محمد عبد الجليل يكتب: قاعة العدالة تستغيث من قاتلة الأطفال الستة.. جدران المحكمة تصرخ صمتًا.. والأرضية والخشب الصامت يلعنها
في قاعة المحكمة، كان الصمت ثقيلًا ومخيفًا، وكأن الجدران نفسها كانت تنتظر بصمت وصول قاتلة أسرة كاملة.. الخشب القديم في القاعة والأرضية الباردة بدت وكأنها تستقبل جريمة لن ينساها أحد.
كان يومًا بطيئًا ومملًا، وكأن كل من في القاعة قد حبس أنفاسه قبل وصول المتهمة، لم يكن صمتا عاديا، بل كان مزيجا من الحزن والغضب الذي ملأ المكان. حتى الخشب في قاعة المحكمة، الذي اعتاد على رؤية كل أنواع البشر، بدا وكأنه يرفض وجود من قتلت عائلة كاملة.
الطريق إلى المحكمة كان رحلة ثقيلة
سيارة الشرطة كانت تتحرك ببطء شديد، وكل من يراها كان يتساءل عما تحمله خلف زجاجها. الجميع كان يعلم، لكن لا أحد كان يريد أن يصدق أن من أطفأت أنفاس ستة أطفال وزوجها "عائلة كاملة بسم الخبز"، هي الآن قادمة للقاعة.
في القاعة: طفل في حضن قاتلة عائلته!
دخلت القاعة، والمشهد كان كافيًا لتجميد الدم في العروق. لم تكن يدها مقيدة وحدها، بل كانت تحمل طفلها الرضيع.. كانت تستخدمه كدرع لها، وتحتمي به من نظرات الدهشة والصدمة.. لطفل، الذي لم يدرك بعد حجم المأساة، كان هو الطريقة التي تحاول بها كسب تعاطف القضاة.
هذه هي المرأة نفسها التي وضعت السم في الخبز على مائدة الطعام، لينهي حياة زوجها وأطفاله الستة.. ستة أرواح، لم تكتمل طفولتهم، وانتهت أحلامهم على يد من كان من المفترض أن تكون حنونة.
جاءت إلى هنا، إلى قاعة العدالة، التي بدأت طريقها للوصول إلى قرار نهائي. لكن أي قرار يمكن أن يداوي هذا الجرح؟ أي حكم يمكن أن يمحو هذه الصفحة السوداء من الألم؟ كانت دموع الأمهات تسيل بلا توقف، بينما كان صمت الحاضرين أبلغ من أي حديث.
في هذه القاعة، حيث تجتمع العدالة، كان الحزن هو سيد الموقف، والصدمة هي اللغة الوحيدة التي يتحدث بها الجميع. القضية لم تعد مجرد جريمة، بل أصبحت قصة تحكي عن قسوة لم يتخيلها أحد، وعن مأساة لا يصدقها عقل.
إنها قصة جعلت من الخبز شاهدًا على جريمة، ومن المحكمة مسرحًا للدموع. وبعد أولى الجلسات، ما زالت قلوب الجميع معلقة بمسار العدالة، على أمل أن يغلق هذا الجرح الغائر، وإن لم يمح أبدًا من الذاكرة