قطاع الخبراء يناشد وزير العدل إعادة تقييم أوضاع العاملين وتحديث منظومة المكافآت، ويؤكدون: زيادة الاستقالات وطلبات المعاش المبكر لسوء أوضاعهم المعيشية
تقدم عدد من خبراء وزارة العدل بمذكرة إلى المستشار عدنان الفنجرى، وزير العدل، تضمنت عرضًا شاملًا لمجموعة من المطالب التي تتعلق بأوضاع قطاع الخبراء، مشيرين إلى ما وصفوه بحالة من الارتباك الإداري والقصور المؤسسي التي تستدعي التدخل العاجل لإعادة الانضباط وتحسين بيئة العمل.
وعبّر خبراء وزارة العدل عن قلقهم من التحديات التي يواجهها القطاع خلال السنوات الأخيرة، مطالبين بمراجعة شاملة لأوضاعهم الإدارية والمهنية بما يضمن استمرار أداء رسالتهم في خدمة العدالة بكفاءة واستقلالية.
تضمنت المذكرة التي حصلت "فيتو" على نسخة منها، عرضًا شاملًا لمجموعة من المطالب التي تتعلق بأوضاع قطاع الخبراء، مشيرين إلى أن قطاع الخبراء يواجه أوضاعًا إدارية صعبة أثرت على أدائه واستقراره.
زيادة معدلات الاستقالات وطلبات الإحالة للمعاش المبكر بين الخبراء خلال الأعوام الماضية
أكد الخبراء في مذكرتهم أن الفترة الأخيرة شهدت زيادة ملحوظة في عدد الاستقالات وطلبات المعاش المبكر داخل القطاع، وهو ما اعتبروه مؤشرًا يستوجب الدراسة والتحليل لمعرفة أسبابه.
وأشاروا إلى أن هذه الظاهرة قد تُنبئ بتراجع الثقة في بيئة العمل الحالية، مما يدفع بعض الخبراء إلى مغادرة الخدمة بعد سن الخمسين أو البحث عن فرص خارج البلاد.
وطالبوا الوزير بإجراء مراجعة إحصائية خلال السنوات الخمس الماضية للوقوف على أسباب هذا التراجع، معتبرين أن استمرارها قد يؤدي إلى فقدان كوادر ذات خبرة تراكمية كبيرة في مجالات عمل حيوية داخل وزارة العدل.
مشاكل تنظيمية وإدارية داخل القطاع
أوضحت المذكرة المقدمة إلى وزارة العدل ملاحظات الخبراء على أسلوب الإدارة داخل القطاع، وأشاروا إلى عدد من النقاط التي يرون أنها تحتاج إلى مراجعة عاجلة، وأهمها:
1- الإحالات للتحقيق: أشاروا إلى صدور قرارات بإحالة عدد كبير من الخبراء للتحقيقات دون سند قانوني واضح، رغم صدور أحكام قضائية سابقة لصالحهم بإلغاء بعض هذه القرارات.
واعتبر الخبراء أن تكرار مثل هذه الإجراءات يؤدي إلى إرهاقهم ماديًا ومعنويًا، ويؤثر على سير العدالة الناجزة.
2. استحداث وظائف غير منصوص عليها: لفتوا إلى صدور قرارات بإنشاء ما يسمى بـ«المفتش المقيم» عام 2020، وهي وظيفة لم تكن موجودة من قبل، معتبرين أنها أحدثت ازدواجية في الإدارة وتداخلًا في الاختصاصات.
3. نقص مستلزمات العمل: أوضحت المذكرة أن المخصصات السنوية من الأدوات والمستلزمات لا تكفي لإنجاز العمل سوى لفترة وجيزة، مما يضطر بعض الخبراء إلى توفيرها على نفقتهم الخاصة، مطالبين بمراجعة الميزانية المخصصة لذلك.
4. ندب قيادات دون تدرج وظيفي: ذكر الخبراء أن بعض القرارات تضمنت ندب خبراء لشغل مواقع إشرافية رغم وجود من هم أعلى منهم درجة وخبرة، وهو ما اعتبروه نوعًا من المجاملة التي قد تضر بروح العدالة داخل القطاع.
5. تداخل الاختصاصات: أشار الخبراء إلى تدخل بعض المستشارين بالمكتب الفني في شؤون المكاتب وإصدار تعليمات مباشرة للخبراء، مما خلق حالة من الارتباك والتعارض بين التعليمات الشفهية والقواعد القانونية المنظمة للعمل.
6. تعطيل الترقيات: أوضحت المذكرة أن هناك تأخرًا في تنفيذ الترقيات لسنوات طويلة رغم استيفاء المدد القانونية، مع ترقية البعض واستبعاد آخرين، ما تسبب في إحباط بين العاملين.
7. ملف الإجازات: أشاروا إلى وجود بعض الممارسات التي تتعارض مع القوانين المنظمة لمنح الإجازات، خاصة إجازات رعاية الطفل والإجازات الاعتيادية، مؤكدين ضرورة الالتزام بالنصوص القانونية دون تقييدها بشروط إضافية.
8. بيئة العمل: تحدث الخبراء عن معاناة بعض المكاتب من مقرات غير مؤهلة وضعف الإمكانيات التقنية، مؤكدين أن ما يُعلن عن التطوير لا يعكس الصورة الواقعية في كثير من المحافظات.
أزمة الأجور والمكافآت والحوافز داخل قطاع الخبراء
وتطرقت المذكرة كذلك إلى عدد من الملاحظات الفنية والإدارية وضوابط صرف المكافآت والحوافز، وأبرزها:
مراجعة ضوابط صرف المكافآت والحوافز، حيث وصفوها إنها باتت تخضع لاجتهادات شخصية، مطالبين بوضع قواعد دائمة وموضوعية تضمن العدالة بين الجميع.
وطالب الخبراء في مذكرتهم بمعالجة ما وصفوه بـ«المحسوبية في الترقيات» لضمان تكافؤ الفرص، فضلا عن مراجعة نظام صرف حوافز قضايا الضرائب بمكاتب مجلس الدولة، والتأكد من صرف المستحقات لمن يقومون فعليًا بإنجاز تلك القضايا.
كما طالبوا بإعادة النظر في بدلات الانتقال الداخلية والخارجية، خاصة مع ارتفاع تكاليف المواصلات مقارنة بمعدل الحوافز المقررة، وكذلك تسوية أوضاع العمل المسائي ومقابل الساعات الإضافية بما يتناسب مع ظروف المعيشة الحالية.
وأشاروا إلى أن ما يُعرف بـ«أمانات الخبراء» التي تُسدد من قبل الخصوم في المحاكم لا تنعكس بالشكل العادل على العاملين بالقطاع، مؤكدين ثقتهم في عدالة الوزير وحرصه على تحقيق المساواة بين قطاعات الوزارة المختلفة.
وأكدوا أن الهدف من مطالبهم هو دعم كفاءة الأداء وتحقيق معدلات إنجاز أعلى في القضايا المعروضة أمامهم، بما يسهم في سرعة الفصل في النزاعات ودعم منظومة العدالة تحت قيادة الوزير.
كما طالبوا بتعديل القيم المالية الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1722 لسنة 1966، بشأن منح خبراء العدل طبيعة عمل.
وطالبوا أيضا تعديل القرار الوزاري رقم 3303 لسنة 2012 بشأن إعادة هيكلة حوافز الإنتاج، بحيث يتم صرف الحوافز على أساس المعدلات القياسية لكل خبير بما يعادل الأجر الشامل (الوظيفي + المكمل)، وبما يتناسب مع معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتعديل القرار الوزاري رقم 1230 لسنة 2009 الخاص بالمقابل المادي لساعات العمل المسائي، بدلًا من القيم الحالية، مراعاةً لزيادة الأعباء المعيشية، بالإضافة إلى تعديل القرار الوزاري رقم 4658 لسنة 2011 المتعلق بحوافز الإنتاج للوظائف الإشرافية.
وأكد الخبراء أن مطلبهم الأساسي هو إنقاذ القطاع من التراجع وتحسين بيئة العمل بما يضمن استمرار الخبرة الوطنية في خدمة العدالة.
كما أعربوا عن تطلعهم للقاء وزيرالعدل لعرض مقترحاتهم ومناقشة سبل التطوير، مؤكدين احترامهم الكامل لوزارة العدل وقياداتها، وثقتهم بأن سيولي هذه الملاحظات ما تستحقه من اهتمام حفاظًا على العدالة وكفاءة الأداء داخل القطاع.
وأكد الخبراء على التزامهم الكامل بمهامهم، مشيرين إلى أن هدفهم هو تحسين بيئة العمل وليس التصعيد، وأنهم يعرضون ما لديهم من ملاحظات بروح التعاون والإصلاح إيمانًا منهم بدورهم الوطني في دعم منظومة العدالة المصرية.
خبراء وزارة العدل يناشدون السيسي التدخل لحل أزمتهم
من ناحية أخرى، وجه نادي خبراء وزارة العدل رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، يناشد فيها تدخله لدعم جهود تطوير قطاع الخبراء وتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية، بما يتناسب مع الدور المهم الذي يقوم به الخبراء في تحقيق العدالة وخدمة مؤسسات الدولة.
وأوضح النادي في بيان له، أن مشروع تعديل القانون المنظم لعمل الخبراء ما زال قيد المناقشة منذ عدة سنوات، رغم موافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب عليه، الأمر الذي ترتب عليه استمرار الأوضاع الحالية دون تحسين، في وقت تتزايد فيه أعباء المعيشة والمسؤوليات الملقاة على عاتق الخبراء.
وأشار البيان إلى كثرة الاستقالات المقدمة من الخبراء والطلبات المقدمة للخروج للمعاش المبكر بسبب سوء الأحوال المالية.
وأشار البيان إلى أن القطاع يواجه بعض التحديات المتعلقة بآليات الإدارة وتوزيع المخصصات المالية، مما أثر على بيئة العمل داخل المقرات وأدى إلى زيادة الأعباء الواقعة على الخبراء، مؤكدًا أن تحسين بيئة العمل وتوفير الإمكانات اللازمة من شأنهما رفع كفاءة الأداء وتحقيق العدالة بصورة أسرع وأكثر دقة.
كما لفت النادي إلى أهمية مراجعة السياسات الإدارية داخل القطاع بما يحقق العدالة الوظيفية ويعزز روح الانتماء، مشيرًا إلى أن الاستقرار الإداري وتقدير الجهود المبذولة من الخبراء يمثلان ركيزة أساسية لتطوير الأداء وحفظ كرامة العاملين.
وأكد نادي الخبراء في بيانه بالتعبير عن ثقته في حرص القيادة السياسية على دعم جميع مؤسسات الدولة، معربًا عن أمله في أن تحظى مطالب الخبراء بالاهتمام اللازم، وأن يتم الإسراع في إقرار تعديل القانون بما يكفل حياة كريمة لهم ويعزز من دورهم في دعم منظومة العدالة وخدمة الوطن والمواطنين.