فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

محطات في حياة محمد حسنين هيكل.. علاقته بالإخوان المسلمين اتسمت بالرفض العميق.. عارض السادات.. وحافظ على مسافة نقدية مع مبارك

محمد حسنين هيكل،
محمد حسنين هيكل، فيتو

في الثالث والعشرين من سبتمبر تحل ذكرى ميلاد محمد حسنين هيكل، الصحفي الذي تحوَّل إلى أيقونة في الصحافة العربية، ليس فقط لأنه كتب مقالات شكلت الوعي الجمعي لعقود، بل لأنه كان شاهدًا وصانعًا في قلب السياسة المصرية والعربية.

 

مولد محمد حسنين هيكل

ولد محمد حسنين هيكل فى 23 سبتمبر عام 1923 بحي السيدة زينب الشعبي بالقاهرة، في بيئة متواضعة لكنها منحت الطفل طموحًا لا حدود له.

 

بدأ مسيرته الصحفية مبكرًا في جريدة "الإيجيبشيان جازيت"، ومن هناك شق طريقه نحو صدارة المشهد الإعلامي، حتى صار رئيس تحرير الأهرام في لحظة فارقة من تاريخها، فتحولت على يديه إلى واحدة من أهم الصحف في العالم العربي.

ارتبط هيكل بعلاقة استثنائية مع جمال عبد الناصر، جمعت بين الصحفي المقرب والسياسي الذي كان يحتاج إلى من يفسر رؤيته للعالم.

ولم يكن مجرد ناقل لأفكار الرئيس، بل مشارك في صياغة خطاب حقبة كاملة، حتى لُقّب بـ "كاتب الدولة". هذه العلاقة جعلته في قلب السلطة، لكنها أيضًا حمّلته مسؤولية أن يكون جزءًا من معاركها وانتصاراتها وانكساراتها.

 

لغز علاقة هيكل والسادات

مع أنور السادات، اتخذت العلاقة منحى آخر فقد عارضه هيكل منذ السنوات الأولى، خصوصًا بعد توجه السادات نحو الانفتاح الاقتصادي ثم كامب ديفيد. انتهت هذه المعارضة بإبعاده عن الأهرام عام 1974، ليكتب بعد ذلك أهم كتبه عن تلك الحقبة، موثقًا بخطوط واضحة خلافه مع الرئيس الذي ورث دولة ناصر.

 

أما مع حسني مبارك، فحافظ هيكل على مسافة نقدية، لم ينخرط في دائرة السلطة، بل ظل يكتب ويحاضر، مستندًا إلى ما راكمه من خبرة وذاكرة. وفي السنوات الأخيرة قبل ثورة يناير، كان صوته حاضرًا في نقد النظام وتعرية أزماته.

 

سر فض هيكل حكم الإخوان

علاقته بالإخوان المسلمين اتسمت بالرفض العميق، فقد اعتبرهم خارج مشروع الدولة الوطنية الذي آمن به منذ بداياته مع ناصر. وبعد وصولهم إلى الحكم في 2012، كان من أبرز الأصوات المحذرة من خطرهم على الدولة، مؤكدًا أنهم لا يملكون رؤية لبناء وطن جامع.

 

رحل هيكل في فبراير 2016 عن عمر ناهز 92 عامًا، تاركًا إرثًا صحفيًّا وسياسيًّا نادرًا. لم يكن مجرد صحفي، بل مؤرخًا حيًّا، جمع بين الخبر والحدث، وبين المقال والقرار. يظل إرثه حاضرًا في المكتبات العربية، ومن عشرات المقالات إلى حواراته الممتدة مع الشاشات.

 

وشارك محمد حسنين هيكل في تغطية بعض المعارك التي خلفتها الحرب العالمية الثانية، ثم التحق بمجلة آخر ساعة عام 1945 كمحرر، واستمر في العمل بهذه المجلة حتى أصبحت تحت ملكية جريدة أخبار اليوم، وخلال هذه الفترة عمل هيكل كمراسل متجول لجريدة أخبار اليوم لينقل الأحداث الجارية من كل مكان بالعالم سواء في الشرق الأوسط أو الشرق الأقصى.

حتى إنه سافر إلى كوريا وإلى أفريقيا وحتى البلقان، واستقر بمصر عام 1951 حيث تولى منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة وفي نفس الوقت مدير تحرير جريدة أخبار اليوم واستطاع من خلال وظيفته أن يتلمس الواقع السياسي الجاري في مصر خلال هذه الفترة، ثم عين رئيس تحرير جريدة الأهرام من بعد أن اعتذر عن هذا المنصب إلا أنه استمر فيه لمدة 17 عاما وكان له عمود أسبوعي خاص به تحت عنوان بصراحة حيث استطاع أن يكتب في هذا العمود لعام 1994.

 

وعلى مدى 74 عاما وهى رحلة الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، في بلاط صاحبة الجلالة، عاش خلالهم مع الرؤساء مؤثرا بأفكاره ومواقفه، الأستاذ كما يطلق عليه الكثير عاصر ملكين و7 رؤساء جمهورية، وساهم في صياغة السياسة في مصر منذ فترة الملك فاروق حتى حتى رحل عن عالمنا في 17 فبراير عام 2016.