على جبل النور، الكنيسة القبطية تحتفل بعيد التجلي المجيد
تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عيد التجلي المجيد، أحد الأعياد السيدية الكبرى في الكنيسة، والذي يوافق الثالث عشر من مسرى بحسب التقويم القبطي.
ويأتي هذا العيد تذكارًا لتجلي السيد المسيح له المجد على جبل طابور بالجليل، حيث أخذ تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا، ووقف أمامهم متغير الهيئة، فأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور، وظهر معه موسى النبي رمز الناموس، وإيليا النبي ممثل الأنبياء، في شهادة واضحة أن المسيح هو رب الناموس والأنبياء.
وقد قصد الرب يسوع بهذا الحدث أن يعلن لتلاميذه مجده قبل الصليب، ليقويهم أمام التجربة، وليؤكد أنه هو ابن الله الأزلي الذي أرسله الآب لخلاص العالم. ويقول الإنجيل إن التلاميذ سمعوا الصوت من السماء قائلًا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت، له اسمعوا" (مت 17: 5). فسقطوا على وجوههم من شدة الرهبة، لكن يسوع لمسهم بيده المباركة وقال لهم: "قوموا ولا تخافوا".
ويُعد عيد التجلي من الأعياد المسيحية المشتركة بين الكنائس الرسولية في الشرق والغرب، ويحتل مكانة خاصة في الطقس القبطي، إذ يُعتبر واحدًا من الأعياد السيدية الكبرى، ويُقام فيه قداس احتفالي تتلى فيه قراءات خاصة من الأناجيل الأربعة تركز على الحدث، ويُصلى باللحن الفرايحي المميز للأعياد.
كما يرمز التجلي في اللاهوت القبطي إلى إعلان طبيعة المسيح الإلهية، وإلى رجاء القيامة حيث يشارك المؤمنون في مجده. لذلك يُنظر إليه كعيد رجاء وتعزية، يؤكد أن النور الإلهي يشرق في ظلمة هذا العالم، وأن المسيح يرافق المؤمنين حتى وسط التجارب.
ويُعرف جبل طابور في الجليل حتى اليوم باسم "جبل التجلي"، ويقع على ارتفاع يقارب 588 مترًا فوق سطح البحر، وتقام فيه كنائس تذكارية منذ القرون الأولى للمسيحية، ويقصده الحجاج من مختلف أنحاء العالم كأحد المزارات المقدسة.
وبهذا الاحتفال تؤكد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن التجلي ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو خبرة روحية حاضرة، تذكر المؤمن أن يسلك في النور، وأن يطلب حياة القيامة منذ الآن، في انتظار المجد الأبدي مع المسيح.