رئيس التحرير
عصام كامل

الأسعار خرجت عن النص

 تذكرني الأسعار في بلادنا ببعض المشاهد الكوميدية لعدد من كبار الفنانين الذين خرجوا عن النص في العديد من المشاهد المسرحية التي ظلت محفورة في ذاكرتنا.. ليس لمجرد خفة ظل الفنان ولكن أيضا لغرابة الخروج عن النص في المشاهد المسرحية، ربما يتخيل المشاهد منظر المخرج وبقية فريق العمل حينما كان أحد هؤلاء النجوم يخرج عن النص ويبتكر في المشهد المسرحي موقفا من عنده.. فيضحك الجمهور ويندب المخرج والكاتب حظهما!

 

أتذكر تلك المشاهد جيدا حينما أطالع أوضاع الأسعار في بلادنا التي خرجت تماما عن نصوص الدساتير والقوانين والإجراءات والتعليمات والضوابط.. أحاول حتى الآن أستوعب ارتفاع سعر سلعة معينة كانت في الأصل مخزنة في خلال يوم أو بعض يوم.. بل في خلال ساعة واحدة.. 

Advertisements

 

تجد البائع من هؤلاء يبيع السلعة بسعر وما أن تدير له ظهرك وتنصرف حتى تصبح للسلعة سعر آخر في نفس الساعة ولا أدري بأي ضمير يتعامل ذلك البائع فالسلعة في الأصل كانت مخزنة وكان من الممكن أن يبيعها بسعرها القديم قبل أن يتلقى اتصالا من التاجر الذي يتعامل معه وكأن في مصر مافيا تتحكم في الأسعار وفي معيشة المواطن البسيط..

 

شاعر النيل وارتفاع الأسعار

 يؤسفني القول: إن خروج الأسعار عن النص ألهب جميع السلع الغذائية ولم يعد للمواطن المغلوب على أمره جيب كي تكويه نار الأسعار، أما تصريحات المسؤولين والجهات المعنية بالرقابة فهي أقرب إلى قصائد الشعر وحكايات الجدات التي تصلح للأطفال الصغار في ساعات التسالي والسمر بدلا من خروج هؤلاء الأطفال إلى شوارع يحكمها البرد القارس في ليالي الشتاء.. التي يحلو لي خلالها أن أتذكر كثيرا من إضاءات الشعر العربي بمختلف عصوره ومنها قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم.

 

لقد أدان شاعر النيل ارتفاع الأسعار -في عهده- وقلة السلع واصفا الحاجة إلى مسح الحذاء بأنها أزمة كبيرة، أما أسعار السلع الغذائية فهي الأزمة الأكبر بالنسبة للفقير، مثل أسعار الذهب والياقوت حتى قرر ذلك الفقير الدخول في صيام مفتوح، بعد أن تحولت اللحوم بالنسبة له كأنها حرام عليه بسبب ارتفاع أسعارها بطريقة مبالغ فيها، أما رغيف الخبز بالنسبة لذلك الفقير فكأنه بدر في السماء لا يمكنه الوصول إليه.. 

 

 

والتزاما بعدم الخروج عن النص ننقل قصيدة حافظ إبراهيم التي يقول فيها:

أيها المصلحون ضاق بنا العيش ***  ولم تحسنوا عليه القياما

عزًّت السلعة الذليلة حتى بات   ***     مسح الحذاء خطبا جساما

وغدا القوت فى يد الناس كالياقوت** * حتى نوى الفقير الصياما

ويخال الغيف فى البعد بدرا      ***      ويظن اللحوم صيدا حراما

مواد متعلقة

الجريدة الرسمية