فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الرقابة الصحية: قانون المسئولية الطبية يعيد بناء الثقة بين المريض ومقدم الخدمة

أحمد طه
أحمد طه

قال الدكتور أحمد طه، رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية: إن المنظومة الصحية في مصر تواجه اليوم تحديا حقيقيا يتعلق بقدرات القوى العاملة وبيئة العمل التي يعمل فيها الأطباء وأعضاء هيئة التمريض وباقي مقدمي الخدمات الصحية، مؤكدا أن هذا الواقع يتطلب تحركا سريعا لإعادة بناء بيئة مهنية عادلة تشعر الكفاءات بقيمتهم وتمنحهم الدعم الذي يستحقونه.  

وأوضح رئيس الهيئة، أن الأرقام تعكس فجوة واضحة بين ما تحتاجه مصر من كوادر طبية وما هو متاح بالفعل، بالإضافة إلى تزايد أعداد الممارسين الذين يعملون خارج المؤسسات أو خارج البلاد، وهو ما يجعل تبني سياسات جديدة قائمة على العدالة المهنية وحماية الممارسين وتوفير بيئة عمل محفزة على التعلم والنمو ضرورة ملحة لا يمكن تأجيلها. 

وقال طه: " أن وجود نظام صحي بلا معايير جودة هو ممارسة طبية عشوائية وغير منضبطة ولا يمكن البناء عليها"، مشيرا إلى أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي لمعايير "جهار" يتمثل في تقديم خدمات صحية متكاملة تراعي سلامة المريض وخصوصيته، وتقليل الأخطاء الطبية، وتحسين إدارة الدواء، ودقة التشخيص، إلى جانب ضمان سلامة وأمان مقدمي الخدمة الصحية وتدريبهم، وتوفير بيئة عمل آمنة داخل المنشآت الصحية، مؤكدا أن المعايير الصادرة عن GAHAR تمثل الدرع الحقيقي لحماية المنشأة وضمان استدامة جودة خدماتها، إلى جانب دورها في حماية البيئة وسلامتها. 

وأكد رئيس الهيئة، أن قانون المسئولية الطبية يشكل خطوة محورية لإعادة بناء الثقة بين المريض ومقدم الخدمة، من خلال إطار قانوني منضبط يحمي الحقوق ويعزز الممارسات الآمنة داخل المنظومة الصحية، موضحا أن القانون يتكامل بشكل مباشر مع معايير هيئة الاعتماد والرقابة الصحية (جهار)، التي توفر الإطار التطبيقي لضمان تنفيذ القانون بكفاءة، وتقليل الأخطاء الطبية، وتحسين بيئة العمل، لافتا إلى أن التوافق بين التشريع ومعايير الجودة يمثل الأساس لبناء نظام صحي أكثر عدالة  واستدامة.

جاء ذلك خلال كلمته بالجلسة النقاشية التي نظمتها هيئة الاعتماد والرقابة الصحية"جهار" بعنوان "رفع  كفاءة الكوادر الطبية..  نحو رعاية صحية أكثر أمانًا"، والتي عقدت ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية PHDC 25 في نسخته الثالثة، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الفترة من 12-15 نوفمبر 2025 بالعاصمة الإدارية الجديدة. 

شهدت الجلسة حضور نخبة من قيادات القطاع الصحي والخبراء الدوليين لمناقشة أفضل الممارسات والتجارب الدولية، وهم: الدكتورة ليزلي تومبسون، الرئيس التنفيذي لهيئة الاعتماد الكندية (Accreditation Canada) ومنظمة معايير الصحة (Health Standards Organization - HSO)، الدكتور عمر شريف عمر، الأمين العام للمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، الدكتور محمد لطيف، الرئيس التنفيذي للمجلس الصحي المصري، الدكتور ماهر فوزى، أستاذ التخدير والعناية المركزة ورئيس لجنة أخلاقيات البحث العلمي بكلية الطب- جامعة القاهرة،  الدكتور ميهي التحيوي، عضو مجلس إدارة هيئة الاعتماد والرقابة الصحية 

وخلال كلمتها، أكدت الدكتورة ليزلي تومبسون، الرئيس التنفيذي لهيئة الاعتماد الكندي (Accreditation Canada)، أن مشاركة العاملين في القطاع الصحي تمثل حجر الزاوية لتحقيق جودة الرعاية، باعتبارهم مصدر الأفكار الفعالة لتطوير المنظومة.

وأشارت إلى أن العمل المشترك يمكّن من التقدم الفعلي، مع استخدام مقاييس الأداء لمتابعة الإنتاجية، وثقافة العدالة، والابتكار، وقياس شعور الموظفين بالأمان عند مواجهة المشكلات، فضلًا عن تعزيز الثقة بين الإدارة والكوادر الصحية.

وشددت الدكتورة تومبسون على أهمية إعادة تصميم بيئة العمل الصحية لضمان احترام الممارسين من كافة التخصصات، وتوفير التدريب المستمر والأدوات اللازمة، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لتخفيف الأعباء الإدارية وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.

وأكد الدكتور عمر شريف عمر،  أن التوازن بين أعباء التعلم المستمر وممارسة المهنة يمثل تحديا حقيقيا للأطباء، خصوصا العاملين بالمستشفيات الجامعية، مشيرًا إلى أن هذه المستشفيات تمثل بيئة تعليمية وبحثية أساسية، إلى جانب تقديم خدمات عاجلة للمرضى.

الجمع بين التطوير العلمي المستمر وتقديم الرعاية العاجلة

وأضاف أن الجمع بين التطوير العلمي المستمر وتقديم الرعاية العاجلة يتطلب تنظيما دقيقا للوقت ودعم بيئة العمل، لضمان رفع مهارات الأطباء مع الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة، مؤكدا أن المنظومة الصحية الجديدة أدركت هذا التحدي، وجاء دور هيئة الاعتماد والرقابة الصحية "جهار"، والمجلس الصحي المصري لدعم الأطباء وتعزيز بيئة العمل وضمان جودة الرعاية. 

وشدد الدكتور محمد لطيف على ضرورة توحيد معايير التدريب بين مختلف القطاعات الصحية كأولوية قصوى لضمان جودة الرعاية الصحية، مؤكدا أن وجود مدربين معتمدين وبرامج تدريبية قوية يعد أساسا لبناء كوادر صحية بكفاءة عالية ومؤهلة لمواكبة متطلبات المنظومة الجديد، مؤكدا أهمية محوري الجودة والتدريب في رفع كفاءة العاملين بالقطاع الصحي. 

كما أوضح الدكتور ماهر فوزي، أن قانون المسئولية الطبية يمثل عقدا اجتماعيا بين مقدم الخدمة الصحية والمريض، مشيرا إلى أنه جاء نتيجة جهد كبير بذلته الجهات التشريعية، ويهدف إلى ضبط أي عشوائية في تقييم الأخطاء، وتمييز ما هو خطأ فعليا وما هو غير ذلك، مع توفير حماية واضحة لكل من يعمل داخل المنظومة الصحية وفق إطار قانوني محدد، بما يعزز الثقة بين المرضى ومقدمي الخدمة ويضمن ممارسة طبية آمنة ومستقرة.

وأضافت الدكتورة ميهي التحيوي أن للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دورا في تشويه الحقائق حول المضاعفات الطبية، مما قد يدفع المواطنين لاتخاذ مواقف متسرعة أو خاطئة، مشيرة إلى أن سلوكيات مثل العنف والتمييز والفساد المالي والإداري لا يمكن التسامح معها داخل المنشآت الصحية، موضحة أن المعايير الصادرة عن هيئة الاعتماد والرقابة الصحية "جهار" تتضمن مبادئ أخلاقية واضحة تطبق وفق سياسات محددة، ويتم تدريب الكوادر الصحية عليها لتصبح جزءًا من ثقافة وبيئة العمل، وهو ما يسهم في تقليل المشكلات بين المريض ومقدم الخدمة وتعزيز الثقة داخل المنظومة الصحية.

وأشار أيمن عباس،  إلى الدور الهام للإدارة الفعالة في الرعاية الصحية لضبط بيئة العمل للكوادر الطبية، مشددًا على ضرورة الإعلاء من شأن القيم بين أعضاء الفريق الواحد وأن يكون المعيار الأساسي في الحكم علي الأفراد هو مقدار ما يبذلونه من جهد وما يقدمونه لمؤسساتهم  لتحقيق أهدافها، كما أكد علي أن ضمان بيئة عمل عادلة ومحترمة لجميع مقدمي الخدمة الصحية، مع الحفاظ على حقوقهم والمساواة بينهم هو سر النجاح الحقيقي لأي مؤسسة.

وأوضح عباس أن "الجودة" ثقافة تحتاج للوقت والمجهود لنشرها وجعلها ركيزة أساسية للعمل داخل المنشآت الصحية.