فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

من قصص القرآن الكريم، سر شجاعة السحرة في مواجهة تهديدات فرعون

قالوا آمنا برب هارون
قالوا آمنا برب هارون وموسى، فيتو

نستعرض في السطور التالية مشاهد من القصص التي وردت في كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، علنَّا نستخلص منها العبر والدروس التي تفيدنا في الدنيا، بتغيير سلوكياتنا إلى الأفضل، فنستزيد من الأفعال الطيبة، والتصرفات الراقية، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، فنفوز ونسعد في الآخرة.

معجزة موسى تذهل السحرة وتصدم فرعون

خاض سيدنا موسى، وسيدنا هارون، عليهما السلام، تحديا خطيرا، حيث تقدم موسى وألقى عصاه، فصارت حية عظيمة ذات قوائم، فيما ذكره غير واحد من علماء السلف، وعنق عظيم، وشكل هائل مخيف، لدرجة أن الناس خافوا منها، وهربوا سراعا، وتأخروا عن مكانها، وأقبلت هي على ما ألقوه من الحبال والعصي، فجعلت تلقفه واحدا واحدا، والناس ينظرون إليها، ويتعجبون منها. 


وهنا أيقن السحرة أنهم أمام معجزة يستحيل أن تكون بشرية، فقد رأوا ما هالهم وحيرهم في أمرهم، واطلعوا على أمر لم يكن في خلدهم ولا بالهم، ولا يدخل تحت صناعاتهم وأشغالهم، فعند ذلك تحققوا بما عندهم من العلم أن هذا ليس بسحر، ولا شعوذة، ولا خيال ولا زور ولا بهتان ولا ضلال، بل حق لا يقدر عليه إلا الحق الذي أرسل هذين الرسولين بالحق، وكشف الله عن قلوبهم غشاوة الغفلة، وأنارها بما خلق فيها من الهدى وأزاح عنها القسوة، وأنابوا إلى ربهم، وخروا له ساجدين، وقالوا جهرة للحاضرين، ولم يخشوا عقوبة ولا بلوى: آمنا برب موسى وهارون.

قالوا آمنا برب هارون وموسى

"فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى. قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى. قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى. إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى. ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى".

قال مؤرخون: لما سجد السحرة، رأوا منازلهم وقصورهم في الجنة تتهيأ لهم، وتزخرف لقدومهم، ولهذا لم يلتفتوا إلى تهويل فرعون، وتهديده ووعيده. وذلك لأن فرعون لما رأى هؤلاء السحرة قد أسلموا وأشهروا ذكر موسى وهارون في الناس على هذه الصفة الجميلة، أفزعه ذلك، فقال مخاطبا للسحرة بحضرة الناس: آمنتم له قبل أن آذن لكم؟!، أي; هلا شاورتموني فيما صنعتم من الأمر الفظيع بحضرة رعيتي؟!. ثم تهدد وتوعد، قائلا: "إنه لكبيركم الذي علمكم السحر"، وقال في الآية الأخرى: "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون" (الأعراف: 123).

القرآن الكريم يسجل تلك المشاهد الخالدة

وسجل القرآن الكريم تلك المشاهد الخالدة: "ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين. وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين. حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل. قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين. ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين. قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم. يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون. قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين. يأتوك بكل ساحر عليم. وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين. قال نعم وإنكم لمن المقربين. قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين. قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم. وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين. وألقي السحرة ساجدين. قالوا آمنا برب العالمين. رب موسى وهارون. قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون. لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين. قالوا إنا إلى ربنا منقلبون. وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين" (الأعراف: 103 – 126).