بعد سقوط شبكة الجيزة، ما الذي ينتظر أصحاب محطات البث غير الشرعية؟
محطات البث غير الشرعية، نشاط يوازي في خطورته جرائم القرصنة الإلكترونية والسطو على الملكية الفكرية، والواقع يكشف أن هناك من يقيم محطات كاملة لإعادة بث القنوات الفضائية المشفرة وغير المشفرة، مستخدمًا معدات متطورة ووسائل تمويه، ثم يعيد تمرير المحتوى بشفرة خاصة به، متربحًا على حساب الحقوق الأصلية للقنوات والشركات، كما حدث مع شبكة الجيزة التي سقطت في يد الأمن، وتم القبض على أفرادها لنفس الأسباب.
كيف يتعامل القانون مع بث القنوات دون ترخيص؟
القانون المصري تعامل مع هذه الظاهرة من أكثر من زاوية، فوفقًا للمادة (181) من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، فإن أي اعتداء على الحقوق الأدبية أو المالية لأصحاب المصنفات يعد جريمة يعاقب مرتكبها بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة من خمسة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه، أو بإحدى العقوبتين.
وإذا تكرر الفعل، تضاعف العقوبة، مع مصادرة الأجهزة وغلق المنشأة التي ارتكبت فيها الجريمة، وهذه المادة تنظر إلى المحتوى باعتباره ملكية فكرية لها حرمة مثل حرمة الأموال المادية.
البث غير المشروع، جريمة اعتداء على السيادة
لكن الأمر لا يتوقف عند الملكية الفكرية فقط، إذ يرى قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 أن إقامة أو تشغيل محطات بث دون ترخيص يشكل اعتداءً على أمن الدولة المعلوماتي والاقتصادي معًا.
وتنص المادة (72) على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة تصل إلى خمسين ألف جنيه، لكل من أقام أو أدار شبكة اتصالات أو مرر خدمات دون الحصول على الترخيص. وهنا يدخل البث غير المرخص في إطار الجرائم الماسة بالسيادة، لأنه يتجاوز سلطات الدولة في ضبط ما يُبث على أراضيها.
يمكن القول إن خطورة هذه القنوات لا تنحصر في خسائر الشركات التي دفعت ملايين الدولارات لشراء حقوق البث، بل تمتد لتضرب الثقة في سوق الإعلام المرخّص، وتفتح الباب أمام بث محتوى غير خاضع للرقابة أو المعايير المهنية وهو ما يجعلها مصدر تهديد مزدوج من ناحية يضر بالاستثمارات، وومن ناحية آخرى هو تهديد أمني يفتح مجالًا لبث رسائل أو محتويات غير قانونية بعيدًا عن عين الدولة.
كانت وزارة الداخلية كشفت عن واقعة جديدة في الجيزة، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط شخصين أنشئا وأدارا محطة بث تلفزيوني لاسلكية بدون ترخيص في نطاق مركزي العياط والبدرشين.
وأوضحت التحريات أنهما كانا يستقبلان قنوات فضائية مشفرة وغير مشفرة، ويعيدان بثها عبر شفرة خاصة بهما دون أي تصريح من الجهات المعنية، وهذه الحادثة تمثل نموذجًا عمليًا لما يحذر منه القانون، وتؤكد أن مكافحة القنوات المقرصنة ليست قضية اقتصادية فقط، بل قضية أمنية وتنظيمية تمس استقرار صناعة الإعلام في مصر.