فيتو
رئيس التحرير
عصام كامل

مروان البرغوثي.. الأسير الذي حوَّل جدران الزنازين إلى ساحة معركة.. رفض المساومة على القدس وحدود 1967.. تعرض لمحاولات اغتيال.. محكوم عليه بـ 5 مؤبدات.. وقضى عقدين في سجون الاحتلال

مروان البرغوثي
مروان البرغوثي

في حياة بعض الرجال تتحول الزنزانة الى ساحة مواجهة والقيود إلى شهادة على صمود طويل، مروان البرغوثي واحد من الأسماء التي لم تكسرها السجون ولا الإبعاد ولا المطاردة، جسده اليوم نحيل وصوته محاصر، لكن حضوره في وعي الفلسطينيين أكبر من كل جدار، حين اقتحم إيتمار بن غفير زنزانته ملوحا بالتهديد كان البرغوثي يواجهه بالصمت نفسه الذي حوله إلى رمز معركة مستمرة منذ نصف قرن.  

وهدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الأسير مروان البرغوثي بعد اقتحام زنزانته، وسط صدمة عائلته من ملامحه، ومخاوف على مصيره.

وقال بن غفير للبرغوثي إنه سيمحو كل من يعبث مع شعب إسرائيل، وأضاف موجها حديثه للبرغوثي: "إنكم لن تنتصروا، ويجب أن تدركوا ذلك". 

لا يتوفر وصف للصورة.
مروان البرغوثي

البرغوثي.. رمز الميدان الذي أبعدته الزنازين 

ولد مروان البرغوثي الملقب بأبو القسام في بلدة كوبر بمحافظة رام الله والبيرة عام 1959، تزوج من فدوى البرغوثي المحامية والناشطة التي واصلت الدفاع عن قضيته، بعد اعتقاله ليصبح اسمهما معا جزءا من قصة الحركة الأسيرة الفلسطينية. 

التحق مبكرا بحركة فتح وهو في الخامسة عشرة، ودخل السجن أول مرة عام 1976 بتهمة الانتماء للحركة، ثم تنقل بين الاعتقالات والإبعاد حتى ابعد للأردن ومنها إلى تونس، حيث اقترب من قيادة الصف الأول للحركة وعمل بجانب خليل الوزير أبو جهاد قبل اغتياله عام 1988. 

عاد البرغوثيإلى الضفة بعد اتفاق أوسلو عام 1994، وانتخب نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996، ثم عام 2006 كما تولى منصب أمين سر حركة فتح في الضفة وبرز كمنظم محلي يعيد ربط القرى والمخيمات بالإطار المركزي للحركة وفتح قنوات حوار مع ناشطي اليسار الإسرائيلي وجماعات السلام العالمية. 

مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 تحول البرغوثيإلى رمز ميداني يتنقل بين المظاهرات والعزاءات ويهاجم التنسيق الأمني ويطالب بحماية كوادر الانتفاضة اتهمته إسرائيل بالمسؤولية عن عمليات نفذتها كتائب الأقصى وتعرض لعدة محاولات اغتيال من بينها قصف استهدف موكبه عام 2001 وأسفر عن مقتل مرافقه مهند أبو حلاوة.  

في 15 أبريل 2002 اعتقلته قوات الاحتلال من رام الله وحكمت عليه بخمسة مؤبدات وأربعين عاما ورغم ذلك واصل حضوره السياسي من داخل السجن عام 2006 ساهم في صياغة وثيقة الأسرى التي تحولت الى وثيقة الوفاق الوطني وعام 2009 فاز بعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح لكنه همش سياسيا لاحقا ما أثار جدلا داخل الحركة.  

البرغوثي كان رافضا لأي مساومة على القدس او حدود 1967 ويرى المستوطنات بؤرا إرهابية كما كان يعتبر أن عملية السلام تحتاج إلى وسيط غير الولايات المتحدة بسبب انحيازها لإسرائيل في عام 2021 أعلن ترشحه لرئاسة السلطة الفلسطينية متحديا قرارات حركة فتح ليؤكد أن وجوده في السجن لم يمنع تأثيره على المشهد السياسي. 

خلال سنوات اعتقاله حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية من داخل زنزانته وكتب أطروحته سرا حتى خرجت إلى العلن بعد جهد طويل صورته المعلقة في شوارع الضفة تحولت إلى أيقونة وطنية وبلدية سان بيار ديكور في فرنسا منحته مواطنة الشرف عام 2013 بحضور زوجته.  

اليوم وبعد أكثر من عقدين في السجون يبقى البرغوثي رمزا يتجاوز شخصه ليصبح حالة فلسطينية كاملة، أسير محاصر لكنه حاضر في الوعي الجمعي كقائد محتمل وكصوت رافض للاستسلام، صورة جسده النحيل لا تخفي حضوره السياسي بل تؤكد أن السجن لم يطفئ فكرة الحرية.