فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى اتفاقية القسطنطينية، وثيقة حرية الملاحة التي تحدد التزامات قناة السويس أمام العالم

مندوبي الدول الموقعة
مندوبي الدول الموقعة على الوثيقة، فيتو

في 29 أكتوبر عام 1888، وقعت في العاصمة القسطنطينية اتفاقية حملت اسمها، لتنظم حرية الملاحة في قناة السويس، وتضع الإطار القانوني الدولي الأول لاستخدام الممر البحري الأهم في العالم، والاتفاقية جاءت في سياق تنافس القوى الكبرى على النفوذ في مصر عقب افتتاح القناة عام 1869، وتحديدًا بعد الاحتلال البريطاني عام 1882، الذي أثار خلافًا واسعًا حول تبعية القناة وإدارتها.

 

ما تفاصيل اتفاقية القسطنطينية؟ 

الاتفاقية وقعتها تسع دول هي، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والنمسا-المجر وإيطاليا وإسبانيا وهولندا والدولة العثمانية. ورغم أن مصر لم تكن طرفًا موقعًا بشكل مستقل، فإن نصوصها شملت الأراضي المصرية باعتبارها جزءًا من الدولة العثمانية وقتها.

نصت المادة الأولى على أن تكون قناة السويس حرة ومفتوحة دائمًا في السلم والحرب لكل السفن التجارية والحربية دون تمييز لجنسيتها، كما حظرت الاتفاقية أي عمل عدائي أو حصار داخل القناة أو في موانئها، وألزمت الأطراف الموقعة باحترام المنشآت المرتبطة بالممر الملاحي، لكنها سمحت لمصر باتخاذ إجراءات أمنية محدودة لحماية النظام العام والدفاع عن أراضيها.

ثغرات تأميم قناة السويس 

منحت الاتفاقية للقناة صفة دولية دائمة، وهو ما اعتبر مكسبًا قانونيًا لمصر في المدى البعيد، إذ استندت إليه في مرافعتها أمام المجتمع الدولي بعد قرار تأميم القناة عام 1956 ومع ذلك ظلت السيادة الفعلية على المجرى خاضعة للنفوذ البريطاني طوال فترة الاحتلال، ما جعل البنود المتعلقة بالحياد وحرية العبور موضع تطبيق انتقائي.

 

وضع اتفاقية القسطنطينية في الزمن الحالي 

من الناحية القانونية، الاتفاقية لا تزال سارية حتى اليوم، ولم تصدر معاهدة بديلة تنهيها، وإن كانت بعض بنودها قد علقت خلال الحروب العالمية أو الصراعات الإقليمية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. 

كما أعادت مصر بعد جلاء القوات البريطانية عام 1956 التأكيد على التزامها بمبادئها الأساسية، مع تطوير لوائحها الخاصة بإدارة القناة وفقًا لسيادتها الكاملة.

وبعد مرور 137 عامًا على توقيعها، تظل اتفاقية القسطنطينية واحدة من أهم الوثائق المؤسسة للنظام الملاحي الدولي، وأحد الأسس التي رسخت موقع قناة السويس كممر آمن محايد أمام التجارة العالمية، في ظل بقاء إدارتها تحت إشراف الدولة المصرية باعتبارها الضامن الفعلي لتطبيق روح الاتفاق.