فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

شطب وتأديب وفحص سنوي، قانون الطفل يفرض سطوته على مهنة التوليد

قانون الطفل، فيتو
قانون الطفل، فيتو

من أخطر المهن المرتبطة بصحة الأمهات والمواليد مهنة التوليد، ولهذا أفرد لها قانون الطفل نصوصًا خاصة، تضع إطارًا صارمًا لممارستها والمادة (8) حظرت مزاولة التوليد لغير الأطباء البشريين، إلا إذا كانت المزاوِلة مقيدة في سجلات وزارة الصحة كـ مولدة أو مساعدة مولدة أو قابلة.

ضوابط صارمة لمهنة التوليد

أما المادة (10) تلزم المرخص لهن بمراعاة الواجبات التي يصدرها وزير الصحة، مع إخضاع المخالفات لمساءلة تأديبية. ولضمان الانضباط، نص القانون على تشكيل مجلس تأديب في كل محافظة برئاسة مدير الشئون الصحية، بعضوية طبيب من قسم رعاية الأمومة والطفولة، وعضو من الشئون القانونية. هذا المجلس له صلاحية شطب اسم المخالفة نهائيًا أو وقفها عن المزاولة لمدة تصل إلى عام كامل، في حال ارتكاب تجاوزات تمس الشرف أو الكفاءة أو الاستقامة.

التزامات مهنية وإجراءات إدارية

المادة (9) شددت على ضرورة إبلاغ وزارة الصحة بأي تغيير دائم في محل الإقامة خلال 30 يومًا، وإلا جاز شطب اسمها من السجلات الرسمية. ومع ذلك، فتح القانون باب التظلم، حيث يحق للمشطوبة إعادة قيد اسمها بعد تصحيح البيانات ودفع رسم لا يتجاوز عشرة جنيهات.

هذه المواد تعكس فلسفة تشريعية واضحة: مهنة التوليد ليست مجرد حرفة، بل مسؤولية تمس حياة الإنسان في لحظة حرجة، ويجب أن تُمارس في إطار من الانضباط والشفافية.

ضوابة العناية بصحة الطفل في المدرسة

لم يقف القانون عند الولادة، بل مدّ حماية الطفل إلى سنوات الدراسة الأولى فالمادة (29) ألزمت أولياء الأمور بتقديم البطاقة الصحية ضمن أوراق الالتحاق بالمدارس قبل الجامعية، لتُحفظ في ملف الطالب، ويقوم طبيب المدرسة بتسجيل نتائج الفحوص السنوية فيها. وإذا لم تتوافر البطاقة، ألزم القانون ولي الأمر باستخراجها وفقًا للمادة (27).

وهذه الخطوة تهدف إلى متابعة الحالة الصحية للتلميذ على مدار سنوات دراسته، ورصد أي مشكلات صحية مبكرًا، في إطار نظام فحص دوري لا يقل عن مرة واحدة كل عام.

اختصاص محكمة الطفل

الشق القضائي في القانون جاء أكثر وضوحًا في المادة (123)، حيث حددت اختصاص محكمة الطفل بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو يقيم فيه الطفل أو وليه أو وصيه. كما أجازت للمحكمة الانعقاد داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية إذا اقتضت الضرورة، ما يعكس مرونة إجرائية تهدف إلى سرعة البت في القضايا الخاصة بالأطفال.

وبهذه المواد، يظهر أن قانون الطفل صُمم ليحاصر المخاطر التي قد يتعرض لها الصغير منذ اللحظة الأولى لميلاده، عبر ضبط مهنة التوليد، ثم يمد له مظلة حماية داخل المدرسة من خلال الفحوص الصحية، وأخيرًا يمنحه قضاءً متخصصًا يستجيب لظروفه الخاصة، فالقانون هنا لا يكتفي بالتشديد على العقوبات أو الإجراءات، بل يقدم فلسفة حماية شاملة تبدأ بالأم، وتشمل الطفل، وتضمن أن المجتمع كله شريك في المسؤولية.