رئيس التحرير
عصام كامل

محمود حافظ يكتب: صانع السعادة

فيتو

كل يوم يأتي فيه إلى المسرح يترك هموم الحياة خلفه يُبدلها كما يبدل ملابس وظيفته، وقبل أن يخرج إلى جمهوره يقف أمام المرآة ليغير ملامحه، يعلم تمامًا كيف يبنى على وجهه تعابير “الضحكة بالمكياج”،يمتلك مهارة فائقة في “صُنع السعادة” حتى في أشد لحظات حياته بؤسًا وشقاء، فعندما يُفتح الستار ويقف أمام الناس تجده يشُع بهجة، فيلمع بريقه تحت أضواء المسرح المبهرة كنجم في ليلة ظلماء، ومع كل ”إفيه” يرى سعادته في ضحكة طفل أو ابتسامة أحد معجبيه رُغم أن قلبه يكاد يعتصر ألمًا،فهو يرى أنه يؤدى رسالته في الحياة على أكمل وجه ولم يخجل يومًا من كونه “بلياتشو”.


قليلون هم من يجدون سعادتهم مرتبطة بسعادة الآخرين، فهم أصحاب قلوب بيضاء نقيه صافية لما تُعكرها بعد شوائب هذا الحياة ومشاكلها ولا قسوة ذلك العالم المرير بأحداثه السريعة المتلاحقة والمؤلمة، تجدهم مثل الطيور مقبلون على الحياة يرونها دائمًا مُزهرة وتفتح أحضانها إليهم فيلقون أنفسهم في براحها ويحلقون في سمائها يفرحون بأبسط الأشياء، وهنا يكُمن السر.. “سر السعادة في الرضا والبساطة وعدم التكلُف”.

يقول صاحبنا “صانع السعادة” لكل من يحمل همًا: هل أتيت إلى هذه الدنيا وأنت تحمل تلك الهموم؟!.. الإجابة بالطبع لا.. عظيم.. فهل سوف تخرج منها وأنت تحمل معك شيئًا من تلك الهموم؟!.. الإجابة أيضًا بالقطع لا.. فلماذا تضيع عُمرك إذًا ؟!.. اترك كل شىء لوقته، فقط عليك أن تسعى “عافر” وواجه مشاكلك بصدر رحب، وكن على يقين بأن هناك ربُ كريم قادر على تغير قواعد اللعبة تمامًا، فهو الوحيد الذي لا تعيقه ثوابت غير قابلة للتغير ولا نتائج محددة مسبقًا ولا معادلات هذا العالم المعُقدة، فهو وحده “مُخلف طبيعة الأمور”، وإياك أن تفقد الأمل أبدًا مهما كان الأمر مستحيلًا، أرأيت نبى الله “يونس” ؟!.. “حتى في بطن الحوت كان هُناك أمل، فما عُذر إحباطك؟! “.

الوعي في العقل وليس في العُمر، العُمر مجّرد عدد لأيامك والعقل حصَاد فهمك وقناعاتك للحياة.. هل لي أن أسألك سؤال : لماذا نجح الأطبّاء في زراعة كُل شيء في جسم الإنسان ماعدا “الضَّمير”؟!.. لأنه تحدي من تحديات “صانع عظيم” لهذا الكون، يتحدى به البشر وعلومهم مهما بلغوا من رُقى تقدم، لأن “ضمير الإنسان” أو الوجدان هو قدرة الإنسان على التمييز بين الحق والباطل والخطأ من الصواب، وهو الباعث الوحيد الذي يجعل الإنسان يشعر بالندم إذا ما تعارضت أفعاله مع القيم الأخلاقية النبيلة، وهو أيضًا مكمن السعادة الحقيقية ومصدرها إذا ما توافقت أفعاله مع هذه القيم الإنسانية، والسعادة ليست في يد بشر ولا يمكن شراؤها بأموال الدنيا، وإلا لأصبح كل أغنياء العالم هم أكثر الناس سعادة وهناء ولكان الفقراء هم أشد الناس عناءً وشقاء، بل على العكس تجد أن الدول الغنية والأكثر رفاهية تعانى من كثرة إنتحار مواطنيها مقارنة بقلة أعداد المنتحرين في دول العالم الثالث “النامى”والفقير.

وفي طريقك لبلوغ السعادة يجب أن تعلم أن أفضل تعريف لذاتك : هو أنك لست أفضل من أحد، ولست كأي أحد، ولست أقل من أحد، وأن كثرة الصدمات قد تفعل بك شيئان: إما أن تدمرك.. وإما أن تصنع منك شخصًا أقوى تصعب هزيمته فيما بعد، والاختيار متروك لك !..
الجريدة الرسمية