الإغلاق الحكومي يضرب واشنطن.. توقف عمل مئات الآلاف من الموظفين الأمريكيين.. الدولار والذهب أكبر المتأثرين.. وهذه تداعياته على الأسواق العالمية
بعد الإعلان رسميا عن الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية، تجد واشنطن نفسها أمام مأزق سياسي واقتصادي يتجاوز حدودها، مهددا بترك مئات الآلاف من الموظفين دون رواتب وتعطيل خدمات حيوية، مما جعل هذا الإغلاق يصبح سمة متكررة للصراع الحزبي، ويثير تساؤلات حول أسبابه العميقة وتأثيراته المتوقعة على الأسواق المالية العالمية.
ما هو الإغلاق الحكومي الأمريكي؟
الإغلاق الحكومي الأمريكي، هو حالة تتوقف فيها الوزارات والهيئات الفيدرالية "غير الأساسية" عن العمل بشكل جزئي، ويحدث ذلك عندما يفشل الكونجرس، في تمرير مشاريع قوانين الإنفاق المطلوبة لتمويل عمليات الحكومة الفيدرالية للسنة المالية الجديدة، والتي تبدأ في الأول من أكتوبر.
في هذه الحالة، لا تتوفر الأموال اللازمة لتشغيل الوكالات والبرامج التي تعتمد على الإنفاق التقديري، مما يؤدي إلى إجازة إجبارية لمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين غير الأساسيين دون أجر مؤقت، بجانب استمرار الموظفين الأساسيين (مثل الجيش، أمن الحدود، مراقبة الحركة الجوية) في العمل، لكن دون تقاضي رواتبهم إلا بعد انتهاء الإغلاق وإقرار الكونجرس قانونا يمنحهم الأجر بأثر رجعي.

كما يؤدي إلى توقف الخدمات غير الأساسية، مثل إغلاق المتاحف والمتنزهات الوطنية، وتأخير بعض معاملات الضرائب والجوازات، واستمرار الخدمات الحيوية التي لا تعتمد على مخصصات سنوية، كالضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وخدمة البريد.
أسباب الإغلاق الحكومي الأمريكي
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإغلاق الحكومي في أمريكا، حيث يعد السبب الجوهري وراءه هو الجمود السياسي والخلاف الحاد بين الحزبين الرئيسيين (الجمهوري والديمقراطي) في الكونجرس والرئاسة بشأن مشاريع قوانين الإنفاق الفيدرالي، وهذا بالإضافة إلى الفشل في تمرير مشروع قرار تمويل مؤقت، مما أدى إلى تجاوز الموعد النهائي لبدء السنة المالية الجديدة.
كما تأتي من بين الأسباب أيضا الخلافات الجوهرية على أولويات الإنفاق، حيث يصر كل طرف على إدراج أو إزالة بنود تتعلق بملفات سياسية شائكة، مثل مستوى الإنفاق العام وتخفيضات الميزانية، وسياسات الهجرة وأمن الحدود، وتمويل الرعاية الصحية أو إقرار برامج اجتماعية معينة.
تداعيات الإغلاق الحكومي على الأسواق العالمية
على الرغم من أن الإغلاقات القصيرة تاريخيا، كان تأثيرها محدودا ومؤقتا على الاقتصاد الأمريكي والأسواق، فإن الإغلاق يمثل إشارة سلبية حول الخلل السياسي في أكبر اقتصاد في العالم، مما يزيد حالة عدم اليقين ويؤدي إلى تداعيات على الأسواق العالمية، وهذا ما جعل هناك تداعيات على الأسواق العالمية.

تشهد أسواق الأسهم العالمية، بما في ذلك مؤشرات وول ستريت، تراجعا في البداية، وفي المقابل، يزداد الإقبال على أصول الملاذ الآمن، مثل الذهب وسندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وبالنسبة للاقتصاد والناتج المحلي الإجمالي، فإن توقف جزء من العمل الحكومي، يؤدي إلى انخفاض في إنفاق الحكومة الفيدرالية، حيث تشير التقديرات إلى أن كل أسبوع إغلاق قد يكلف الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولارات من الناتج المحلي الإجمالي المفقود.
كما يتسبب الإغلاق في توقف وكالات مثل مكتب إحصاءات العمل عن إصدار بيانات اقتصادية حيوية، مثل تقرير الوظائف الشهري، ومؤشرات التضخم، وهذا النقص في المعلومات يضع الاحتياطي الفيدرالي، والمستثمرين في موقف صعب عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية أو الاستثمارية.
تأثيره على الدولار والذهب
أما بالنسبة للدولار، فإنه من المتوقع أن يواجه ضغطا نحو الانخفاض بسبب ضعف الثقة في الإدارة الأمريكية، لكنه قد يستفيد أحيانا كونه عملة الاحتياط العالمية التي يلتجئ إليها المستثمرون في أوقات الفوضى العالمية، وهذا بجانب دوره في دعم أسعار الذهب نحو الإرتفاع، مما يجعله يعزز الطلب على الأصول الآمنة، كما يعزز الإغلاق تصورا بأن العملية المالية والتشريعية في أمريكا معطلة، مما يقوض الثقة الدولية في قدرة الولايات المتحدة على إدارة شؤونها المالية والاقتصادية.