رئيس التحرير
عصام كامل

رغيف «الغلابة» في قبضة أصحاب المخابز.. تسريح مفتشي التموين في منظومة «حنفي» الجديدة.. تجميع كروت الخبز من المستهلكين لإجراء عمليات صرف غير حقيقية.. والفشل ينتظر التجربة في الصعيد


لم يكن الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية مازحًا في رده على صاحب مخبز عضو بشعبة المخابز بالإسماعيلية أثناء وقوفه على استعدادات المحافظة مؤخرًا لتطبيق منظومة الخبز الجديدة خلال أسبوعين لتكون المحطة الثانية مع السويس في اللحاق بركب المنظومة بعد بدء إشارة انطلاقها في بورسعيد عندما قال له صاحب المخبز: "مفيش رقابة لمفتشي التموين على المخابز" فتبسم الوزير من قوله مجيبا: "هم وحشوك حنرجعهم لك تاني" لا رقابة على المخابز بعد اليوم من التموين والشعب هو الذي يراقبك بالشراء أو عدم الشراء للخبز منك لأنه هو السيد ولا عقد بين الوزارة وبينكم.


وحذر الخبراء المهتمون بالشأن التمويني من تداعيات خطيرة لهذه المنظومة التي ما زالت تخفي جمرا ملتهبا تحت الرماد قابلا للاشتعال، لأن بورسعيد ليست مقياسا لنجاح التجربة لأنها محافظة صغيرة تأهلت لهذه المنظومة منذ فترة وما بها من المخابز لا يتجاوز 81 مخبزا لا تعادل نصف عدد المخابز في أحد أحياء القاهرة، كما أن وزارة التموين تخلصت من عبء الحمل الثقيل لرقابة الخبز بعدم الإشراف على المخابز وهنا أصبح عيش الغلابة في قبضة أصحاب المخابز في منظومة حنفي الجديدة.

وكشف الخبراء أن المنظومة تزيد العبء على الموازنة العامة للدولة لدعم الخبز بمقدار 6 مليارات جنيه سنويا لتصل فاتورته إلى 28 مليارا بدلا من 22 حاليا، نتيجة زيادة التكلفة للمخابز والدقيق والتلاعب في كروت الصرف بين المخابز والمستهلكين بإجراء عمليات صرف وهمية وارتفاع سعر الخبز الحر نتيجة حرمان الجاليات الأجنبية في مصر من الحصول على المدعم ليصبح سعر الرغيف 50 قرشا بدلا من 5 قروش نتيجة زيادة الطلب على العرض لأن الخبز آخر الخطوط الدفاعية لغذاء الفقراء.

التموين تعترف بالتحديات
بداية تؤكد مصادر بوزارة التموين والتجارة الداخلية، أن هذه المنظومة الإلكترونية لتوزيع الخبز للحد من الفاقد من الدعم الذي يصل إلى 11 مليار جنيه سنويا بما يعادل نصف قيمة الدعم البالغ 22 مليارا، ستواجه كثيرا من التحديات سواء من قبل أصحاب المخابز الذين أدمنوا الكسب أو التواطؤ بين قلة من المفتشين معهم لأن إلغاء دور المفتش في الرقابة على المخابز ليس في صالحهم على الإطلاق لأن الرقابة باعتراف حنفي تخلق الفساد كما أن هناك ضغوطا من أصحاب المخابز لزيادة التكلفة بدلا من 33 قرشا و7 مليمات مع بدء المنظومة الجديدة حاليا إلى 35 قرشا.

لكن الخطورة هي إلغاء الرقابة بما يسمح لأصحاب المخابز في التلاعب بوزن الرغيف من 90 جراما إلى 70 أو 80 دون وجود لمن يحمي المستهلك، سوى أنه لا يشتري من صاحب المخبز لكن قد يتفق أصحاب المخابز في المنطقة الواحدة على هذا الوزن ولا يجد المواطنون مفرا سوى الخضوع لشراء الخبز وهنا يصبح المستهلك في قبضة صاحب المخبز دون حماية بجانب إمكانية حدوث تواطؤ بين المستهلكين وأصحاب المخابز في كروت صرف الخبز لإجراء عمليات صرف وهمية أو غير حقيقية على ماكينات الصرف بالمخابز للاستفادة من تكلفة الرغيف من الدولة.

المنظومة محاطة بالفشل
ويرى ماهر عبد اللطيف المستشار بالمكتب الفني لوزير التموين والتجارة الداخلية السابق أن هذه المنظومة محاطة بالفشل لأنها لم تستغرق وقتا طويلا لمعالجة أي سلبيات تطرأ عليها حال عملية التطبيق لأن نجاحها في بورسعيد رغم عدم ظهور النتائج الحقيقية لها كاملة ليس معيارا للإسراع بتطبيقها في محافظات أخرى لأن النمط الاستهلاكي يختلف في بورسعيد عن غيرها من المحافظات لأن شعبها يميل إلى الإكثار من تناول الأرز وليس الخبز كما أنهم يميلون إلى الخبز الأفرنجى.

أما محافظات الصعيد فالنمط الاستهلاكي يختلف لأن الخبز هو المكون الرئيسي لوجبات المواطنين في هذه المحافظات وخاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة بجانب أن المنظومة الجديدة قلصت وزن الرغيف من 130 جراما إلى 90 لإقناع المواطنين بزيادة عدد الأرغفة إلى 5 للفرد في اليوم، دون رقابة من التموين على أصحاب المخابز حال التلاعب بالمنتج، يحاسبهم على نقص وزن الرغيف أو تعطيل ماكينات الصرف لبيع الخبز للمواطنين بالسعر الحر غير المدعم وعند التطبيق في القاهرة أو الوجه القبلي ستكون مقبرة لهذه المنظومة أو الاختبار الحقيقي لنجاحها أو فشلها.

وينتقد عبد اللطيف نظام النقاط المجمعة للخبز حال تنازل المواطنين عن جزء من حصتهم للحصول على ما يعادلها سلعا غذائية من محال البدالين التموينيين مقابل 10 قروش لكل رغيف لأن هذا احتمال والقرارات لا تبنى على احتمالات والمواطن لن يستطيع التخلي عن الخبز بسهولة حتى لو استخدمه علفا للحيوان لأنها الأرخص ويمثل حقه في الدعم كما يعتقد الوزير أن هذا التنازل يحقق ما يتراوح بين 250 إلى 500 مليون جنيه شهريا لتنشيط البدالين فهذا مجرد كلام في الهواء مبني على احتمالات يصعب تحقيقها على أرض الواقع.

زيادة على فاتورة الدعم
من جانبه قال العربي أبو طالب رئيس الاتحاد العام لمفتشي التموين، إن المنظومة الجديدة ستزيد 6 مليارات جنيه على فاتورة دعم الخبز لتصل إلى 28 مليارا بدلا من 22 حاليا، لأنها تزيد من تكلفة الدقيق الذي حددته وزارة التموين بـ 3182 جنيها للطن استخراج 82% في حين أن طن الدقيق الحر الفاخر استخراج 72% الأعلى جودة من سابقه يصل إلى 2800 جنيه ليصل الفارق في التكلفة للطن الواحد إلى 382 جنيها بإجمالي 3 مليارات و438 مليون جنيه سنويا مع تكلفة أصحاب المخابز تكتمل 6 مليارات إضافية على دعم الخبز الحالي مع استكمال تطبيق المنظومة.

وأضاف: مع ذلك فهناك إنقاص لوزن الرغيف الذي أصبح حاليا 90 جراما بدلا من 130 لأن المواطن في منظومة 2013 يحصل على 20 رغيفا بـ100 قرش زنة الواحد 130 جراما بإجمالي 2600 جرام في حين تحصل الأسرة على 30 رغيفا في المنظومة الجديدة بوزن 90 جراما ليصبح الإجمالي لعدد الأرغفة 2700 جرام لن يحصل على هذا الوزن كاملا من أصحاب المخابز لقطع الحبل السري للرقابة بين المفتشين وأصحاب المخابز لافتا إلى أن إنتاج 150 رغيفا شهريا للفرد في المنظومة الجديدة يزيد العبء على الدعم بـ13 جنيها و10 قروش.

التلاعب في كروت الصرف
ويشير إلى تلاعب في كروت صرف الخبز والماكينات وعدم تنشيطها منعا لصرف المواطنين حصتهم منها بما يدفعهم إلى شراء الرغيف بـ50 قرشا خاصة بعد عدم حصول الجنسيات على هذا الخبز المدعم سواء كانوا من السوريين أو السوادنيين وغيرهما بالقاهرة وسائر المحافظات وهذا طريق يزيد من دخول أصحاب المخابز كما سيفتح شهية أصحاب المطاحن إلى زيادة تكلفة الطحن بما يدفعهم إلى المطالبة بتكلفة أكبر والمنظومة ما زالت مفخخة بالمشاكل لأنها لو نجحت في القاهرة التي تستهلك 40% من الخبز نجحت في سائر المحافظات وإذا فشلت ذهبت وكأنها لم توجد لأن هناك قوى مقاومة لها من أصحاب المصالح في المخابز والمطاحن وبعض المفتشين ويصبح المواطن الضحية في حصوله على الرغيف المدعم في أي منظومة للخبز.

الجريدة الرسمية