رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

خليكي فريش إحنا في رحلة!

نشنت يا فالح، طب بس أروح أتحزم وأجيلك، يا صفايح الزبدة السايحة، العلبة ديه فيها إيه.. فيها فيل، أحلى من الشرف مفيش يا آه يا آه.. هذه عينة من أشهر الإفيهات التي حفلت بها الأفلام وما أكثرها في تاريخ السينما المصرية، والتي كان لها دور كبير ومؤثر في نجاح هذه الأفلام.. 

 

وهي وغيرها من عشرات الإفيهات مازلنا نتذكرها ونرددها بل ونستدعي بعضها في مواقف وأحداث كوميدية نتعرض لها، وذلك على الرغم من مرور سنوات طويلة عليها وهو ما يؤكد قيمتها وبراعة من ابتكرها ومن أطلقها، والإفيهات جمع إفيه وهي كلمة فرنسية ' effet'، معناها المؤثرات، ودخلت اللهجة المصرية حيث يستعملها أهل السينما والدراما والتمثيل عمومًا بمعنى جملة تهريجية أو كلام ذو تأثير كوميدي أو نكتة أو مزحة.


نجوم الإفيهات


لأن صناعة الإفيه موهبة وفن في ذات الوقت فلم يكن يقدر عليها إلا الموهوبون فقط وقد يشترك فيها المؤلف مع المخرج مع الفنان الذي يطلق هذه الإفيهات فهي لم تكن مسؤولية فرد واحد فقط بل عمل جماعي الهدف، بجانب إضفاء البسمة على الوجوه التعبير عن موقف ذي مغزى في أحداث الفيلم، وقد تصبح أبلغ من الموقف الدرامي أو الحوار العادي في سياق العمل، وقد تكون مفاجئة وغير متوقعة أيضًا ومن ثم يأتي تأثيرها ووقعها الكبير على الجمهور. 


وقد اشتهر وبرع عدد كبير من الفنانين في فن الإفيه على مدار تاريخ السينما وقدموا وجبات دسمة منه، حتى أن الجمهور كان يقبل على هذه الأفلام ويذكرها بأشهر إيفيه في العمل، وذلك بالرغم أن معظم أصحاب هذه الإفيهات لم يكونوا هم أبطال هذه الأعمال ولكنهم نجحوا ببراعة في جذب الجمهور إليهم.


فمن منا لم يضحك من قلبه على إفيهات عبد الفتاح القصري مثل.. يا صفايح الزبدة النايحة يا براميل القشطة السايحة في فيلم لو كنت غني ولا كلمتي مش ممكن تنزل الأرض أبدًا.. خلاص هتنزل المرة ديه في فيلم ابن حميدو، ست أنا مش شايف قدامي أيتها ست ده انتي ست اشهر ! 

 

ولا استيفان روستي وإفيهاته العبقرية.. نشنت يا فالح يا خي اسفخس ع اللي شايلهولك في فيلم حبيبي الأسمر، طب بس أروح أتحزم واجيلك في فيلم سيدة القصر، ولا عبد السلام النابلسي في فيلم حكاية حب عندما قال للمرأة العجوز التي قابلها على الشاطئ.. بكرة إنتي متباتيش لبكرة! 

 

ولا توفيق الدقن في فيلم بحبك يا حسن وجملة ا أحلى من الشرف مفيش يا آه يا آه، وعادل أدهم في فيلم حكمتك يا رب في مشهد هروبه من الشرطة حيث قال أنا عبد المأمور.. ادبح يا زكي قدرة يدبح زكي قدرة اسلخ يا زكي قدرة يسلخ زكي قدرة اهرب يا زكي قدرة يهرب زكي قدرة، احنا لو روحنا الجنة مش هنلاقي حد نعرفه!

 
ومن الذين برعوا أيضًا في إطلاق الإفيهات خفيفة الظل.. رياض القصبجي.. هوه بعينه وبغباوته وشكله العكر، اسماعيل ياسين.. هتجوز عذراء الربيع، فتشني فتش، زينات صدقي.. إنسان الغاب طويل الناب، ماري منيب.. حماتك مدوباهم اتنين، كذلك عادل إمام وسعيد صالح..

 

ومن الأجيال الكوميدية التالية اشتهر في مجال الإفيه.. محمد هنيدي.. خليكي فريش احنا في رحلة والتي قالها لغادة عادل في فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية، والنبي لانيمك من المغرب يا صين.. في فيلم فول الصين العظيم، علاء ولي الدين.. كابتن هو كله ضرب ضرب مفيش شتيمة من فيلم الناظر..

 

وفي هذا الفيلم إفيه شهير أيضًا ولكن ليس لأحد من نجوم الكوميديا بل أطلقه العملاق الراحل حسن حسني ومن شدة ظرفه وجماله تمت إعادة تصوير المشهد الذي جاء في سياقه 17 مرة لدخول كل اللي في المشهد وفي مكان التصوير في نوبة ضحك هيسترية كما قال مخرج الفيلم شريف عرفة وهو الذي يقول فيه حسن حسني لمحمد سعد اللمبي.. يا أخ لمبي ما تلمب نفسك بقى!

 

محمد سعد له العديد من الايفيهات الجميلة التي مازلنا نحفظها ونرددها حتى الآن منها.. اوعى يغرك جسمك، كان فاضله يومين وصورته تنزل على الجنيه، صبح صبح يا عم الحاج.

 تكرار وإفلاس


في السنوات الأخيرة مع ظهور عدد من فناني الكوميديا الأقل موهبةً وحضورًا من النجوم الذين تم ذكرهم مع ندرة كتاب الكوميديا والمخرجين البارعين في هذا الفن الصعب والمفضل للجمهور، جاءت معظم الأفلام المصنفة على أنها كوميدية دون المستوى بل سخيفة في أحيان كثيرة يحاول فيها ممثلو الكوميديا الإضحاك بأي وسيلة وشكل معتمدين في المقام الأول على إطلاق الإفيهات والنكات بعيدًا عن الموقف والسياق الدرامي الذي تميز به من سبقهم من نجوم الكوميديا.. 

 

ومن ثم لم يعد الفيلم كما كان به عدد قليل من الإفيهات الكوميدية الجميلة والطبيعية والمؤثرة في الأحداث، بل صار كله إفيهات وتعليقات ونكات قليلًا ما تدر الضحك، مكررة من الفنان في معظم أعماله نادرًا ما تعلق مع الناس، وعلى هذا المنوال يسير بيومي فؤاد رغم امتلاكه الموهبة والقبول وهو صاحب الأرقام القياسية في الظهور بالأفلام والتي قد تصل إلى 10 أو 12 فيلم في السنة ! وأحمد فتحي ومحمد ثروت وكل الممثلين الذين أفرزهم مسرح مصر ومحمد سلام وإن كان أفضلهم.. 

 

وحتى نجوم الكوميديا الكبار الذين برعوا في هذا الفن وحققوا نجاحات كبيرة وأنتجوا لنا مجموعة من الإفيهات الرائعة أمثال أحمد حلمي ومحمد سعد ومحمد هنيدي لم يعد لديهم الجديد ليقدم في هذا المجال ولجأوا إلى تكرار إفيهاتهم الشهيرة القديمة علها تساعدهم في الإضحاك ولكن هيهات! 

 

 

فعبثًا جاءت محاولة محمد هنيدي في إعادة إطلاق الإفيه الشهير الذي قدمه في فيلمه الذي صنع نجوميته قبل 25 عامًا صعيدي في الجامعة الأمريكية في أحدث أفلامه مرعي البريمو 'احنا في رحلة خليكي فريش ' ولكن الفيلم برمته أعتبره معظم النقاد من أسوأ أفلام محمد هنيدي!

الجريدة الرسمية