رئيس التحرير
عصام كامل

لا تكثر الزعل واللوم!

الإسراف في كل شيء يفسده، فإذا زاد الشيء عن حده انقلب ضده، ولهذا فإن كثرة التلاوم والزعل من الآخرين تفسد علاقتك بهم.. كما أن كثرة الضحك تميت القلب، ومن ثم جاء الحديث الشريف دقيقًا في معناه ومبناه، يقول صلى الله عليه وسلم "تبسمك في وجه أخيك صدقة".. قال: تبسمك وليس ضحكك، وبينهما فارق كبير!


الزعل المستمر واللوم المستمر يُميت لذة كل شيء وإن كان من غير قصد.. فاقتصد في لومك وأقلل من زعلك لأجل سلامتك النفسية أولًا، وسلامة علاقتك بمن حولك.


امدحوا حسنات بعضكم وتجاوزوا عن الأخطاء، فإن الكلام الجميل مثل المفاتيح تفتح به قلوب من حولك.. تغافل مرة بل ومرات فليس كل شيء يستحق الاهتمام، ولا تعط الأمور أكبر من حجمها، فإن رأيت أمامك حجرًا فارمِ به خلفك وتقدم، إنها ثقافة ومهارة.. فاجعل من ركام الطريق شيئًا تصعد عليه فتعلو وتتقدم ولا تندب حظك، فالدنيا ليست دار نعيم مقيم بل قنطرة عابرة فخذ منها ما يعينك على العبور وتزود فإن خير الزاد التقوى.


‏والتمس لغيرك الأعذار إذا أردت أن يلتمسوه لك إذا ما تغير حالك معهم على غير إرادة منك ولا قصد؛ فالنفوس آفاق ووديان ولعل نفسك في أودية غير وديانهم، ولعل صدرك يحوي ما لا تستطيع البوح به.. وليس للناس إلا الظاهر، أما الباطن فالله وحده أدرى به، فإجعل ظاهرك مثل باطنك؛ وإحرص أن يكون باطنك مثل ظاهرك حسنًا، حتى لا تقع في دائرة النفاق، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار. 


واغسل قلبك من نزغات الشيطان وسوء الظن، وتخلص من المكر السيئ فلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.. فنحن في سنوات خداعات تتساقط فيها الأرواح بلا سابق إنذار.. فاحرص على أن يكون لك واحدة من ثلاث، إما صدقة جارية، وإما علمٌ ينتفع به، وإما ولد صالح يدعو لك، وحبذا لو أنعم الله عليك بالثلاثة.. هنا يستمر مدد الخير والعطاء حتى بعد موتك ويتعاظم رصيدك من الحسنات في الآخرة.

 

يقول الرسول الكريم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، فماذا أعددت من هذه الثلاثة.. اللهم اجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله، وترك في الدنيا سيرة حسنة يتناقلها الناس من بعده بالخير، فالذكر للإنسان عمرٌ ثانٍ.

 


وهنيئا لمن زرع الخير لله، وحصد الخير وأحسن الظن بالله.. وخرج من هذه الحياة بحسن المعشر وطيب الذكر.. فالحياة قصيرة مهما طالت.. والكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والغافل من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.. وما أكثر الأماني الخادعة والأمنيات الكاذبة.. فاعقل وتدبر واستدرك ما فات.. فما زالت الفرصة قائمة.. فاغتنهما ولا تتأخر!

الجريدة الرسمية