فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

اختفاء ذهب "خالدة للبترول"، شبهات رسمية وتحقيقات سرية تهز القطاع

وزير البترول، فيتو
وزير البترول، فيتو

تتجه الأنظار هذه الأيام إلى شركة خالدة للبترول، حيث يتصاعد حديث همسًا في الأروقة والمكاتب حول اختفاء مخزون ذهبي كان يُحتفظ به كـ"عُهد رسمية".. هذه الجنيهات الذهبية والهدايا كانت تُستخدم لسنوات في المناسبات الاجتماعية وتكريم القيادات المحالة للمعاش، وفقًا لأعراف محاسبية دقيقة ومتبعة في قطاع البترول. لكن ما كان يُعد "عرفًا منظمًا" تحوّل اليوم إلى ملف غامض يثير القلق داخل المجتمع البترولي.

 

قصة الهدايا الذهبية ومخزون جنيهات الذهب 

بدأت القصة بعد توقف الشركة عن توزيع الهدايا الذهبية قبل سنوات، حيث بقي جزء من هذا المخزون مدونًا في السجلات الرسمية ودفاتر الجرد، وهو مخزون معروف ومحدد. منه ما كان يُمنح للموظفين في التكريمات، ومنه ما تلقته شركة خالدة من شركات عالمية شريكة مثل "أباتشي"، إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت تداول أحاديث متكررة عن "عبث" أصاب هذا المخزون، ثم تساؤلات صريحة عن اختفاء قطع ذهبية منه.

في تطور لافت، ورغبةً من رئيس الشركة الحالي، المهندس معتز عاطف، في إخلاء مسؤوليته عن هذا المخزون الموجود في خزينة الشركة، أبلغ الهيئة المصرية العامة للبترول بخطاب رسمي لكي تتسلم هذا المخزون. المفاجأة كانت أن الهيئة لم تكن على علم بوجود هذا المخزون في خزينة الشركة منذ عام 2011، مما يفتح الباب أمام تساؤلات جادة حول الرقابة والإشراف. 

وقد أكد أحد العاملين لـ"فيتو" أن "الجنيهات كانت مسجلة، ولها عهد ومسؤولون عنها، ومن فترة بدأ الكلام يزيد أن هناك فرقًا بين الموجود في الدفاتر والموجود فعليًا".

ومنذ صدور قرار وزير البترول بتعيين المهندس معتز أحمد عاطف رئيسًا لشركة خالدة، دخلت الشركة مرحلة من التغيير الإداري وصراعات جانبية معتادة في الشركات الكبرى. ومع هذا التغيير، يقول بعض العاملين إن الحديث عن اختفاء الذهب أخذ منحنىً أقوى، حيث بدأ الربط – سواء في الأحاديث الجانبية أو الرسمية – بين الإدارة الجديدة وسوء إدارة العُهد القديمة، حيث لا توجد اتهامات مباشرة حتى الآن، لكن الأسئلة تتزايد، وتشير التحقيقات السرية إلى تشكيل لجنة بالفعل لهذا الغرض لبحث ما إذا كان هناك عبث بهذا المخزون.

 

شركة خالدة للبترول تبدأ إجراء جرد داخلي سري لمخزون الذهب 

ووفقًا لمصادر متعددة داخل الشركة، بدأت خالدة بالفعل في إجراء جرد داخلي سري للمخزون الذهبي، حيث تعمل لجان محاسبية وقانونية "بعيدًا عن العيون" لمراجعة سجلات العُهد القديمة، والكميات المسجلة مقابل الكميات الفعلية، بالإضافة إلى آخر تواريخ تسليم الهدايا وهوية المسئول عن المخزون خلال السنوات الماضية. 

وقد أكدت مصادر لـ"فيتو" وجود فجوة رقمية واضحة بين ما هو موجود في الدفاتر وما تم العثور عليه فعليًا.

تجاوزت هذه القضية مجرد الحديث عن بضعة جنيهات ذهب، لتتحول إلى اختبار حقيقي للشفافية داخل واحدة من أهم شركات إنتاج البترول في مصر.. التساؤلات داخل الشركة اليوم تتجاوز قيمة الذهب، لتصل إلى: هل هناك تلاعب في العُهد؟ هل غابت الرقابة خلال فترات سابقة؟ هل تم تسليم الأصول بطريقة غير قانونية؟ أم أن الأمر لا يزال في إطار اللبس المحاسبي؟

 

مطالب بالإعلان عن نتائج الجرد 

ويطالب العاملون بالإعلان عن نتائج الجرد، معتبرين أن "الغموض أسوأ من الحقيقة". وقال موظف آخر: "لو ما فيش حاجة.. قولوا للناس.. ولو فيه حاجة اختفت فعلًا.. يبقى لازم يتحاسب اللي أخفاها". 

حتى كتابة هذا التقرير، تتعامل الشركة مع الملف بسياسة "الغلق التام"، دون توضيحات رسمية، لكن تسريب أخبار التحقيقات السرية جعل الموضوع يخرج من الغرف المغلقة إلى حديث عام بين المئات من العاملين، ومع وجود حركة رقابية أوسع في قطاع البترول مؤخرًا، قد يتحول هذا الملف في أي لحظة إلى تحقيق رسمي تتولاه جهات رقابية أو قضائية إذا ثبت وجود تلاعب.