أزمة داخل نقابة المهن الموسيقية.. شطب مطربين وتحقيقات مع نجوم كبار.. منع القُّصر من الغناء بعد منتصف الليل.. استدعاء راغب علامة.. ومواجهة شرسة مع طارق الشناوي
تشهد نقابة المهن الموسيقية، في الفترة الأخيرة حالة من الجدل والصدامات الداخلية والخارجية، بعد سلسلة من القرارات الحاسمة التي أصدرها مجلس النقابة برئاسة الفنان مصطفى كامل، والتي طالت مطربين معروفين وشعبية واسعة، إلى جانب صراعات داخلية بين أعضاء المجلس وتصاعد التوتر بين النقابة وبعض العاملين في الحقل الفني والإعلامي.
هذه التطورات المتلاحقة وضعت النقابة في دائرة الضوء، وأثارت تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الفنانين والجهة المنظمة للمهنة، ومدى تأثير هذه القرارات على المشهد الغنائي في مصر.
قرارات شطب وتعليق عضويات تشعل الموقف
بدأت شرارة الأزمة حينما اتخذت النقابة قرارات حازمة بشطب عدد من المطربين من شعبة الأداء الصوتي، بسبب مخالفات وُصفت بأنها “مسيئة” لصورة النقابة وتمثل تجاوزًا لقواعد العمل الفني.
القرارات جاءت بعد متابعات دقيقة من لجان الرقابة الداخلية، التي لاحظت عودة بعض الأعضاء لنشر محتوى سبق التعهد بعدم تداوله.
القرار مثّل رسالة واضحة مفادها أن النقابة لن تتساهل بعد اليوم مع أي تجاوز، مهما كان حجم الفنان أو شعبيته.
هذه الإجراءات الصارمة تسببت في حالة غضب بين بعض الفنانين، بينما اعتبرها آخرون خطوة ضرورية لضبط المجال الذي شهد خلال السنوات الأخيرة انفلاتًا واضحًا في المحتوى الفني، خاصة مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي وتحوّلها إلى مسرح بديل للغناء بكل أشكاله.
تنظيم عمل المطربين القُصّر.. خطوة مثيرة للجدل
ومن بين القرارات التي خلقت حالة من الجدل، قرار النقابة بمنع الفنانين الذين لم يتجاوزوا 21 عامًا من الغناء في أماكن السهر والمنشآت السياحية بعد منتصف الليل، وقالت إن القرار هدفه حماية القُصّر من الاستغلال، والحفاظ على صورة المهنة ومكانتها، خاصة في ظل موجة جديدة من الأصوات الشابة التي تبحث عن الظهور بأي شكل.
البعض رأى في القرار خطوة جادة لحماية هؤلاء المطربين، بينما اعتبره آخرون تضييقًا على المواهب الصاعدة، خصوصًا أن عددًا منهم يعتمد على سهرات الليل في بناء جماهيريته وتطوير أدواته الفنية.
تحقيقات مع نجوم كبار وتوتر مع الإعلام
لم تتوقف الأزمة عند حدود المطربين الشباب؛ بل وصلت إلى مستويات أعلى، حينما استدعت النقابة الفنان راغب علامة للتحقيق معه بعد تصريحات ارتأت النقابة أنها “تجاوزت حدود اللياقة” وتضمنت إساءة غير مباشرة للمجتمع المصري، ورغم علاقة الاحترام المتبادل بين علامة والنقابة، إلا أن القرار أكد أن لا أحد فوق المساءلة.
في المقابل، اشتعل الموقف مع الإعلام حينما دخلت النقابة في مواجهة حادة مع الناقد الكبير طارق الشناوي، على خلفية تصريحات انتقد فيها أداء النقابة ووصف بعض قراراتها بأنها “ارتجالية وغير مدروسة”.
النقابة ردّت ببيان قوي وحذرت من “التطاول على كيانها”، لكن اللافت أن البيان جاء محمّلًا بأخطاء لغوية، ما عرضه لموجة سخرية على منصات التواصل.
خلافات داخلية تعصف بالنقابة
وعلى مستوى الداخل، لم يكن الوضع مستقرًا، إذ شهد مجلس نقابة المهن الموسيقية خلافات حادة بين عدد من أعضائه، وصلت إلى حد تقديم بلاغات رسمية وتبادل الاتهامات بإقصاء بعض الأعضاء من المشهد الداخلي. هذه الصراعات عمّقت الشعور بوجود انقسام داخل المجلس، وأثارت تساؤلات حول شفافية القرارات، وهل هي دائمًا في مصلحة المهنة أم تُستخدم كأداة للصراع الداخلي؟
القوة المالية للنقابة ودورها في تشديد الإجراءات
يبرز في خضم هذا الجدل عامل مهم وهو القوة المالية للنقابة، حيث كشف النقيب عن وصول أرصدة النقابة في البنوك إلى أكثر من 400 مليون جنيه، وهو ما يمنحها قدرة أكبر على فرض قراراتها بقوة، واتخاذ إجراءات قانونية وتنظيمية بعيدًا عن الضغوط أو الاحتياجات المالية. البعض يرى أن هذا الاستقرار المالي قد يكون دافعًا أساسيًا وراء النهج المتشدد الذي تتبناه النقابة في الفترة الأخيرة.
المشهد القادم.. إلى أين تتجه النقابة؟
في ظل هذا الكم من الصراعات والقرارات الحاسمة، يبدو أن نقابة المهن الموسيقية تمر بمرحلة إعادة هيكلة داخلية وصياغة جديدة لقواعد العمل المهني. القرارات الأخيرة قد تُحدث نقلة تنظيمية حقيقية في المشهد الغنائي، لكنها في الوقت نفسه قد تُفاقم الانقسام بين النقابة والفنانين، إذا لم تُدار بحكمة وشفافية أكبر.