فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

وُلِد الهُدى (الحلقة السادسة والعشرون)، شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم

شفاعة رسول الله صلى
شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتو

في شهر ربيع الأول، أشرقت الدنيا بنور النبوة، ووُلد خير من وطِئ الثرى، سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم، ذلك الميلاد الذي لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان بداية لفجر جديد أضاء ظلمات الجاهلية، وأعاد للإنسانية رشدها، وأرشدها إلى صراط الله المستقيم.

في هذه السلسلة المباركة، نتفيأ ظلال السيرة العطرة، ونستعرض بعضًا من مناقب الحبيب المصطفى، وصفاته الخُلُقية والخَلقية، وشمائله التي مدحها رب العالمين، وأثنى عليها السابقون واللاحقون من أهل الإيمان.

شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم


من مقامات التشريف التي منَّ الله، بها على سيدنا رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم، بالمقام المحمود، والمكانة الرفيعة، والمنزلة الجليلة، في الدنيا، ويوم القيامة، والشفاعة العظمى لجميع الخلائق.
فقد اختصه الله، سبحانه، من بين المرسلين جميعًا بالشفاعة؛ حيث قال عز من قائل له: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى" (الضحى).
وفي الحديث الشريف عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنّ النبيّ، صلوات الله وتسليماته عليه، يُقال له يوم القيامة: "سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ".
ويُروى عن أبي هريرة أنه قال: "قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ".

وشفاعة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، شفاعة خاصَّة، وهي الشفاعة للعالم أجمع، حين يشتد الموقف يوم القيامة، فيطوف الخلْق على الأنبياء يطلبون شفاعتهم حتى ينصرفوا من هول مشهد يوم القيامة، فيعتذر الأنبياء جميعًا إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيقبل الشفاعة، ثم تكون له أنواع أخرى من الشفاعة، حيث يشفع لفريق من المؤمنين بدخول الجنة بغير حساب، ولفريق آخر بدخول الجنة بعد أن استحقوا العذاب، ولفريق ثالث بإخراجهم من النار وإدخالهم الجنة ويشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كما صحَّ في حق عمه أبي طالب... وغير ذلك.


وشفاعة المصطفى، صلوات الله عليه، لا تتعارض مع حقيقة أنه ليس لأحد أو شيء في هذا الكون نفع أو ضر إلا بإذن الله، فمن آمن بذلك وعبد الله تعالى بصدق وإخلاص، ونال شفاعته صلى الله عليه وسلم كان أسعد الناس بها، وهذا من عظيم نعم الله على المؤمنين، أن يرزقهم فوق نعيم الفوز بالجنة والنجاة من النار شفاعةَ المصطفى صلى الله عليه وسلم التي ترفع درجتهم وتسعد بها نفوسهم، جزاء من ربك عطاءً حسابًا.