فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

مودود بن التونتكين، الأمير السلجوقي الذي قتل في محراب الجامع الأموي على يد "الحشاشين"

 مودود بن التونتكين،
مودود بن التونتكين، فيتو

تجل اليوم الذكرى الـ 912 لاغتيال الأمير السلجوقي مودود بن التونتكين، أحد أبرز حكام الموصل في بدايات القرن الثاني عشر، والذي مثّل اسمه إحدى المحطات الفارقة في تاريخ الصراع بين القوى الإسلامية والصليبية. 

وسقط الأمير قتيلًا في صحن الجامع الأموي بدمشق عام 1113، بعد صلاة الجمعة، في واقعة هزت المشرق الإسلامي وفتحت الباب أمام تساؤلات لم تخمد حتى اليوم عن الصراعات الداخلية التي عصفت بالجبهة الإسلامية في مواجهة الغزو القادم من الغرب.

نشأة مودود بن التونتكين

ولد مودود في كنف الدولة السلجوقية التي فرضت سيطرتها على العراق والشام والأناضول، حيث نشأ كقائد عسكري في خدمة السلطان محمد بن ملكشاه، وتدرج في المناصب حتى تولى حكم الموصل. 

وسرعان ما ارتبط اسمه بالحروب ضد الصليبيين الذين اجتاحوا المشرق منذ عام 1099 باحتلال القدس، وقاد الأمير السلجوقي عدة حملات جهادية، أبرزها حملته على الرها وحلب، وأصبح أحد الوجوه العسكرية الأكثر تأثيرًا في تلك الحقبة المضطربة.

لكن رغم نجاحاته العسكرية، ظل مودود أسير شبكة معقدة من التنافس بين أمراء البيت السلجوقي والزعامات المحلية بالشام. فقد دخل في خلافات مع حاكم دمشق طغتكين، رغم أن كليهما كان يواجه خطرًا مشتركًا متمثلًا في الصليبيين. 

وفي واحدة من تلك المفارقات التاريخية، كان الأمير قد دخل دمشق بدعوة للتشاور حول مواجهة الغزو، غير أن نهايته جاءت من قلب المدينة نفسها.

 

مقتل مودود بن التونتكين

في يوم الجمعة من عام 1113، وبينما كان يؤدي الصلاة في الجامع الأموي الكبير، باغته أحد أفراد جماعة الحشاشين فطعنه حتى أرداه قتيلًا، وتشير أغلب المصادر إلى أن عملية الاغتيال كانت بتحريض من بعض الأطراف السياسية المتضررة من نفوذه، وربطت بعض الروايات بين العملية وبين نفوذ الباطنية «الحشاشين»، الذين اشتهروا في تلك الفترة بتنفيذ الاغتيالات السياسية الكبرى.

واغتيال مودود لم يكن مجرد حادثة شخصية، بل ترك فراغًا في الساحة الإسلامية، بعد أن خسر العالم الإسلامي قائدًا واعدًا كان يعول عليهفي توحيد الصفوف ضد الحملات الصليبية، ورغم أن الموصل ظلت تحت الحكم السلجوقي، فإن غياب الأمير ساهم في تفاقم التشرذم السياسي والعسكري، وهو ما انعكس بوضوح في العقود التالية حتى ظهور عماد الدين زنكي ثم صلاح الدين الأيوبي.