ذكرى رحيل طغرل بك، السلطان السلجوقي الذي غير موازين القوى في العالم الإسلامي
تمر اليوم ذكرى رحيل طغرل بك، السلطان السلجوقي الذي غير موازين القوى في العالم الإسلامي في القرن الخامس الهجري، وتحديدًا عام 1063م. كان اسمه يسطع كزعيم تركماني خرج من قلب آسيا الوسطى، لكنه استطاع أن يرسم حدود إمبراطورية جديدة امتدت من خراسان إلى بغداد، وأن يتحول من قائد قبيلة بدوية إلى مؤسس دولة لعبت دورًا حاسمًا في حماية الخلافة العباسية.
مولد طغرل بك
ولد طغرل بك في بيئة قاسية، وسط قبائل التركمان الرحّل، وتربى على الفروسية والقتال في السهوب الشاسعة. ومع ابن عمه ألب أرسلان، استطاع أن يوحد شتات السلاجقة بعد سلسلة من المعارك مع الغزنويين والبويهيين، إلى أن تمكن من بسط نفوذه على خراسان، ثم الزحف نحو فارس والعراق.
ولم يكن طغرل مجرد قائد عسكري، بل كان سياسيًا على قدر كبير من الذكاء يعرف كيف يستثمر في ضعف الخلافة العباسية التي كانت تحت هيمنة البويهيين، فدخل بغداد عام 1055م بدعوة من الخليفة القائم بأمر الله، ليعيد للخلافة شيئًا من هيبتها المفقودة.
وفي عهده، تبلورت ملامح الدولة السلجوقية كقوة سنية كبرى واجهت النفوذ الشيعي البويهي والفاطمي، وأعادت صياغة الخريطة المشرقية سياسيًا ومذهبيًا. كما وضع اللبنات الأولى لنظام سياسي استمر لعقود، ومنحه العباسيون شرعية عبر ألقاب مثل ملك المشرق والمغرب ليصبح الحارس العسكري والسياسي للخلافة.
نهاية طغرل بك
نهاية طغرل بك جاءت هادئة مقارنة ببداياته الصاخبة، وتوفي في مدينة الري بإيران حاليا عام 1063م دون أن يترك وريثًا مباشرًا، ليتولى بعده ابن أخيه ألب أرسلان زمام الحكم ويواصل توسع الدولة حتى بلغت ذروتها مع ملكشاه. لكن طغرل ظل في الذاكرة باعتباره المؤسس الأول، الرجل الذي نقل السلاجقة من حياة البدو إلى قلب السياسة الإسلامية.
1062 عامًا مرت على رحيل طغرل بك، ولا يزال اسمه حاضرًا كرمز لزمن تحولات كبرى، حين لعبت القبائل القادمة من أطراف العالم دورًا في إنقاذ الخلافة من التفكك، وفي الوقت نفسه مهدت الطريق لتحولات أعظم ستأتي لاحقًا مع الحروب الصليبية وسقوط بغداد.