تثبيت سعر الفائدة يرسم ملامح الاقتصاد.. خبراء: رسالة للمستثمرين باستقرار السوق المصري.. ويتفادى خروج رؤوس الأموال من القطاع المصرفي
بعد إعلان البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة، دخلت الأسواق في موجة من التساؤلات حول دلالات القرار وتداعياته المحتملة على الاقتصاد المحلي، لا سيما في ما يتعلق بمسار سعر الصرف ومستويات التضخم وثقة المستثمرين.
ويأتي هذا القرار في وقت يواجه فيه الاقتصاد ضغوطًا داخلية وخارجية تتطلب قراءة دقيقة لطبيعة المرحلة، ما يجعل مستقبل السياسة النقدية محط اهتمام واسع من الخبراء والمواطنين على حد سواء.
وفي هذا السياق قالت الدكتورة درية ماضي مدرس التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس لـ فيتو: إن قرار البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة يعكس رغبة واضحة في الحفاظ على استقرار سوق النقد خلال الفترة الحالية، في ظل ضغوط عالمية ومحلية تستوجب التخطيط بحذر شديد.
وأضافت أن مستقبل سعر الصرف سيظل مرتبطًا بعدة عوامل أهمها معدلات تدفق العملة الصعبة، وحجم الواردات، وسرعة تعافي قطاع السياحة والصادرات، مشيرة إلى أن البنك المركزي يتبع سياسة “الاستقرار المحسوب” لتفادي أي تقلبات حادة في قيمة الجنيه.
وأوضحت ماضي أن تثبيت الفائدة يرسل رسالة طمأنة للمستثمرين بأن السوق المصري يسعى للحفاظ على بيئة نقدية مستقرة، مما قد يساعد على تحسين توقعات سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة إذا تزايدت الإيرادات الدولارية من مصادرها المختلفة.
وأكدت أن سعر الصرف لن يشهد تحركات كبيرة في المدى القصير، وأن أي تغيير محتمل سيكون “مدروسًا” لضمان عدم ارتفاع معدلات التضخم مجددًا، مضيفة: «المرحلة الحالية تتطلب ضبطًا دقيقًا لإدارة السيولة، والمركزي يتحرك في اتجاه يمنع حدوث صدمات سعرية ويعزز ثقة المجتمع في العملة المحلية».
واختتمت درية ماضي تصريحها بالتأكيد على أن الاستقرار النقدي هو الأساس لأي تحسن اقتصادي، وأن استمرار تدفقات العملة الأجنبية وتحسن القطاعات الإنتاجية سيكونان العاملين الأكثر تأثيرًا في تحديد اتجاه سعر الصرف خلال الفترة المقبلة.

ويساندها الدكتور رامي الجالي، الخبير الاقتصادي قائلا: إن قرار الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير جاء في إطار محاولة البنك المركزي الحفاظ على معدلات التضخم ضمن الحدود الآمنة وتفادي أي موجات تضخمية مستقبلية، خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات التي تؤثر بشكل كبير ومباشر على أسعار معظم السلع والخدمات في السوق، وخاصة أسعار الخضراوات والغذاء والنقل والمواصلات.

تثبيت سعر الفائدة
وتابع: وبالتالي، فإن قرار التثبيت بعد سلسلة من التخفيضات السابقة لأسعار الفائدة يعد قرارًا إيجابيًا، كما أنه يمثل محاولة جيدة لتفادي خروج رؤوس الأموال من القطاع المصرفي من قبل المودعين وضخها في أدوات ادخارية أو استثمارية أخرى مثل الذهب أو الاتجاه نحو الدولار، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب والدولار.
تراجع الاحتياطي الأجنبي وضغوط الديون الخارجية
وأضاف الخبير الاقتصادي أن التثبيت الحالي لا يعني بالضرورة استقرار أسعار الصرف، ورغم أننا نشهد حاليًا موجة كبيرة من الانخفاض في أسعار الدولار، إلا أنني لا أرى أن ذلك يشير إلى استقرار أسعار الصرف، خاصة مع ارتفاع التزامات مصر الخارجية من أعباء الدين، وكذلك بعد انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي بحوالي 2.8 مليار دولار في الفترة الأخيرة ولا أتوقع أن يؤثر القرار بشكل كبير أو ملموس على أسعار الصرف.
واختتم الجالي حديثه قائلًا: في الفترة الحالية، وبالنظر إلى ارتفاع صادرات مصر، وكذلك إيرادات السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، ومع وصول دفعات صفقة علم الروم، فلا أرى مبررًا لأي ارتفاعات قد تكون قادمة في أسعار الصرف، وبالتالي أتوقع ثبات واستقرار نسبي في معدلات صرف الدولار عند مستويات تتراوح بين 47-52 جنيهًا للدولار الواحد.
تأثيرات ملحوظة على البورصة المصرية
من المتوقع أنه سيكون له تأثيرات ملحوظة على البورصة المصرية، وذلك وفقًا للظروف الاقتصادية الحالية والتوقعات المستقبلية.
اقرأ التالي: البنك المركزي يقرر تثبيت سعر الفائدة
حيث تأتي توقعات السوق باستقرار الأسعار حيث إن تثبيت أسعار الفائدة يعكس استقرار السياسة النقدية، مما قد يعطي إشارة إيجابية للمستثمرين في السوق المصرية بأن البنك المركزي يواصل سعيه لتحقيق استقرار الأسعار ومكافحة التضخم. هذا قد يُحفّز بعض المستثمرين على الاحتفاظ بمراكزهم أو دخول السوق بشكل أكثر تحفظًا.
الأسهم المصرفية
كما أن تثبيت الفائدة قد يكون له تأثير إيجابي على أسهم البنوك والشركات المالية، خاصة أن هذه الشركات تعتمد بشكل كبير على فروق الفائدة بين الإيداع والإقراض بالإضافة إلى أن التثبيت قد يساعد في تجنب أي تقلبات سلبية في أسعار الفائدة التي قد تؤثر على هوامش ربح هذه الشركات.
و بما أن أسعار الفائدة تؤثر على تكاليف التمويل، فإن تثبيت الفائدة قد يكون إيجابيًا لشركات الاستثمار العقاري، حيث لا يتوقعون زيادة مفاجئة في تكاليف التمويل، مما قد يعزز أرباحهم.

تأثير على الأسهم ذات الحساسية للاقتصاد الكلي
ومن المتوقع أن يكون لقرار تثبيت الفائدة تأثير متباين على أسهم الشركات التي تعتمد على الإنفاق الاستهلاكي أو الاستثمار الحكومي، إذا اعتقد المستثمرون أن الاقتصاد المصري قد يواجه تحديات في المستقبل القريب، بسبب التضخم أو ارتفاع أسعار الطاقة، فقد يختارون بيع أسهم الشركات المرتبطة بهذه القطاعات.
قطاع السلع الاستهلاكية في حال استمرار التضخم أو ارتفاع الأسعار، قد يكون هذا ضاغطًا على أرباح الشركات في قطاع السلع الاستهلاكية، مما يؤدي إلى ضغوط بيعية على أسهم هذا القطاع.
التوقعات المستقبلية
جدير بالذكر السيناريوهات المستقبلية إذا استمرت البيانات الاقتصادية في إظهار نموًا مستدامًا في الاقتصاد المصري وتحسنًا في قطاع السياحة والصناعة، قد يتحسن أداء البورصة على المدى المتوسط ومع ذلك، إذا استمرت الضغوط التضخمية أو انخفضت التوقعات الاقتصادية، قد يتراجع الأداء العام للسوق كما أن تثبيت أسعار الفائدة قد يكون له تأثير إيجابي على البورصة المصرية في المدى القصير، خاصة بالنسبة للقطاعات المصرفية والأسواق التي تعتمد على تكاليف التمويل، ولكن، في ظل التوقعات بارتفاع التضخم في المستقبل القريب، قد تبقى الأسواق متقلبة، حيث سيواصل المستثمرون مراقبة تطورات الأوضاع الاقتصادية المحلية والعالمية.