فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

حماس وحزب الله والحوثيون، لماذا تتمسك الحركات الدينية بسلاحها وترفض تسليمه للدولة؟

أنصار حماس في غزة،
أنصار حماس في غزة، فيتو

رغم الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة على الجماعات الدينية المسلحة للاندماج في مظلة الدولة الوطنية، وتسليم سلاحها إلى الكيان الجامع، تجنبًا لفوضى لا تحتملها المنطقة، لكن الواقع يبدو أعقد بكثير. حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والحوثيون في اليمن، جميعهم يجتمعون على قناعة راسخة بأن السلاح ليس مجرد أداة قتال، بل هو جوهر هويتهم السياسية وضمان بقائهم، ومن هنا يصبح الحديث عن نزعه محفوفًا بخطر الانزلاق إلى حروب أهلية، وهو ما لمّح إليه الأمين العام لحزب الله في تصريح لا يحتمل التأويل.

هل التيارات الإسلامية أحزاب مدنية ؟ 

الباحث الفرنسي أوليفييه روا في كتابه الإسلام المعولم يوضح أن هذه الحركات لا ترى نفسها أحزابًا عادية، بل «مشروعات مقاومة» وبالتالي فإن فقدان السلاح يعني فقدان المبرر الأساسي لوجودها.

يتفق مع نفس الرأي، مدير برنامج الشرق الأوسط في جامعة باريس للعلوم والآداب جيل كيبل، الذي يوضح أن العقل الجهادي منذ السبعينيات تأسس على قناعة أن الدولة الوطنية غير قادرة على حماية المشروع الإسلامي، وأن الاعتماد على القوة الذاتية ضرورة لا بديل عنها.

أسلحة المقاومة خط أحمر 

يقدم حزب الله اللبناني سلاحه باعتباره «درع المقاومة» ضد إسرائيل، لكن تقارير بحثية متخصصة في الإسلام السياسي تكشف أن البعد الأعمق للحزب هو الحفاظ على موقع تفاوضي داخل النظام اللبناني نفسه.

وفي غزة، تطرح حماس القضية بالمنطق ذاته «لا يمكن التخلي عن السلاح طالما الاحتلال قائم» لكن خلف هذه الحجة يقبع هاجس أن تتحول الحركة إلى نسخة جديدة من حركة فتح بعد أوسلو، سلطة إدارية بلا قدرة ردع.

أما أنصار الله في اليمن، فإن الموروث الديني الزيدي لعب دورًا في ترسيخ فكرة أن الإمام أو القائد لا يكتسب شرعيته إلا بامتلاك السلاح وممارسة القوة، ويوضح الباحث بول درش في كتابه الزيدية في اليمن أن هذا الإرث التاريخي يجعل فكرة التخلي عن السلاح شبه مستحيلة، لأنها ستنزع عن الجماعة ما تعتبره «شرعية الثورة».

لماذا لا يسلم الإسلاميون سلاحهم للدولة ؟  

تتوزع الإجابة على ثلاث مستويات أولها الشرعية، فهذه الجماعات ترى أن السلاح هو الذي يمنحها شرعية في نظر جمهورها، أكثر من صناديق الاقتراع أو نصوص الدستور، والشق الثاني يتلخص في الأمن الذاتي، فهناك خوف عميق من أن التخلي عن السلاح قد يعرضهم لملاحقة أو تصفية من خصومهم المحليين والدوليين.

كما تتخوف الجماعات الإسلامية خاصة التي مارست السياسة من أن تسليم السلاح يعني النهاية السياسية وإغلاق الصفحة التي تأسست من أجلها، وتحولها إلى حزب سياسي عادي، وهو ما تعتبره تفريغًا لمشروعها من محتواه.

وتكمن المفارقة الكبرى في أن السلاح يمنح تلك الحركات قوة ووزنًا تفاوضيًا، لكنه في الوقت نفسه يمنعها من الاندماج الكامل في الدولة، هكذا يؤكد تقرير لـ مركز كارنيجي للأبحاث، ويوضح أن هذه الحركات عالقة بين خيارين متناقضين، إما البقاء بالسلاح خارج الدولة، أو الدخول في الدولة فاقدة للسلاح

وبينما تتغير خرائط السياسة في المنطقة وتضغط أغلب دولها لإبعاد السلاح عن يد الإسلاميين يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن لجماعة ولدت من البندقية أن تتخلى عنها طوعًا؟