فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

وُلِد الهُدى (الحلقة السادسة)، علاقة رسول الله بزوجاته "خيركم خيركم لأهله"

علاقة رسول الله بزوجاته،
علاقة رسول الله بزوجاته، فيتو

في شهر ربيع الأول، أشرقت الدنيا بنور النبوة، ووُلد خير من وطئ الثرى، سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله وسلم.  

ذلك الميلاد الذي لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان بداية لفجر جديد أضاء ظلمات الجاهلية، وأعاد للإنسانية رشدها، وأرشدها إلى صراط الله المستقيم.

في هذه السلسلة المباركة، نتفيأ ظلال السيرة العطرة، ونستعرض بعضًا من مناقب الحبيب المصطفى، وصفاته الخُلُقية والخَلقية، وشمائله التي مدحها رب العالمين، وأثنى عليها السابقون واللاحقون من أهل الإيمان.

رسول الله في بيته

كان، صلى  الله عليه وآله وسلم، مثالا للزوج المحب، الحنون، الرحيم، العطوف، المتواضع.. قل في صفات الإشادة، والثناء، ما تشاء.

سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، هو أكمل زوج، كان يحسن معاشرة ومعاملة أهله، ويُولِيهم عناية فائقة ومحبَّة بالغة، فكان مع زوجاته حنونا ودودا، تجلت في معاملاته العواطف الرقيقة في أرقى معانيها، والمشاعر السامية في أسمى مظاهرها، فكان يُكرِم ولا يهين، يُوجِّه وينصح، ولا يعنِّف ويَجْرَح.

عن أنس رضي الله عنه، قال: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله".

خيركم خيركم لأهله

وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".

وأوصى، صلى الله عليه وآله وسلم، بحسن معاملة الزوجة، قائلا: "لا يَفْرك (يبغض) مؤمنٌ مؤمنةً، إن كَرِه منها خُلُقًا رضيَ منها آخر".

وعن أم المؤمنين صفية بنت حىّ: "أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم حج بنسائه، حتى إذا كان في بعض الطريق، نزل رجل فساق بهن فأسرع، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "كذاك سوقك بالقوارير(النساء)، فبينما هم يسيرون، برك بصفية بنت حيي جملُها ـوكانت من أحسنهن مركبًاـ فبكت، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أُخْبِرَ بذلك فجعل يمسح دُمُوعَهَا بيده".

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مرض أحدٌ من أهله نفثَ عليهِ بالمعوِّذات".

لقد غيَّر، صلى الله عليه وآله وسلم، تماما، من أسلوب معاملة العرب، الغلاظ الشداد، للنساء، إلى الرجمة، والمودة، واللين، والعطف، فقد روى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: "كنا معشر قريش نغلب النساء، فلمَّا قدمنا على الأنصار، إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطَفِق نساؤنا يأخذْنَ مِن أدب نساء الأنصار، فصحتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجِعَنِي، فقالتْ: ولِمَ تُنكر أن أراجعكَ؟، فوالله، إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليُرَاجِعنه، وإن إحداهنَّ لتهجره اليوم حتى الليل".

الوفاء للعشرة

وكان، صلى الله عليه وآله وسلم، يحفظ للسيدة خديجة، رضي الله عنها، مواقفها الرائعة، ومودتها، ضاربا أسمى المثل في الوفاء، فعن عائشة، قالت: "ما غِرْت على نساء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ على خديجة، وإني لم أدركْها، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذَبَحَ الشاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة"، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عنها: "إنها كانتْ وكانتْ، وكان لي منها ولد".

وعن اللطف في المعاشرة، والرقة في المعاملة، تقول السيدة عائشة، رضي الله عنها: "كنتُ أشربُ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيَضَعُ فاه على موضِعِ فيَّ فيشرب، وأَتَعَرَّقُ العَرَقَ (تأكل من العظم الذي عليه لحم) وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم فيَضَعُ فاه على مَوضِعِ فيّ (فمي)".

وقال صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تنفق نفقة الا أُجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى فِّيّ امرأتك".

وأورد ابن كثير: "وكان من أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه جميل العشرة، دائم البِشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه".

استوصوا بالنساء خيرا

كان، صلى الله عليه وآله وسلم، يعلم أصحابه أسلوب معاملة النساء الذي يرضي ربنا، فعن عمرو بن الأحوص الجشمي، رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هن عوانٌ (أسرى) عندكم".