رئيس التحرير
عصام كامل

مكاسب إعلان الجمهورية المصرية في ذكراها السبعين، هكذا تعاملت مع الاحتلال الإنجليزي وملفات العدالة الاجتماعية والقومية العربية، وأرباح تطبيق مجانية التعليم

إعلان الجمهورية في
إعلان الجمهورية في مصر، فيتو

تأسست الجمهورية لأول مرة بالتاريخ المصري في مثل هذا اليوم من عام  1953، وأعلن اللواء محمد نجيب  رئيسًا بعد إلغاء الملكية فور تثبيت أركان ثورة 23 يوليو عام 1952 بقيادة الضباط الأحرار ـ رجال الجيش الذين أرادوا الإطاحة بالملك فاروق، وإيقاف مسيرة أسرة محمد علي في التاريخ المصري، وإنهاء الاحتلال البريطاني للبلاد.  

 

ما قبل الجمهورية، هكذا كانت الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر 

في حدود منتصف القرن الماضي، كانت الأحوال في مصر تؤكد أن الثورة قادمة، ضعوط سياسية، صراعات على السلطة من أقصى اليمين لأقصى اليسار مع تردي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وسط إقليم مضطرب، وصراعات عالمية على أشدها بين السوفييت والغرب.

وسط هذه الدوامات، كان لافتا صعود الروح القومية لأعلى درجاتها، وتزايد النقمة والسخط داخل الجيش على طريقة إدارة الدولة، وجاءت حرب 1948 لتشغل نيران الغضب، ويقرر مجموعة من الضباط، على رأسهم جمال عبد الناصر التدخل وحسم الأمر كاملا وإعادة صياغة الحياة داخل القطر المصري. 

 

كواليس إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية في مصر 

اندلع الجدل بين الضباط الأحرار حول مصير الملك المخلوع، وصدر الأمر بتنازل فاروق عن العرش لابنه ولي العهد أحمد فؤاد - الذي اعتلى العرش باسم الملك فؤاد الثاني - وتم تعيين مجلس الوصاية المكون من ثلاثة رجال، ومع الوقت أصبح الضباط على قناعة أن تولية ملك جديد لن يصلح في الأمر شيئا، وهنا كان القرار بإنهاء الملكية واقتلاع جذور عائلة محمد على من مصر.  

 

استقر رجال الثورة على إعلان الجمهورية، وفي 28 يوليو 1953، أصبح اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر،  حيث كان الجنرال الأكبر سنا والأعلى رتبة في مجلس قيادة الثورة، لكن الرجل تحول مع الوقت إلى إشكالية لصغار الضباط بسبب الخلاف على المسيرة، وكيفية إنجاح الثورة، ليخرج نجيب من المشهد تمامًا في أتون صراعات ضخمة انتهت باستقالته وتحديد إقامته، وتبدأ صفحة جديدة في تاريخ البلاد. 

 

جمال عبدالناصر، صاحب مشروع الجمهورية يتولى مفاتيح السلطة 

كان الرئيس الراحل  جمال عبد الناصر المهندس الرئيسي للثورة، وصانع فكرة 23 يوليو عام 1952، وبعد توليه السلطة عام 1956 حيث خلت من منصب الرئيس نحو عامين، بدأت الملامح الحقيقية للجمهورية تلوح في الأفق، على الفور ألغيت الأحزاب السياسية، واعتمد ناصر دعم الطبقة العاملة والنقابات العمالية، وأعاد بناء الطبقة الوسطى بطريقة تناسب أفكار الرجل. 

 

استكمل عبد الناصر مشروعه بإعلان ميثاق وطني، يكشف المزيد من ملامح المستقبل، وأصبح النظام المصر يتبع «الاشتراكية العلمية» ودشن الاتحاد الاشتراكي العربي، ثم بدأ تأميم وتمصير معظم شركات التصنيع الكبرى والبنوك وخدمات النقل وشركات التأمين تماشيا مع التوجه الفكري والسياسي للدولة. 

 

بناء على هذه السياسات، حققت مصر مكاسب ضخمة، إذ ساهم التصنيع بنسبة 10 % من إجمالي الناتج القومي، وتضاعف هذا الرقم بحلول عام 1970، وألحق الاهتمام بالتصنيع خطوة آخرى للأمام باتباع سياسة للإصلاح الزراعي قصرت ملكية الأراضي على 200 فدان فقط للفرد، وساهم في استكمال النهضة الزراعية إنشاء السد العالي. 

 

اقرأ: أعظم مشروع مائي في القرن الـ 20، الذكرى 59 لتحويل مجرى النيل وإنشاء السد العالي

https://www.vetogate.com/4882559

استكملت الجمهورية أهدافها العليا، بتنفيذ اتفاق مصر مع الإمبراطورية البريطانية على إلغاء اتفاقية الانجلو المصرية المشتركة لعام 1899 ومنح السودان الاستقلال ليصبح جمهورية السودان؛ حيث دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 1 يناير 1956، وأكملت القوات البريطانية انسحابها من منطقة قناة السويس المحتلة في 13 يونيو 1956، وجرى تأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956.

 

الإنجازات الاجتماعية والخارجية لإعلان الجمهورية في مصر 

لا يمكن فصل إنجازات إعلان الجمهورية في مصر، عن الأهداف التي أعلنتها ثورة 1952، لهذا يعتبر ملف العدالة الاجتماعية، أحد أهم إنجازات الجمهورية الناشئة الذي يتوافق عليه المؤيديون والمعارضون، إذ جرى تقليل الفوارق بين الطبقات، وصناعة طبقة وسطى قوية وفاعلة.

 

وساهم في هذه النقلة الطبقية الارتفاع غير المسبوق بالمستوى الثقافي، بعد إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة والمراكز الثقافية بهدف تحقيق توزيع ديموجرافي للثقافة، وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته القاهرة وحدها وبعدها الإسكندرية، وهو ما يعد من أهم وأبرز إنجازات الجمهورية الثقافية

 

كما دشنت الدولة أيضا لنفس الهدف المعاهد العليا للمسرح، والسينما، والنقد، والباليه، والأوبرا، والموسيقى، والفنون الشعبية، ورعاية الآثار والمتاحف، وركزت الجمهورية الناشئة في إنتاجها القومي على أفلام تعتبر عن الواقع المصري بعد أن كانت تعتمد في الغالب على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.

 

على مستوى الإنجازات التعليمية، أقرت سياسات الجمهورية مجانية التعليم العام، وأضافت مجانية التعليم العالي، وضاعفت من ميزانيته، وأضافت عشرة جامعات أنشئت في جميع أنحاء البلاد، بدلا من ثلاث جامعات فقط، كما أنشئت مراكز للبحث العلمي وتطوير المستشفيات التعليمية، وفي ظل هذه السياسة وبعد سنوات قليلة، أصبح أبناء الفقراء قضاة وأساتذة جامعات وسفراء ووزراء وأطباء ومحامين وصحفيين وتغيرت البنية الاجتماعية للمجتمع المصري.

 

إقليميا، كانت الجمهورية الناشئة المحرك الرئيسي في بناء حركة قومية عربية، لهذا أصبحت مصر المركز والقلب، وإن جعلتها هذه المكانة تتصدر محور المواجهة ضد إسرائيل والغرب، وتكلفت ثمنا باهظًا لازالت تدفع ثمنه حتى اليوم. 

 

اقرا أيضا: في ذكرى التنحي، لماذا تحمل جمال عبد الناصر بمفرده مسئولية النكسة ؟

https://www.vetogate.com/4903050

عالميا، كانت مصر حجز الزاوية في تشكيل حركة عدم الانحياز مع يوغسلافيا بقيادة الزعيم جوزيف بروز تيتو والهند بقيادة جواهر لال نهرو، مما جعل لها وزن ودور ملموس ومؤثر على المستوى العالمي، واكتمل هذا الدور بتوقيع صفقة الأسلحة الشرقية التي اعتبرت نقطة تحول في كسر احتكار السلاح العالمي.

 

الريادة الدينية، الأزهر سلاح الجمهورية الجديدة في التوفيق بين العروبة والإسلام 

 

الريادة الدينية أيضا كانت من مظاهر الجمهورية الناشئة في البلاد، حيث صعد الدور الديني للأزهر، وأصبح له اليد العليا في نشر الدعوة الإسلامية  بأفريقيا وآسيا، وشهدت القاهرة عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية عام 1958، وكان لافتا أن عبد الناصر يرسم دورًا للأزهر في الموائمة بين أفكار القومية العربية والإسلام، إذ كان يؤمن ـ وفق أفكاره المعلنة ـ بأهمية تحقيق رسالة الإسلام الحضارية والكونية، ولن يحدث ذلك إلا بالتوفيق بين العروبة والإسلام، لهذا صعد في هذه المرحلة الزمنية نجم العديد من المفكرين المحسوبين على التوجه القومي، والذين أيدوا نفس الأفكار ودعموها، على شاكلة عصمت سيف الدولة وعبد الرحمن الكواكبي وغيرهم. 

 

من أجل نفس الهدف، ألغى عبد الناصر ما كان سائدا أيام الملكية، لاسيما قوانين الوقف الأهلي والمحاكم الشرعية، وألحقها بمؤسسات الدولة، حتى تكون المؤسسات الدينية أيضا شريكة في دعم السياسة العامة للدولة، وتقوم بدورها في عملية التعبئة الشاملة حسب المفهوم الناصري الذي أراد للبلاد الانتظام في هيئة واحدة، تتنظم خلف مهام محددة بدقة، لتحقيق أهداف الثورة والجمهورية الناشئة في البلاد دون منازعات أو اختلاف في الرأي. 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية

الجريدة الرسمية