رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى ميلاد زكي مبارك.. تعرف على قصته مع لقب "الدكاترة"

زكي مبارك
زكي مبارك

زكي مبارك.. شاعر وناقد أدبي لم يترك بابا للعلم وللدراسة إلا طرقه، فاستحق لقب الدكاترة "زكي مبارك" عن جدارة، كان ناقدًا ثائرًا لم يغشّ أحد، استغل قلمَه في النقد، وخاض الكثير من المعارك.

 

ميلاد زكي مبارك

ولد زكي مبارك فى 5 أغسطس 1891م بقرية سنتريس بمحافظة المنوفية، كان والده من أهل التصوف ومحبًا للأزهر وأهله، لم يعش له ولدٌ وفقد جميع أبنائه، لذلك أطلق والده نذرًا بأن يهبه للقرآن، وقد حفظ زكي مبارك القرآن الكريم، والتحق بالأزهر عام 1908م.

 

 

ثورة 1919

شارك زكي مبارك في ثورة 1919، فقد كان ثائرًا بالمعني الذي تعنيه الكلمة يخطب ويحفز الجماهير ويلقي القصائد الوطنية ويفر من ملاحقة الإنجليز، وذكر أنه اختفى في غرفة فوق السطوح طيلة ثلاثة أشهر لدى أحد أبناء سنتريس، وهو القبطي أنيس ميخائيل، ابن قريته في محافظة المنوفية، بعدما حاصر الإنجليزي منزله أكثر من 3 مرات يريدون اعتقاله، ومن ثم قتله.

 

السفر إلى فرنسا

سافر إلى فرنسا عام 1927 للدراسة على نفقته الخاصة، وكان يقضي هناك أربعة أشهر من العام ثم يعود إلى القاهرة ليقضى فيها بقية السنة، وكان يعمل في الصحافة والتدريس ليجمع نفقات إقامته فى باريس، وظل على هذا النحو حتى 15 أبريل 1931، حين حصل على الدكتوراه.

 

زكي مبارك

 

وبعد عودته إلى مصر قام بنشر رسالته ذاتها إلى اللغة العربية، لكن المراجع للأصل الفرنسى والترجمة العربية يجدها أقرب إلى إعادة التأليف منها إلى الترجمة، حيث يتضح عدد من الاختلافات تتلخص فى أن عدد صفحات الرسالة فى الأصل الفرنسى 290 صفحة، بينما فى النسخة العربية تزيد على 750 صفحة، كما أن في النسخة العربية نقدًا شديدًا للأساتذة الفرنسيين المشرفين على الرسالة، فضلا عن هذا وذاك هناك أحداث ومراجع لم تكن قد حدثت أو ظهرت قبل صدور الأصل الفرنسي.

 

 ويبرر زكى مبارك هذه الاختلافات بأنه فى النسخة العربية تفصيلات لا يحتاج إليها أهل الغرب احتياج المستشرقين، كما أن النسخة الأصلية وضعت بهدف علمى بحت، بينما النسخة العربية وضعت بغرض التثقيف والتعليم.

 

معارك زكي مبارك

ولما سافر إلى باريس ظهر باكرًا رفضه المطلق لتيار التغريب الذى بدأ فى مصر منذ ناقش منصور فهمي أطروحته فى السوربون حول المرأة فى الإسلام، وتبعه طه حسين وسلامة موسى ولطفي السيد فى تقديم آرائهم الصادمة للسائد.

 

ومع عودته إلى القاهرة، كان متأهبا للقيام بكل تلك المعارك الشرسة التى خاضها، حيث كتب حول عزمه على “ترويع الآمنين من رجال الأزهر والجامعة المصرية ووزارة المعارف، ففى تلك الديار رجال يأكلون العيش باسم العلم والأدب، ثم لا يقدمون ولا يؤخرون فى دين ولا دنيا”.

 

وكان زكي مبارك ناقدًا مخيفًا يخشاه الآخرون، والويل لمن يبدأ الهجوم عليه، فلما أقدم طه حسين على وصف كتاب زكي مبارك "النثر الفني" بأنه “كتاب من الكتب ألفه كاتب من الكتاب”، فتح زكي مبارك عليه النار لعشر سنوات متصلة، ومن جانبه رفض طه حسين تجديد عقد مبارك مع كلية الآداب عام 1934.

 

واعتبر زكي مبارك هذا نوعًا من التأديب فقال: “لو جاع أولادي لشويت طه حسين وأطعمتهم لحمه”.

 وقال عنه أيضًا: “لم يقرأ في حياته كتابًا كاملا، وإنما قرأ فقرات من هنا وهناك وأخذ يشطح ذات اليمين وذات الشمال، هناك معركة أخرى دخلها زكي مبارك مع أحمد أمين، وكتب ضده، أكثر من عشرين مقالا في الرسالة”.. ولم يرد عليه أحمد أمين كما اشتبك مع العقاد وسلامة موسى وأحمد شوقي ولطفي جمعة وأحمد حسن والشرباصي، كما لم يسلم أحمد لطفي السيد من نيران زكي مبارك، الذي وصفه لطفي السيد بقوله: “بطيء الحركة إلى حد الجمود، وهو يجر كلامه بتثاقل وإبطاء”، كما هاجم مصطفى صادق الرافعي وشيخ الأزهر "سليم البشري" وابنه “عبد العزيز البشري”.

 

زكي مبارك

 

شهادات زكي مبارك

حصل زكى مبارك على عدد من الشهادات جاء ذكرها فى إحدى رسائله كالآتي: شهادة الأهلية من الأزهر الشريف سنة 1916، الليسانس فى الآداب من الجامعة المصرية سنة 1921، الدكتوراه فى الآداب من الجامعة المصرية سنة 1924 بدرجة جيد جدًّا، دبلوم الدراسات العليا من مدرسة اللغات الشرقية فى باريس سنة 1931، دكتوراه فى الآداب من جامعة باريس سنة 1931 بدرجة مشرف جدًّا، الدكتوراه فى الآداب من الجامعة المصرية سنة 1937.

 

الدكاترة زكي مبارك

أما عن قصة «الدكاترة» التي تسبق اسمه؛ فذلك لأنه تقدم برسالة في الجامعة المصرية عن «الأخلاق عند الغزالي» سنة 1924 ونال عنها درجة الدكتوراه، وفي عام 1931 نال دكتوراه أخرى عن رسالته «النثر الفني في القرن الرابع الهجري، ثم الدكتوراه الثالثة التي كانت عن التصوف الإسلامي من الجامعة المصرية عام 1937.

 

لم يسلم التيار المحافظ والأزهرى من انتقاداته أيضًا، استنزف مبارك بتلك الخصومات التى تدل على عمق فكره وأصالته وثقافته الموسوعية، ما اضطره إلى الذهاب إلى العراق بحثا عن العمل، وهناك حظي بتكريم لم ينله فى وطنه، ثم يعود إلى مصر ويرحل في 23 يناير 1952 بعد سنوات عن أربعين كتابًا وآلاف الأوراق غير المنشورة.

الجريدة الرسمية