فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

من قصص القرآن الكريم، موسى يعاقب السامري ويدمر العجل وهذا مصير من عبدوه

موسى يدمر العجل والله
موسى يدمر العجل والله يعاقب الكافرين، فيتو

نستعرض في السطور التالية مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.

هارون يدافع عن نفسه وموسى يستغفر له ربه

 

اكتشف موسى، عليه السلام، إقدام قومه على عبادة العجل، فأسقط في يده، وغضب غضبا شديدا.. ولما رجع موسى، عليه السلام، إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الألواح التي فيها التوراة، ألقاها، فيقال: إنه كسرها. وهكذا هو عند أهل الكتاب، وإن الله أبدله غيرها. وليس في القرآن الكريم ما يدل على ذلك، إلا أنه ألقاها حين اكتشف ضلال بني إسرائيل. 


كما يزعم أهل الكتاب، أنهما كانا لوحين. وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة، ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى، عن عبادة العجل، فأمره بمعاينة ذلك. 
جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد، وابن حبان، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الخبر كالمعاينة. ثم أقبل عليهم فعنفهم، ووبخهم، واستهجن صنيعهم القبيح، فاعتذروا إليه بحجج غير صحيحة; قالوا: "إنا حُمِّلنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري".

بنو إسرائيل وسرقة ذهب أهل مصر

حاولوا تبرير سرقة حلي وذهب أهل مصر وآل فرعون، وهم أهل حرب، ولم يتحرجوا بجهلهم، وقلة علمهم وعقلهم من عبادة العجل الجسد، الذي له خوار، مع الواحد الأحد، ثم أقبل على أخيه هارون، عليهما السلام، قائلا له: "قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعنِ"، أي: هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا، فقال: إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل، أي: تركتهم وجئتني، وأنت قد استخلفتني فيهم، "قال ربِّ اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين". 

وكان هارون، عليه السلام، نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشدَّ النهي، وزجرهم عنه أتم الزجر، قال الله تعالى: "ولقد قال لهم هارون من قبل ياقوم إنما فتنتم"، أي: إنما قدر الله أمر هذا العجل، وجعله يخور فتنة واختبارا لكم. "وإن ربكم الرحمن"، أي: لا هذا العجل "فاتبعوني"، أي: فيما أقول لكم، وأطيعوا أمري.
"قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى"، يشهد الله لهارون، عليه السلام، وكفى بالله شهيدا، أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك، فلم يطيعوه ولم يتبعوه.
بعدها التفت موسى، عليه السلام، إلى السامري، قائلا: "فما خطبك يا سامري"؟ أي: ما حملك على ما صنعت؟!. قال: "بصرت بما لم يبصروا به"، أي; رأيت جبرائيل، وهو راكب فرسا فقبضت قبضة من أثر الرسول أي; من أثر فرس جبريل.

موسى يعاقب السامري

وادعى بعض مؤرخي اليهود أنه رآه، وكان كلما وطئت بحوافرها على موضع، أخضر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع من الذهب، كان من أمره ما كان، ولهذا قال: "فنبذتُها، وكذلك سولت لي نفسي. قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس"، وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحدا; معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه. هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى فقال: "وإن لك موعدا لن تخلَفه"، قرئ: (لن نخلِفه). "وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا". قال: فعمد موسى، عليه السلام، إلى هذا العجل فحرقه، قيل: بالنار. وقيل: بالمبارد.. وهو نص أهل الكتاب.

موسى يدمر العجل، والله يعاقب الكافرين

ثم ذراه في البحر، وأمر بني إسرائيل فشربوا، فمن كان من عابديه، علق على شفاههم من ذلك الرماد منه ما يدل عليه، وقيل: بل اصفرت ألوانهم.
ثم قال لهم موسى: "إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما".


وتوعدهم الله تعالى: "إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين". وهذا ما وقع، وذكر بعض السلف: "وكذلك نجزي المفترين"، وهذا مصير كل صاحب بدعة إلى يوم القيامة. 


ثم تحدث الله، عز وجل، عن حلمه ورحمته بخلقه، وإحسانه على عبيده في قبوله توبة من تاب إليه، فقال: "والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم"، لكن لم يقبل الله توبة عابدي العجل إلا بالقتل، كما قال تعالى: "وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم" (البقرة: 54).

مقتل كل من عبدوا العجل

ويُروى أنهم أصبحوا يوما وقد أخذ من لم يعبد العجل في أيديهم السيوف، وألقى الله عليه ضبابا، حتى لا يعرف القريب قريبه، ثم مالوا على عابديه، فقتلوهم، وحصدوهم. فيقال: إنهم قتلوا في صبيحة واحدة سبعين ألفا. ثم قال تعالى: "ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون". استدل بعضهم بقوله: وفي نسختها على أنها تكسرت، وفي هذا الاستدلال نظر، وليس في اللفظ ما يدل على أنها تكسرت.


ورأى ابن عباس في حديث الفتون، أن عبادتهم العجل كانت على أثر خروجهم من البحر، وما هو ببعيد; لأنهم حين خرجوا "قالوا ياموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة".

ويذكر ذلك أهل الكتاب أيضا، فإن عبادتهم العجل كانت قبل مجيئهم بلاد بيت المقدس، وذلك أنهم لما أمروا بقتل من عبد العجل، قتلوا في أول يوم ثلاثة آلاف. ثم ذهب موسى يستغفر لهم، فغفر لهم، بشرط أن يدخلوا الأرض المقدسة.