محمد مهران: المشروع الأمريكي لإنشاء قوة دولية في غزة يفتقر لضمانات حماية الحقوق
كشف الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، عن تفاصيل وأبعاد المشروع الأمريكي المقدم إلى مجلس الأمن الدولي بشأن إنشاء قوة دولية في غزة، مؤكدا أن المشروع يتضمن جوانب إيجابية، لكنه يفتقر لضمانات أساسية لحماية الحقوق الفلسطينية.
وأكد مهران في تصريح خاص لـ"فيتو" أن الفكرة في جوهرها مصرية، موضحا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان أول من دعا إلى تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات تضم عناصر عربية وأمريكية ودولية لتأمين غزة بعد وقف إطلاق النار.
وأوضح أن الرؤية المصرية جاءت استباقية بهدف منع الفراغ الأمني ووضع آلية دولية فعّالة لمنع تكرار الانتهاكات.
وأشار مهران إلى أن المشروع الأمريكي يتضمن إنشاء ما يسمى بـ"قوة الأمن الدولية"، التي ستنتشر في غزة حتى نهاية عام 2027 على الأقل، بصلاحيات تنفيذية واسعة تتجاوز مهام حفظ السلام التقليدية، بحيث تتولى تأمين الحدود وحماية المدنيين وتدريب شرطة فلسطينية جديدة ونزع سلاح الفصائل ومراقبة الانسحاب الإسرائيلي التدريجي.
وأضاف أن المشروع يقترح إنشاء مجلس سلام يرأسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يتولى الإشراف على إعادة الإعمار وإدارة التمويل الدولي بالتعاون مع لجنة فلسطينية تكنوقراطية.
وأوضح مهران أن الأهداف المعلنة للمشروع تشمل إنهاء المعاناة الإنسانية لسكان غزة وضمان تدفق المساعدات بشفافية وإعادة الإعمار بإشراف دولي، ومنع تجدد الأعمال العدائية، وتدريب أجهزة أمنية فلسطينية محترفة، وتمهيد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع.
لكن أستاذ القانون الدولي حذر من مخاطر قانونية وسياسية جدية في المشروع بصيغته الحالية، مؤكدا أن غياب أي ذكر لحل الدولتين أو جدول زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية يمثل خللًا جوهريًا.
كما نبه إلى أن التركيز فقط على الجوانب الأمنية والإدارية قد يحول غزة إلى محمية دولية دائمة دون أفق سياسي واضح.
وحذر مهران من أن تتحول القوة الدولية إلى أداة لحماية الأمن الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية، أو أن تتحول الإدارة الانتقالية المؤقتة إلى إدارة دائمة تحل محل السلطة الفلسطينية الشرعية، مشيرًا إلى أن غموض بند نزع السلاح قد يستغل لنزع سلاح المقاومة قبل إتمام الانسحاب الإسرائيلي الكامل.
ووضع مهران شروطًا لقبول المشروع، أبرزها النص صراحة على أن الهدف النهائي هو عودة السلطة الفلسطينية لا خلق بديل عنها، ووضع جدول زمني ملزم للانسحاب الإسرائيلي الكامل، وربط نزع السلاح بإتمام الانسحاب وليس قبله.
كما دعا إلى ضمان مشاركة فلسطينية فعلية في القوة الدولية ومجلس السلام، وتفعيل الدور المصري والعربي كشريك أساسي في العملية، مع وضع آليات صارمة للشفافية والمحاسبة في إدارة التمويل والإعمار.
وختم الدكتور مهران تصريحه بالتأكيد على أن المشروع بحاجة إلى تعديلات جوهرية قبل التصويت عليه، مشددًا على ضرورة أن تضغط الدول العربية لإدخال تلك التعديلات، لأن القبول بمشروع ناقص ـ حسب وصفه ـ "قد يضر بالقضية الفلسطينية أكثر مما ينفعها".