فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

رحيل محمد صبري يعيد فتح ملف حوادث الطرق في مصر.. السرعة الزائدة والمخالفات والتهور وضعف المعرفة بقواعد المرور "أبرز الأسباب".. وخبراء يطالبون باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد النقاط السوداء

محمد صبري، فيتو
محمد صبري، فيتو

أعاد رحيل لاعب الزمالك السابق محمد صبري في حادث سير مأساوي، فتح النقاش حول واحدة من أكثر الأزمات إلحاحًا في مصر: حوادث الطرق. ورغم أنه حادث فردي، إلا أن رمزية اسم مثل صبري هزّت مشاعر الجماهير، ودَفعت إلى التساؤل مجددًا: ماذا يحدث على الطرق المصرية؟ وهل الجهود المبذولة للحد من الحوادث كافية بالفعل؟

أرقام متباينة: الوفيات تنخفض… لكن الإصابات في تزايد

تشير أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى انخفاض ملحوظ في وفيات الطرق خلال عام 2024 بنسبة تجاوزت 10٪ مقارنة بالعام السابق. لكن في المقابل، شهدت الإصابات ارتفاعًا لافتًا، ما يعكس مفارقة تحتاج إلى تفسير.

ويرى خبراء أن هذا الانخفاض في الوفيات قد يرتبط بتحسن نسبي في سرعة الوصول للخدمات الطبية، وارتفاع معدلات الأمان في بعض الطرق الجديدة، لكنه لا يعني بالضرورة تراجعًا شاملًا في خطورة المشهد المروري.

من الأكثر تعرضًا للخطر؟

تكشف الإحصاءات أن المشاة يظلون الفئة الأكثر تضررًا، يليهم قائدو الدراجات النارية ثم ركاب السيارات.

أما الفئة العمرية تحت 15 عامًا فهي الأكثر سقوطًا ضحية الحوادث، تليها الفئة من 15 إلى 25 عامًا، وهو ما يشير إلى مشكلة مجتمعية وسلوكية تتعلق بالسرعة والتهور وضعف المعرفة بقواعد المرور.

جغرافيًا، جاءت القاهرة في صدارة المحافظات الأكثر تسجيلًا للوفيات، بينما سجلت محافظات القناة والصعيد نسبًا متفاوتة، مرتبطة بطبيعة الطرق السريعة والمركبات الثقيلة.

جهود وزارة الداخلية.. حملات مستمرة ورقابة تكنولوجية متزايدة

تقوم وزارة الداخلية منذ مطلع العام بحملات مرورية مكثفة على الطرق السريعة والرئيسية. وتشمل الجهود:

تكثيف الرادارات الثابتة والمتحركة لرصد تجاوز السرعات.

استخدام كاميرات ذكية لرصد المخالفات تلقائيًا.

حملات على قائدي النقل الثقيل والتأكد من الالتزام بمسارات السير.

فحص عشوائي للسائقين للكشف عن تعاطي المخدرات خلال القيادة.

ضبط عشرات الآلاف من المخالفات يوميًا في بعض الحملات المكبرة.

ورغم هذه الجهود، يشير مختصون في السلامة المرورية إلى أن الرقابة وحدها لا تكفي، وأن الأزمة تحتاج إلى مقاربة شاملة تتضمن التعليم والبنية التحتية والسلوك المجتمعي.

خبراء الطرق يتحدثون: أين الخلل؟

يؤكد مهندسون وباحثون في هندسة الطرق أن 60–70٪ من الحوادث ترجع إلى العامل البشري، سواء كان نتيجة السرعة المفرطة، أو استخدام الهاتف أثناء القيادة، أو عدم الالتزام بالحارات المرورية.

ويرى آخرون أن تصميم بعض الطرق لا يزال يحتاج إلى تحسين، خاصة في ما يتعلق بـ: الإضاءة الليلية، لافتات التحذير، فواصل الطرق، مزلقانات السكك الحديدية، المعابر غير الآمنة للمشاة.

كما يقترح خبراء ضرورة اعتماد نظم ذكاء اصطناعي لتحليل بيانات الحركة على الطرق، واكتشاف النقاط السوداء التي تتكرر فيها الحوادث بشكل دوري.

أزمة سلوكية قبل أن تكون مرورية

يتفق الخبراء على أن جانبًا كبيرًا من المشكلة يتعلق بـ"ثقافة القيادة" في مصر.
فبين السرعة والرعونة وغياب احترام المشاة، يجد مستخدمو الطريق أنفسهم في بيئة تفتقد للانضباط الذي يُعد أساس السلامة المرورية.

ولهذا، يطالب متخصصون بحملات توعية ضخمة تستهدف: المدارس والجامعات، سائقي التاكسي والنقل، سائقي الدراجات النارية، مستخدمي الطرق السريعة.

إلى جانب إعادة النظر في نظام اختبارات رخص القيادة ليصبح أكثر صرامة وتدقيقًا.