مصر جاءت أولًا ثم جاء التاريخ.. العالم يشهد افتتاح المتحف المصري الكبير.. ووزير السياحة: يوم يليق بمكانة وحضارة "أم الدنيا" ونستهدف جذب 5 ملايين زائر
بدأ العد التنازلي لافتتاح أضخم متحف أثري في العالم، وهو المتحف المصري الكبير، الذي سوف يتم افتتاحه يوم السبت المقبل الموافق الأول من نوفمبر 2025، وسط اهتمام رئاسي وحكومي وشعبي رفيع المستوى.
المتحف المصري الكبير يعد واجهة جديدة تجسد عظمة الحضارة المصرية عبر العصور، حيث يقع على نحو 500 ألف متر مربع، وتجاوزت تكاليف إنشائه مليار دولار، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف فصول التاريخ المصري القديم من الدولة القديمة والوسطى والحديثة وحتى العصرين اليوناني والروماني. كما يعرض المتحف المصري الكبير لأول مرة مجموعة الملك توت عنخ آمون كاملة، فضلًا عن التيجان والتماثيل العملاقة والأعمدة الضخمة ومركب الشمس.
ومن المقرر أن يحضر حفل الافتتاح عدد كبير من ملوك ورؤساء العالم الذين تمت دعوتهم للمشاركة في هذا الحدث الفريد، وليشهدوا عن قرب عظمة الحضارة المصرية الخالدة.
"فيتو" بدورها توثق لهذه المناسبة المهمة في تاريخ مصر عبر هذا الملف الخاص.
ساعة الصفر
انتهت وزارة السياحة والآثار من استعداداتها لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير، والمقرر له في الأول من نوفمبر المقبل، والذي سيحظى بحضور سياسي مميز من عدد من قادة ورؤساء وملوك العالم، يتقدمهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي سيكون في مقدمة الافتتاح.
وزير السياحة والآثار شريف فتحي أكد أن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون لمدة يوم واحد، ووصفه بأنه سيكون حفلًا يليق بمكانة مصر وقيمة الحدث، وسيكون مختلفًا تمامًا عن حفل نقل المومياوات الملكية الذي نظمته مصر عند نقل 22 من مومياوات الملوك من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
وأضاف وزير السياحة والآثار أن الوزارة تستهدف جذب 5 ملايين زائر إلى حركة السياحة الوافدة إلى مصر مع الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، خاصة في ظل النجاح الذي حققه المتحف في استقبال الزائرين خلال التشغيل التجريبي والجولات الإرشادية التي كان ينظمها المتحف، والتي انتهت في 15 أكتوبر الجاري للانتهاء من التجهيزات النهائية لحفل الافتتاح، حيث كان يستقبل المتحف 5 آلاف زائر يوميًا.
من جانبه كشف الدكتور أحمد غنيم، رئيس هيئة المتحف المصري الكبير، عدة مفاجآت عن الافتتاح الرسمي للمتحف، أبرزها قاعتا الملك توت عنخ آمون، واللتان ستُعرض فيهما المجموعة الأثرية الكاملة للملك الذهبي لأول مرة في التاريخ منذ لحظة اكتشافها في البر الغربي بالأقصر على يد عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر في 4 نوفمبر عام 1922، حيث سيتم السماح للزائرين بدخول قاعات المتحف بشكل كامل لأول مرة في 4 نوفمبر، وذلك تزامنًا مع احتفالات الذكرى 103 لاكتشاف كنوز الملك الذهبي.
وأضاف رئيس هيئة المتحف المصري الكبير أن قاعتي الملك توت عنخ آمون ستعرضان المجموعة الأثرية الكاملة للملك، والتي تصل إلى 5300 قطعة أثرية لأول مرة في التاريخ في مكان واحد، بعد أن كانت موزعة بين متاحف ومخازن مختلفة، بما فيها العجلات الحربية، مشيرًا إلى أن القاعة مقسمة إلى عدة موضوعات منها الهوية والبعث والخلود.
وأوضح رئيس هيئة المتحف المصري الكبير أن التجربة داخل المتحف ستكون متكاملة وغنية للزوار من مختلف الأعمار، خاصة أن المتحف يضم متحفًا خاصًا للأطفال يتيح لهم التعرف على الحضارة المصرية بطريقة مبسطة وتفاعلية، كما يضم منطقة متكاملة من المحلات التجارية المخصصة لبيع المنتجات المرتبطة بالتراث والحضارة المصرية فقط، فضلًا عن وجود عدد كبير من المطاعم التي تقدم الأكلات المصرية الأصيلة، وذلك في إطار الحفاظ على الهوية المصرية للمكان، إضافة إلى المتحف الخاص بمراكب الشمس للملك خوفو، وذلك بعد نجاح نقل المركبة الأولى وتثبيتها في المكان المخصص لها، حيث تم توفير بيئة محيطة بها تحاكي مكان عرضها الأصلي بجوار الأهرامات، فيما ستخضع المركبة الثانية لتجربة عرض فريدة من نوعها، حيث سيتابع الزائر مراحل تجميع وترميم 1700 قطعة خشبية على مدار 3 سنوات أمام عينيه.
وأشار إلى أن عمليات نقل القطع الأثرية إلى المتحف المصري الكبير، والتي كان آخرها نقل آثار الملك توت عنخ آمون من المتحف المصري بالتحرير، تمت وفقًا لأعلى المعايير العلمية والفنية الدولية، حيث قام فريق العمل المتخصص بالمتحف بإعداد تقارير حالة تفصيلية لكل قطعة أثرية، إلى جانب تنفيذ أعمال التغليف والنقل بعناية فائقة، فيما قامت فرق الترميم بالمتحف بأعمال الصيانة والترميم اللازمة، ووضع القطع داخل فتارين العرض الدائم المخصصة لها بما يضمن تجربة مختلفة للزائرين.
من جانبه كشف الدكتور أحمد غنيم، رئيس هيئة المتحف المصري الكبير، أن أسعار تذاكر المتحف المصري الكبير ستظل ثابتة بعد الافتتاح الرسمي، مشيرًا إلى أن وزير السياحة والآثار شريف فتحي أكد أن أي تعديل في أسعار تذاكر المواقع والمتاحف الأثرية يتطلب إعلانه قبل العمل به بمدة لا تقل عن 6 أشهر، لتعريف الزائرين والسائحين وشركات السياحة ومنظمي الرحلات بالأسعار الجديدة للزيارة.
وأوضح رئيس هيئة المتحف المصري الكبير في تصريحات خاصة لـ«فيتو»، أن أسعار تذاكر الزائرين المصريين ستبدأ من 200 جنيه للزائر المصري، و100 جنيه للطلاب وكبار السن، فيما ستبدأ أسعار تذاكر الأجانب والعرب من 1450 جنيهًا، وتصل إلى 730 جنيهًا للطلاب وكبار السن، وتصل إلى 730 جنيهًا للأجانب والعرب المقيمين في مصر، أما فيما يخص الطلاب وكبار السن فتصل إلى 370 جنيهًا.
وأكدت المصادر أن المتحف يقدم جولات إرشادية، وتصل أسعارها إلى 350 جنيهًا للمصريين و175 جنيهًا للطلاب وكبار السن، أما فيما يخص الزائرين الأجانب والعرب فتصل أسعار التذاكر إلى 1950 جنيهًا، فيما تصل إلى 980 جنيهًا للطلاب وكبار السن، أما للعرب والأجانب المقيمين في مصر فتصل أسعار التذاكر إلى 980 جنيهًا، وتصل إلى 500 جنيه للطلاب وكبار السن.
وأوضح الدكتور أحمد غنيم أن أسعار تذاكر الأجانب والعرب سيطرأ عليها زيادات طفيفة تصل إلى 5 دولارات أو ما يعادلها من العملات الأخرى، حيث سترتفع أسعار التذاكر من 25 إلى 30 دولارًا أو ما يعادلها من العملات الأخرى.
ملوك الفراعنة يجتمعون هنا
أنهت الحكومة ممثلة في وزارة السياحة والآثار استعداداتها لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير، والذي وصفه وزير السياحة والآثار شريف فتحي بأنه سيكون حفلا مبهرا، ويختلف عن حفل نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة، خاصة أن الحفل سيتمركز في مكان واحد.
من جانبها، كشفت مصادر مطلعة بوزارة السياحة والآثار أن عدد الفنانين المشاركين في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيصل إلى 250 فنانا، بينهم 160 فنانا مصريا من الكورال والصوليستات وعازفي الآلات التقليدية والراقصين، إضافة إلى أوركسترا ضخم جرى تشكيله من نخبة العازفين المنتمين لأكبر الأوركسترات العالمية، تم اختيارهم بعناية لتمثيل 79 جنسية، حيث سيتضمن الحفل إبداعًا جديدًا ورؤية فنية غير مسبوقة من تأليف الموسيقار الكبير هشام نزيه.
وأضافت المصادر أن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيقوده مخرجا حفل نقل المومياوات الملكية، مازن المتجول وأحمد المرسي، وسيشمل العديد من الفقرات الفنية والاستعراضية التي ستحظى بمتابعة المشاهدين.
وأكدت المصادر أن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون حفلا مميزا، حيث تم الانتهاء من كافة الاستعدادات الخاصة بالحفل، ونقل ووضع القطع الأثرية داخل فاترينات العرض، مشيرة إلى أن قاعتي الملك توت عنخ آمون ستكونان مفاجأة الافتتاح، وسيكون أول من يدخلهما هو الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
ويعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، هي حضارة مصر القديمة، ويمتد على مساحة 490 ألف متر مربع، ويضم مدخلا رئيسا بمساحة 7 آلاف متر مربع، به تمثال للملك رمسيس الثاني، كما يضم أكثر من 57 ألف قطعة أثرية تروي تاريخ مصر عبر العصور، بالإضافة إلى الدرج العظيم الذي يمتد على مساحة حوالي 6 آلاف متر مربع بارتفاع يعادل 6 طوابق، ويعرض 72 تمثالا من أضخم الآثار.
كما يضم المتحف 12 قاعة عرض رئيسة بمساحة نحو 18 ألف متر مربع، وقاعات عرض مؤقت بمساحة حوالي 1700 متر مربع، وكذلك قاعات لعرض مقتنيات الملك توت عنخ آمون على مساحة تقارب 7.5 ألف متر مربع تشمل أكثر من 5 آلاف قطعة من كنوز الملك تعرض مجتمعة لأول مرة، بالإضافة إلى متحف الطفل بمساحة نحو 5 آلاف متر مربع، ومن المتوقع أن يجذب المتحف نحو 5 ملايين زائر سنويًا.
وتصل مساحة المتحف الكبير إلى 117 فدانا، يحتوي على عدد من القاعات التي ستضم القطع الأثرية، فتصل إلى 3 قاعات رئيسية، وتلك القاعات تضم 12 قاعة داخلية، إلى جانب قاعة الدرج العظيم وقاعتين للملك توت عنخ آمون، حيث تعرض مقتنيات الملك الذهبي بالكامل والتي تبلغ عددها 5398 قطعة، على مساحة 7000 متر مربع.
ويتألف الدرج العظيم، الذي يعد أحد معجزات المتحف والأول من نوعه في العالم، من مجموعة كبيرة من الملوك تكون في استقبال الزوار في أكبر متاحف العالم، ويضم حوالي 72 قطعة أثرية، ويتألف من 4 موضوعات رئيسية:
الأول خاص بالهيئة الملكية، من خلال عرض مجموعة متميزة من تماثيل الملوك التي مرت بمراحل تطور عديدة شهدها الفن الملكي في مصر القديمة.
الثاني خاص بالدور المقدسة وأماكن العبادة، حيث كانت مسئولية تشييد المعابد تقع على عاتق الملك، وكان حريصًا على صيانة مرافقها وتجميلها، وخصصت المعابد الجنائزية للملوك بعد وفاتهم، إذ كان يعتبر كل معبد بمثابة السكن الخاص بالمعبودات، وكانت أرواح هذه المعبودات تكمن في التماثيل الموضوعة أمام المعابد.
أما الموضوع الثالث فيروي علاقة الملوك بالمعبودات، إذ كانت توجد علاقة وطيدة بينهما في مصر القديمة.
والرابع والأخير يتناول الرحلة إلى الحياة الأبدية، حيث كان الموت عند قدماء المصريين بمثابة بوابة المرور إلى العالم الآخر والبعث والحياة الأبدية.
ويتكون المتحف المصري الكبير من 3 قاعات رئيسية: الدرج العظيم، و12 قاعة عرض داخلية، وقاعتين للملك توت عنخ آمون. وقد تم تخصيص القاعات من 1 إلى 3 لعرض آثار عصور ما قبل التاريخ وبداية الأسرات والدولة القديمة، والقاعات من 4 إلى 6 لعرض آثار الدولة الوسطى وفترة الانتقال الثاني، والقاعات من 7 إلى 9 لعرض آثار الدولة الحديثة، والقاعات من 10 إلى 12 لعرض آثار الانتقال الثالث والعصرين المتأخر واليوناني الروماني.
وبلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء المتحف المصري الكبير حوالي 1.2 مليار دولار، موزعة على 750 مليون دولار قروض، و550 مليون دولار تمويل من الحكومة.
مقصد سياحي جديد
يراهن العاملون بالقطاع السياحي على المتحف المصري الكبير -الذي سوف يتم افتتاحه يوم السبت المقبل- ليكون في صدارة المقاصد السياحية التي تغري الوفود الأجنبية على زيارة مصر خلال الفترة المقبلة؛ بسبب القيمة الأثرية النادرة له والتي لا يوجد له مثيل على مستوى العالم.
إلى ذلك أكد هاني بيتر، عضو غرفة شركات السياحة، أن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير يعد إضافة كبيرة للمعالم السياحية والأثرية لخريطة السياحة المصرية، ويجعل مصر دولة متفردة دون غيرها في عوامل الجذب السياحي، خاصة أن المتحف سيضم مجموعة متفردة من القطع الأثرية والتي ستُعرض بعضها للمرة الأولى في التاريخ مثل المجموعة الأثرية للملك الذهبي توت عنخ آمون، والتي ستُعرض بشكل كامل للمرة الأولى في التاريخ منذ اكتشافها في الأقصر عام 1922.
وأضاف عضو غرفة شركات السياحة لـ«فيتو»، أن افتتاح المتحف المصري الكبير ليس دليلًا فقط على عظمة الحضارة المصرية القديمة، بل يدل على مدى الحداثة والتطور في الدولة المصرية تحت رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي كان حريصًا منذ البداية على الاهتمام والنهوض بقطاع السياحة في مصر، وذلك من خلال الجولات الخارجية واستقبال الزيارات الرسمية للرؤساء والملوك داخل مصر، وهو ما كان له مفعول السحر في الترويج السياحي لمصر بالخارج.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تستهدف تحويل قطاع السياحة ليكون في صدارة القطاعات الأكثر إنتاجًا في الناتج القومي المصري، من خلال الافتتاحات الأثرية وعمليات الترميم والتطوير للمناطق والمتاحف الأثرية، وتهيئة البنية التحتية بالمطارات والمناطق السياحية لاستقطاب الوفود السياحية، فضلًا عن الجهود الترويجية لزعماء العالم لزيارة المناطق السياحية والأثرية في مصر، والتي كان لها فضل كبير في تحسين الصورة الذهنية عن السياحة المصرية بالخارج.
وأوضح أن خطة القيادة السياسية بإعادة رسم العلاقات السياسية لمصر مع دول العالم جعلت مصر هدفًا استراتيجيًا لكافة الوفود السياحية في العالم، خاصة في ظل العلاقات المتميزة التي تجمع مصر في الوقت الحالي مع أغلب دول العالم، مشيرًا إلى أن العالم أجمع حاليًا في انتظار الإبهار الجديد الذي ستقدمه مصر من حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، وذلك على غرار الترويج السياحي الكبير الذي شهدته مصر بعد حفلي نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وافتتاح طريق الكباش بالأقصر، مما أدى إلى احتلال مصر المكانة التي تستحقها بين الدول الجاذبة للسياحة الخارجية.
وقال إن الافتتاح المرتقب للمتحف المصري الكبير والصفقات الاستثمارية والسياحية التي وقعتها مصر مع الشركاء، مثل صفقة الاستثمار السياحي في رأس الحكمة ومشروعات الاستثمار السياحي على شواطئ البحر الأحمر، تستهدف تحويل مصر إلى مقصد سياحي مناسب لكافة الوفود السياحية، ويؤدي إلى تحويلها لمركز جذب عالمي لكافة شرائح السائحين، حيث تحول قطاع السياحة إلى رأس حربة أساسي في خطة مصر لزيادة الإيرادات الأجنبية في الناتج القومي، متوقعًا وجود زيادة بأكثر من 6 ملايين سائح سنويًا عن الأرقام التي تحققها مصر حاليًا فيما يتعلق بالحركة السياحية الوافدة من الخارج.
وتابع أن شركات السياحة لديها طلبات متعددة من منظمي البرامج السياحية بإدراج المتحف المصري الكبير ضمن برنامج الزيارة، مشيرًا إلى أن العالم في انتظار إعلان مصر افتتاح المتحف بشكل رسمي أمام الزائرين، خاصة أن المتحف سيضم عددًا من المقتنيات الأثرية التي ستُعرض لأول مرة وستكون بمثابة إبهار للزائرين من كافة دول العالم.