الطوفان.. تداعيات سد النهضة تدخل مرحلة الخطر الجاد.. إثيوبيا تظهر نواياها السيئة ضد مصر والسودان.. وخبراء: لابد من اتفاق ملزم لأديس أبابا
دخلت أزمة سد النهضة فصلًا خطيرًا، بعد أن نفذت إثيوبيا أولى أهدافها غير المعلنة بجعل السد مصدرًا للقلق والتخريب فى حوض النيل، بعد أن أقدمت أديس أبابا على افتعال فيضانات اصطناعية فى دولتى المصب، وتسببت فى خسائر كبيرة فى السودان ومصر.
الأزمة الأخيرة أبرزت دور الاتفاق القانوني الملزم الذى طالبت به مصر مرارًا للتعاون مع السودان وإثيوبيا فى إدارة تشغيل سد النهضة وتبادل المعلومات، للتنسيق فى تشغيل سدود نهر النيل خلال فترات الفيضانات أو الجفاف، حتى لا يحدث المشهد الذى شاهدناه مؤخرًا سواء فى السودان أو مصر.
الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة بجامعة القاهرة أكد أن إثيوبيا أطلقت خلال الأيام الماضية قرابة 7 مليارات متر مكعب من المياه، أحدثت فيضانًا محدودًا فى السودان ومصر، وهو ما لم يحدث منذ 55 سنة من افتتاح السد العالي، مضيفا: تلك الكميات تستوعبها السدود السودانية والسد العالي، لذلك يظل التساؤل حول كميات المياه التى أُطلقت فى مجرى نهر النيل وتسببت فى غرق أراضى طرح النهر، وهل كان الأمر يستدعى تصريف كميات كبيرة من مياه بحيرة ناصر إلى مجرى نهر النيل.
وأشار “نور الدين” فى تصريحات لـ”فيتو”، أن إثيوبيا أطلقت إنذارًا خطيرًا ومزدوجًا خلال الأسابيع الماضية مفاده: “إننا قادرون على إصابة أراضيكم بالجفاف فى أى وقت”، وهو ما حدث فى الأسابيع الأولى من شهر أغسطس بإغلاق إثيوبيا لبوابات السد والاكتفاء بفتحات التصريف السفلية التى كانت تطلق أقل من 200 مليون متر مكعب يوميًا وتسببت فى جفاف النيل الأزرق فى السودان، قبل أن تفعل العكس أيضًا وتطلق كميات كبيرة جدًا باتجاه السودان مؤخرًا وصلت إلى 750 مليون متر مكعب من المياه يوميًا من 4 بوابات للسد وتسببت فى فيضان محدود داخل السودان.
من جانبه أكد الدكتور علاء الصادق، أمين عام بنك المياه المصري: إن الوضع الحالى فى حوض نهر النيل يؤكد الحاجة إلى اتفاق قانونى ملزم بين مصر والسودان وإثيوبيا حتى يمكن تبادل المعلومات بين الدول الثلاث بشأن تصرفات سد النهضة الذى يقع على الحدود الإثيوبية السودانية، مشيرًا إلى أن تلك المهمة تصطدم بالتصورات الإثيوبية الموروثة التى تدعى امتلاكها لنهر النيل وأنها يجب أن تستغله لأقصى درجة لصالح شعبها دون النظر إلى الشعوب الأخرى المستفيدة من النهر.
وأشار الصادق إلى أن هناك سيناريوهات مختلفة تعتمد عليها وزارة الري، منها استغلال المياه المتدفقة فى مجرى نهر النيل بأقل الخسائر الممكنة، وأن ما حدث من غرق أراضى طرح النهر هو أقل الأضرار الممكنة، خاصة وأن المياه التى غمرت تلك الأراضى ذهبت إلى البحر المتوسط ولن تعوض، مضيفا: المشكلة المقبلة هى جفاف نهر النيل، وهو ما قد يمتد لسبع سنوات أو أكثر فى حوض النيل، وهو ما يؤكد أهمية التوافق مع إثيوبيا فى التوصل إلى اتفاق عادل، لأن سد النهضة الآن أصبح يهدد السلم الاجتماعى الداخلى فى مصر بتدميره لمقدرات المواطنين ومنازلهم ومزروعاتهم، وحتى لو كانت تلك الأراضى متعدى عليها من الأهالى لكن فى النهاية دور وواجب الدولة المصرية حمايتهم.
من جانبه قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إنه رغم التصرفات الإثيوبية الأحادية التى تسببت فى مشهد غرق أراضى طرح النهر بالدّلتا إلا أن السد العالى على أتم الاستعداد لاستقبال الإيراد السنوى الجديد الذى يبدأ فى الأول من أغسطس من كل عام والذى بدأ متأخرًا حوالى شهر خلال السنوات الأخيرة بسبب التخزين فى سد النهضة، وبدأ وصول المياه فى بداية سبتمبر الماضى بكميات تتعدى 600 مليون م³ يوميًا طوال شهر سبتمبر بسبب التصريف من السدود السودانية فى البداية ثم التصريف الكبير من سد النهضة خاصة بعد الافتتاح فى 9 سبتمبر الماضي، وبذلك يكون السد العالى فى بداية تخزين الحصة السنوية.
وأضاف إنه إذا اقترب منسوب بحيرة ناصر من 182 مترًا فإنه يتم فتح مفيض توشكى لتصريف الزيادة، خاصة إذا كانت الأمطار مستمرة بغزارة، وقد تضطر وزارة الرى إلى ضخ كمية أخرى زيادة مع الاستخدامات اليومية وصرفها فى البحر المتوسط عبر قناطر إدفينا على فرع رشيد، وهذا يؤدى إلى ارتفاع منسوب النيل وغرق بعض أراضى طرح النهر الأكثر انخفاضًا كما هو الحال فى المنوفية والبحيرة.
وأشار إلى أن التخزين مستمر بصورة منتظمة فى بحيرة ناصر، وأن الأمطار هذا العام كانت إجماليًا متوسطة أى حول معدلها الطبيعي؛ حيث كان النصف الأول أقل من المتوسط ثم أصبح أكثر قليلًا من المتوسط فى النصف الثاني، وأعتقد أننا لن نحتاج إلى صرف المزيد من المياه عبر النيل لأننا الآن فى نهاية موسم الأمطار ومازال التخزين فى السد العالى مستمرًا دون الحاجة إلى تفريغ فى النيل، وإذا اضطررنا فسوف نصرف الزيادة عن طريق مفيض توشكى إلى الصحراء بعيدًا عن نهر النيل حتى لا نتسبب فى ضرر لأى أراضٍ بما فيها طرح النهر.