فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

الوباء الصامت، عقوبة التدخين السلبي الذي يخطف أرواح الأبرياء

التدخين، فيتو
التدخين، فيتو

يكفي أن يحترق رأس سيجارة في فضاء مشترك، حتى يتحول الهواء إلى خليط قاتل يتسلل إلى رئات الجميع دون استئذان، وهنا لا فرق بين من أشعل السيجارة ومن مر بجواره صدفة، فالضرر جماعي والصمت يخفي جريمة صحية تتكرر كل يوم.

والتدخين لم يعد «عادة شخصية»، بل خطر جماعي يتجاوز صاحبه ليصيب الآخرين. منظمة الصحة العالمية تصفه بأنه وباء يمكن تفاديه، ومع ذلك تشير الأرقام إلى ملايين الضحايا سنويًا، بينهم غير مدخنين دفعوا الثمن لأن الهواء المشترك تحوّل إلى أداة قتل بطيء.

ورغم الحظر القانوني داخل المستشفيات والمدارس ووسائل النقل والأماكن العامة المغلقة، يظل الالتزام ضعيفًا، بفعل غياب الرقابة أو ضعف الوعي. فالغرامات وحدها لا تكفي لبناء مجتمع صحي، بل الوعي بأن السيجارة في مكان عام ليست حرية شخصية، وإنما تعدٍّ على حق الآخرين في الحياة.

موقف منظمة الصحة العالمية

المنظمة لا تكتفي بالتحذير الأخلاقي، بل تتحدث بلغة الأرقام: ملايين الوفيات سنويًا ترتبط بالتدخين، وأكثر من مليون شخص يموتون بسبب التدخين السلبي وحده. هؤلاء لم يشعلوا سيجارة قط، لكن أجسادهم تحولت إلى ساحات معركة مع السموم.

ولإعادة الاعتبار لحق المواطن في "هواء نظيف"، نص القانون المصري رقم 154 لسنة 2007 على حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة وشبه المغلقة مثل:

المستشفيات

المدارس

وسائل النقل

الهيئات والمؤسسات الحكومية

العقوبات تبدأ من 50 إلى 100 جنيه للمدخن المخالف، وقد تصل إلى 10 آلاف جنيه لأصحاب المنشآت التي تسمح بالتدخين. لكن الهدف من التشريع ليس العقوبة وحدها، بل ترسيخ ثقافة جديدة تجعل من الصحة العامة أولوية.

من يطفئ السيجارة الأولى؟

التحدي الأكبر ليس في النصوص القانونية، بل في التنفيذ، ضعف الرقابة، غياب الوعي، وتجاهل العقوبات جعل من التدخين في الأماكن العامة تجاوزًا اجتماعيًا مقبولًا بدلًا من اعتباره جريمة صحية، وإذا لم يتحرك المجتمع كله، من صاحب المكان إلى المواطن العادي سيظل الهواء المشترك مرهونًا بدخان سيجارة واحدة.