فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

من الفوضى إلى التنظيم، ماذا يغير قانون وضع اليد في علاقة المواطن بالدولة؟

ملف التعديات على أراضي الدولة ظل لعقود أحد أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في مصر. فبين ممارسات وضع اليد العشوائي، وتداخل اختصاصات الجهات المالكة، وعدم حسم العلاقة بين المواطن والدولة، تحولت ملايين الأفدنة والأراضي المبنية إلى أمر واقع خارج السيطرة القانونية والتنظيمية. هذه الفوضى لم تكن مجرد قضية عقارية، بل انعكست على الاستثمار، والتخطيط العمراني، وموارد الدولة.

 

فلسفة قانون تقنين وضع اليد الجديد 

مع صدور القانون رقم 168 لسنة 2025 المعروف بـ"قانون تقنين وضع اليد"، سعت  الحكومة إلى وضع إطار عملي لإدارة هذا الملف الشائك. جوهر الفلسفة يقوم على التوازن بين حماية الملكية العامة ومنع النزيف المالي، وبين إتاحة فرصة للتقنين أو استغلال مؤقت للأراضي لحين الفصل النهائي في أوضاعها.

لذلك نصت المادة (10) على تحصيل "مقابل انتفاع" في الحالات التي يتعذر فيها إزالة التعدي مؤقتًا أو استحالة تقنين الوضع، مع التأكيد على أن هذا المقابل لا ينشئ أي حقوق لصالح واضع اليد.

ضمانات تنفيذ قانون تقنين وضع اليد 

حدد القانون مقابل الانتفاع بما لا يتجاوز 100 جنيه للمتر سنويًا في حالة الأراضي المبني عليها، و20 ألف جنيه سنويًا عن كل فدان زراعي، مع زيادة سنوية نسبتها 5%. 

وإذا قصرت الجهة الإدارية عن التحصيل، تُلزم المحافظة بالتدخل لتحصيل المبالغ، على أن يخصص لها 20% من الحصيلة لصالح مشروعاتها. كما ألزم القانون رئيس الوزراء بإصدار قرار شامل يحدد فئات المقابل وضوابط الإعفاءات الكلية أو الجزئية، ما يمنح مرونة تسمح بمراعاة اختلاف طبيعة الأراضي والمحافظات.

يمكن القول أن القانون لا يقتصر على كونه أداة تحصيل مالي، بل يمثل تحولًا في طريقة تعامل الدولة مع ملف التعديات. فهو يضمن تدفق موارد منتظمة من أراضٍ كانت خارج سيطرة الدولة بالأساس، وفتحت الباب أمام استثمارات مستقبلية في حال تقنين الأوضاع. 

وفي المقابل، يوفر المشروع غطاءً قانونيًا يحول دون استغلال واضعي اليد للوضع المؤقت كذريعة لاكتساب حقوق. وبذلك يسعى المشرع إلى إحداث توازن بين الردع والحلول الواقعية، بما يساهم في استقرار السوق العقارية وضبط النمو العمراني.