء وبين أهل البيت، فهؤلاء التابعون يعملون في البيوت، وبها نساء وبنات جميلات، لكن كم من هؤلاء تجرّأ على أنْ ينظر إلى سيدته؛ ذلك لأن المركز الاجتماعي جعل بينهما حاجزًا.

 

واختتم: ثم يقول سبحانه: {واتقين الله} [الأحزاب: 55]. كأن الحق سبحانه يقول: لقد بينتُ لكُنَّ الحكم في الدخول على المرأة، وبينت الأنواع التي لا جناحَ عليكُنَّ في دخولهم، والحارس عليكُنَّ في هذا تقواكُنَّ لله، فتقوى الله هي التي تحملك على طاعته، وتمنعك من الخروج عنها، ويكفي بعد الأمر بالتقوى أنْ تعلم {إِنَّ الله كَانَ} [الأحزاب: 55]، ولا يزال {على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} [الأحزاب: 55].