رئيس التحرير
عصام كامل

المرأة كتاب عليك أن تقرأه بعقلك!

آفتنا في العالم العربي هو النظرة إلى المرأة حتى باتت تلك النظرة إشكالية يستغلها المستشرقون في الغرب لإظهار ثقافتنا وديننا على أنها تظلم المرأة، بينما الحقيقة غير ذلك تمامًا، فهذا رسول الإنسانية يعطينا القدوة الحسنة في التعامل مع المرأة. فقد دخل معاوية بن حيدة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها مما تطعم، وأن تكسوها مما تلبس، ولا تضرب الوجه ولا تقبح) أي: لا تقل: هذا الوجه وجه قبيح، أو وجهكِ قبيح، أو قبحك الله أو غير ذلك..


وفي خطبة الوداع وقف النبي صلى الله عليه وسلم على رءوس الأشهاد ينادي بحقها، ويوصي بها خيرًا، ويقرر لها حقوقًا وواجبات، لتكون لها وثيقة خالدة لا ينازع فيها، وقضاء عادلًا لا تظلم فيه، وهذه الخطبة تعد خطابًا تاريخيًا يعلى قيمة المرأة ويصونها بقوله: 

"استوصُوا بالنساءِ خيرا؛ فإنهن عندَكم عَوانٌ؛ ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك؛ إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبيِّنة، فإن فعَلْن فاهجُروهن في المضاجعِ واضربوهن ضربًا غير مُبرِّح؛ فإنْ أطَعْنَكم فلا تبغُوا عليهن سبيلا. إنَّ لكم مِن نسائكم حقًاّ ولنسائكم عليكم حقًاّ، فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئن فُرُشَكم مَن تكرَهون ولا يأذَنَّ في بُيوتِكم لمن تكرهون، ألا وحقُّهن عليكم أنْ تحسِنوا إليهن في كِسْوَتِهن وطعامِهن".

استوصوا بالنساء خيرًا


ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: "استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله".. فهل بعد ذلك نصدق من يقول إن الإسلام انتقص من حقوق النساء.. نحن الذين نخطىء تطبيق تعاليم الدين ولا نحسن التعامل مع المرأة، ونضيق النظرة إليها حتى يراها البعض عورة، ويراها البعض الآخر كائنا تابعًا للرجل يستحل هضم حقوقها وميراثها. 

 

ينبغي أن نستلهم روح الشرع في معاملة المرأة كشريك في الحياة، يقف على قدم المساواة مع الرجل في أصل التكاليف الشرعية.


ولا غضاضة أن نعود لما كتبه كبار المفكرين والعلماء في طرائق التعامل مع المرأة؛ فهذا مفكرنا الرائع د.مصطفى محمود يقول:

"إذا أردت أن تحكم على جمال امرأة فلا تنظر إليها بعينيك وإنما انظر إليها بعقلك لترى ماذا يختفي وراء الديكور، وحذار أن تنظر إليها بعاطفتك أو غريزتك وإلا فإنك سوف تفقد عقلك من أول نظرة ثم يخيل إليك أنك أمام فينوس الخارجة من زبد البحر وفي ضباب الحواس وصخب الإثارة تستحيل الرؤية وتتحول حدائق الحيوان إلى جنات مغرمين وملامح القردة إلى تقاطيع الملائكة. 


المرأة كتاب عليك أن تقرأه بعقلك أولا وتتصفحه دون النظر إلى غلافه، قبل أن تحكم على مضمونه، ذوق الناقد وليس ذوق العاشق هو الذي سوف يدلك؛ ولذلك تحرص المرأة بذكائها على أن تحولك إلى عاشق أولا حتى تفقد عقلك فلا ترى الحقيقة، وأغلب الرجال لا يرون الحقيقة الا بعد فوات الأوان..

 

 

والذين يرون الحقيقة يتحولون إلى فلاسفة فيعشقون الحقيقة لذاتها وينسون المرأة ويؤلفون الكتب في دراسة الجمال وفلسفة الجمال وينسون حكاية المرأة الجميلة. وحتى هذا الفيلسوف لا تعدم المرأة وسيلة للضحك عليه فتقابله كل يوم وتحت إبطها كتاب، لقد وضعت الروج المناسب للرجل المناسب".. فهل أدركت أين يكمن الخلل في نظرتنا إلى المرأة؟!

الجريدة الرسمية