رئيس التحرير
عصام كامل

مصطفى أمين.. قديس الصحافة ورائد العصر الذهبي.. حكم عليه بالسجن 25 سنة.. وخرج بإفراج صحي بأمر من السادات

الكاتب الصحفى مصطفى
الكاتب الصحفى مصطفى امين،فيتو

مصطفى أمين، عملاق من عمالقة صاحبة الجلالة، ورمز من رموز الصحافة الحديثة، عاش وتربى فى بيت الأمة، عاصر أحداث سياسية جسيمة حيث يقول دائما "تربيت فى حضن ثورتين ثورة 1919 وثورة 1952، وكان من حسن حظى أنى كنت قريبا من قائد الثورة الأولى سعد زغلول بحكم مولدي، ومن قائد الثورة الثانية جمال عبد الناصر بحكم عملى وشهدت حربين عالميتين، ورأيت نتائج الحربين الكبيرتين التي غيرت حياة البشر وتفكيرهم، سوف يظل دائما شخصية جدلية يتحمس له الكثيرون ويرفضه الكثيرون لكنه يظل رغم الرحيل ليس مجرد شخصية صحفية لكنه تاريخ سياسي طويل.

Advertisements

فى مثل هذا اليوم 13 أبريل 1997 خرج الآلاف من أبناء مصر للمشاركة فى الوداع الأخير للكاتب الكبير عملاق الصحافة مصطفى أمين بعد توقف قلمه الذى استمر أكثر من 60 عاما نصيرا لحرية الرأى والتعبير.

التوأمان مصطفى وعلى أمين.. نشآ في بيت الأمة وأصدرا مجلة في الثامنة من عمرهما.. وأسسا مدرسة صحفية رائدة

ويتحدث مصطفى أمين عن نفسه فى كتابه "من واحد الى عشرة" الذى أصدره عام 1977 ويقول: كيف أحسب عمري؟ بالصحف التي أصدرتها أو أشتركت في تحريرها؟ أم بعدد تلاميذي أم بعدد قرائى؟ أم بالانتصارات التي حققتها أم الهزائم التي منيت بها؟ بالمرات التي أخفق فيها قلبى؟ أم بالصداقات الحلوة التي تمتعت بها؟ أحسب أن العمر هو كل هذا، ولو كانت هذه القاعدة الحسابية صحيحة فلا بد أنني عشت ألوف السنين.

مصطفى وعلى امين أشهر توأمين صحفيين 

وأضاف عملاق الصحافة وأستاذ الأجيال مصطفى أمين: قديما قالوا إن عمر الإنسان يحسب بالأيام السعيدة التي عاشها، بهذا أكون قد عشت كل يوم من أيام حياتى الصحفية التي بدأتها في طفولتى، فإن كل كلمة كتبتها أسعدتني.. حتى لو كلفتنى حريتى وحياتى بعد ذلك، ولا أتصور أن أعيش يوما في حياتى بغير قلم فلقد كان دائما هذا القلم صديقى وحبيبى، أعطيته وأعطانى، وعشقته وأخلص لى.. وعندما أموت أرجو أن يضعوه بجوارى في قبرى فلقد أحتاج إليه إذا كتبت تحقيقا صحفيا عن يوم القيامة، عشت صراع الشعوب المستعبدة وهى تحطم قيودها، رأيت بلدى تتحول من مستعمرة إلى دولة مستقلة الشعب فيها. 

مصطفى وعلى أمين وأم كلثوم 

وتابع مصطفى أمين: ورأيت فلاحا مصريا يجلس على مقعد رئاسة الجمهورية، وعاملا مصريا يصبح وزيرا، وامرأة مصرية تجلس في كرسي الوزارة، وسمعت أم كلثوم وهى تغنى ورأيت نجيب الريحانى وهو يمثل وجلست مع محمد عبد الوهاب وهو يلحن وحضرت أمير الشعراء أحمد شوقى وهو ينظم شعره، وشاركت في صنع صحافة عظيمة في بلادى.. إنها قصة مصر التي عشتها.

مصطفى وعلي أمين، قصة أشهر توأمين بالصحافة من العيب فى الذات الملكية للتخابر ضد مصر

ميلاد فى بيت الأمة 

ولد مصطفى أمين عام 1914 فى بيت الأمة حيث كان خال والدته هو الزعيم سعد زغلول، تلقى تعليمه بالمدارس المصرية، وسافر إلى الولايات المتحدة لدراسة العلوم السياسية بجامعة جورج تاون في مواد لها علاقة بالصحافة حيث رفض أهله دراسته للصحافة بينما درس توأمه على أمين الهندسة.
تأسيس أخبار اليوم 

بدأ حياته صحفيا فى مجلة الرغائب ثم الكوكب والجهاد إلى روز اليوسف عام 1930 واشترك مع محمد التابعى فى إصدار مجلة آخر ساعة 1934 وتولى فيها منصب نائب رئيس التحرير ثم مندوبا لجريدة المصرى فى اوروبا ثم رئاسة تحرير آخر ساعة إلى أن اشتراها عام 1946.. أسس مع شقيقه وتوأمه على أمين دار أخبار اليوم عام 1944 وأسس مجلتى آخر لحظة والجيل عام 1951 ثم جريدة الأخبار اليومية.

بعبارة موجزة.. مصطفى أمين يلخص علاقته برؤساء مصر

مخبر صحفى فى البداية 

عن أول خبر صحفي كتبه قال مصطفى أمين: عملت في بداية حياتي مخبرا صحفيا هوايته جمع الأخبار، وكان أول خبر كتبته من أمريكا حيث كنت أدرس هناك أن ملك إنجلترا يحب سيدة مطلقة تدعي مسسز سمبسون أرسلته للتابعى في آخر ساعة؛ لكن التابعي كلم رئيس الوزراء وقتئذ فقال له لاتزعل ملك بريطانيا لأنه هو الذي وقع معاهدة 36، لكن التابعي نزل الخبر وثبت صحته بعد ذلك.

أما الأخبار التي ندم عليها عملاق الصحافة مصطفى أمين فهى تلك التي كانت تضايق الناس، وكان من رأيه أن الخبر الصحيح هو الذي لا يعرفه الوزير، أما ما يعرفه الوزير فليس خبرًا، لدرجة أنه كان ينشر أن الوزير خرج من الوزارة دون أن يعلم الوزير نفسه بخروجه.

مشاغبات أول معركة 

وأضاف: أول معركة دخلتها وقت كنت أكتب بعنوان "مشاغبات" في جريدة الجهاد وكنت مازلت طالبًا، وكان قد تقرر سفر فاروق ولي العهد لدراسة العسكرية في إنجلترا، فكتبت وقلت لا أفهم لماذا يدرس ولي العهد العسكرية هل سيقود الجيش.. قلت إنه سيقود البلد كلها وكان أفضل أن يدرس سياسة الحكم، وأيضًا سألت لماذا لن يتعلم في الجامعات المصرية حتى يختلط بالناس وبالشعب.

تأثر مصطفى أمين فى حياته الصحفية بالأديب عباس محمود العقاد لاحتفاظه بكرامته، كما تأثر بمحمد التابعى وعبد  القادر حمزة وتوفيق دياب وفكرى أباظة حيث تأثر بهما فى الكتابة السياسية فيقول: اننى لا أعتبر عملى الصحفى رفاهية وإنما أعتبره تضحية، إننى أضع رأسى على كفى لإيماني ببلادي وليس لخدمة حاكم، إننى لا أريد شيئا سوى أن أرضى ضميرى ولا أستطيع أن أهاجم بالأمر أو أؤيد بالأمر. 
 

مصطفى امين فى لحظة وئام مع عبد الناصر 

أيد مصطفى أمين ثورة يوليو، وكتب عام 1950 مقالا فى أخبار اليوم بعنوان “مصر تبحث عن قائد” وعندما قامت الثورة طلب عبد الناصر منه أن يكتب عن الحزب الواحد أى هيئة التحرير، ووصل الصدام ذروته فتم إلقاء القبض على مصطفى أمين وحوكم بتهمة التجسس وحكم عليه بالسجن 25 سنة وفشلت كل المحاولات من ملوك ورؤساء وفنانون للإفراج عنه دون جدوى.

إفراج صحي ومنع من الكتابة 

وبعد حرب أكتوبر عام 1974 أمر أنور السادات بالإفراج عن مصطفى أمين إفراجا صحيا بعد ثمانى سنوات ونصف قضاها فى السجن، ثم كتب مصطفى أمين مقالا يقول فيه: “إنى أضع رأسى على كفى لإيمانى ببلدى وليس لخدمة الحاكم”، فكان الرد منعه من الكتابة وتوقف مقاله اليومي "فكرة" وتم حذف عبارة "أسسها مصطفى وعلى أمين" من صدارة أخبار اليوم، فرد مصطفى أمين أن هرم الجيزة ليس مكتوبا عليه أسسه خوفو.

وحين عاد إلى الكتابة كتب فى عموده "فكرة" يقول: إذا غضب منك عبد الناصر قصف عمرك، وإذا غضب منك السادات قصف قلمك وإذا غضب منك مبارك اكتفى باللوم، ليرحل فى مثل هذا اليوم عام 1997 عن 83 عاما.

أنيس منصور ينعى مصطفى أمين 

في عدد جريدة الأهرام الصادر بتاريخ 14 أبريل 1997، في عموده مواقف كتب أنيس منصور مقالا ينعى فيه الكاتب الصحفى مصطفى أمين  يقول فيه: ضحك علينا مصطفى أمين وعلى أمين، فقد كانا يقولان لنا إن الكاتب يجب أن يموت واقفًا، لا أن يعيش راكعًا، ولكن "على" مات منبطحًا على الأرض يكتب، ومصطفى مات جالسًا يكتب، أدمن مصطفى الحاضر وأدمن شقيقه المستقبل، كان  "مصطفى" على استعداد أن يضحى بك من أجل خبر، وكان على أمين على استعداد أن يضحي بالخبر من أجلك، ولهذا فهما متكاملان.

وأضاف منصور: عاش ليرى أصغر تلاميذه رؤساء للمؤسسات الصحفية، وهكذا اكتملت الدائرة، فمصطفى أمين دخل "أخبار اليوم" محمولا على الأعناق، وخرج منها محمولا على الأعناق، دخلها والدموع في عينيه في زفة الملايين الذين عرفوه في مجلتى "الاثنين" و"روز اليوسف"، وخرج منها والدموع في عيوننا جميعا أسفًا على عميد الصحافة الحديثة.
 ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

الجريدة الرسمية