رئيس التحرير
عصام كامل

ما موقف الدين والمذاهب من التصفيق وهل هو أنواع؟

التصفيق باليدين
التصفيق باليدين


التصفيق من الأمور الشائعة للتعبير عن الإعجاب والمديح، مظاهر الموافقة والتشجيع في العالم كله، ولكن بعض الناس استدلوا بحديث البخاري: ( التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ) على حرمة التصفيق، فما رأي المذاهب الأربعة وخاصة الإمام الشافعي في هذا الأمر؟

 

أجابت دار الافتاء المصرية وعنها فضيلة الشيخ عبد العال هريدى فقال:
هذا الحديث الشريف ورد في حال كون المسلم في الصلاة، فحمله على غيرها فيه تكلف، والفقهاء عندما تكلموا عن حكم التصفيق خارج الصلاة تكلموا عنه باعتبار عرضه وما قد يصاحبه من المظاهر التي تخرج المسلمَ عن حدود اللياقة العامة والآداب،  كمن يفعله تشويشا على الناس في المساجد، أو من يجعلونه من مظاهر العبادة خارجين بذلك عن الخشوع والتدبر، 

المنفعة الصحيحة 

ودار كلامهم في هذه الاعتبارات بين الحرمة والكراهة والحل،  تبعًا لِمدى ما يحدثه ذلك من تشويش أو خروج عن المقصود، ولكنهم نصوا أيضا على أنه إن كان لحاجة أو منفعة صحيحة فإنه حلال.

الصلاة فقط 

وقد نقل العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي استدلال بعض العلماء بهذا الحديث على التحريم، ثم رد عليه بأن هذا خاصٌّ بالصلاة، وبأن التصفيق لا يختص به النساء، فلا تشبه فيه أصلا.
فقال في "كف الرعاع" ( وقد حرمه بعض العلماء؛ لخبر: "إنما التصفيق للنساء "  وأنت خبير بأنه لا دلالة في الخبر؛ إذ (أل) فيه للتصفيق الذي يؤمرون به في الصلاة، وليس هذا منه، وبأن التشبه بهن إنما يحرم فيما يختص النساء به، وهذا ليس كذلك ).

وأما عن الاستدلال بقوله تعالى في سورة الانفال: ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية )   فغير صحيح، لأنها نزلت فيمن كانوا يصدون عن الإسلام بفعلهم هذا، فالإنكار إنما هو للصد عن سبيل الله، ولكونه عند البيت الحرام، لا لمجرد التصفيق أو الصفير.

رأى الشافعية 

والمعتمد عند الشافعية أن التصفيق إن لم يكن فيه خروج عن اللياقة والآداب العامة فهو حلال وليس حراما حتى ولو كان على جهة اللّعب، وأنه حلال إذا كان تعبيرا عن الإعجاب، قال العلَامة ابن حجر الهيتمي في "شرح الإرشاد" (ومنه يؤخذ  حل ضرب إحدى الراحتين على الأخرى،  ولو يقصد اللعب،وإن كان فيه نوع طرب ثم رأيت الماوردي والشاشي وصاحبي "الاستقصاء" و"الكافي" ألحقوه بما قبله، وهو صريح فيما ذكرته وأنه يجري فيه خلاف القضيب، والأصحّ منه الحل، فيكون هذا كذلك ).

الاعراف السائدة 

فإذا كانت الأعراف السائدة تجعل التصفيق دلالةً على الإعجاب والاستحسان فلا ينطبق على التصفيق حينئذ ما ذكره الفقهاء مِن كونه علامة على المجون أو ذهاب المروءة أو غير ذلك من العلل التي من أجلها صرح بعضهم بكراهته أو تحريمه، ولا يصح إيقاع حكمهم بمنع التصفيق -كراهة أو تحريما- على فعله إعجابا واستحسانا كما هو السائد بين الناس في هذا العصر مسلمين وغير مسلمين، وحينئذ فلا يصح أن ينسب تحريم ذلك (الذي تغيرت دلالته واختلف واقعه) إلى المذاهب الفقهية المتبوعة، لأن العلماء قد أجمعوا على أنه إذا تغيّرت العوائد تغيّرت الأحكام المتعلقة إليها، وأن خلاف ذلك جهالةٌ في الدين،  
والله سبحانه وتعالى أعلم.
 

الجريدة الرسمية