لماذا الدواء الذى لم يحقق الشفاء؟!
خلال العقود الماضية جربنا علاج أزمة النقد الأجنبي بتخفيض الجنيه عدة مرات، كان من بينها ثلاث مرات منذ نهاية عام 2016، ولم نتخلص من تلك الأزمة.. هى هدأت قليلا لبضع سنوات قليلة (من عام 2017 حتى عام 2021) عندما اعتمدنا على الأموال الساخنة في سد العجز في النقد الأجنبي، ولكن هذه الأزمة بقيت قائم،ة وزادت حدتها بعد أن هجرتنا الأموال الساخنة فجأة وخرجت من أسواقنا، بالطبع بما جنته من أرباح كبيرة..
ومع ذلك فإننا نعود لنتجرع ذلك الدواء المر، بل شديد المرارة، والذى يتحمل مراراته أكثرنا فقرا، والذين نسميهم أصحاب الدخول المحدودة، ومعهم الآن أصحاب الدخول المتوسطة أيضا..
إن أزمتنا سببها معروف لدينا جميعا، ويتمثل في أن إنفاقنا من النقد الأجنبي يفوق مواردنا منه، ولا حل للأزمة إلا بزيادة مواردنا من النقد الأجنبي وتخفيض إنفاقنا منه.. وزيادة مواردنا من النقد الأجنبي يحتاج كما قلنا مرارا لوقت ليس بالقصير، لأنه يحتاج لزيادة إنتاجنا وزيادة صادراتنا..
النقد الأجنبي
وهذا لن يتم إلا بزيادة استثماراتنا وهو الأمر الذى لا يتحقق إلا بشروط عديدة أهمها الآن استقرار سعر الصرف وإختفاء أو انكماش السوق السوداء للعملة، فضلا عن أن الاستثمارات الجديدة تستغرق وقتا لتسهم في زيادة الإنتاج وبالتالى الصادرات..
ولذلك يبقى المتاح أمامنا بشكل عاجل هو تخفيض إنفاقنا من النقد الأجنبي، وهذا يتحقق بتخفيض وارداتنا من الخارج والاستغناء عن كل ما هو ليس ضروريا من الواردات، وهذا أمر متاح أن يتم فورا بقرارات حكومية، وليس بحجب البنك المركزى تمويلها ، لأنه يتم اللجوء بعدها للسوق السوداء لتوفير التمويل اللازم لها..
مما يشكل ضغطا أكبر على الجنيه في السوق السوداء، ويسهم في رفع سعر الدولار كما هو حادث الآن.. كما يتعين أن نتفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة ديوننا الخارجية لتخفيض أعبائها الآن علينا.
وفى النهاية نقول ونكرر : إن تخفيض الجنيه هو تخفيف لأعراض الآزمة وليس علاجا لها، بينما المرض يزداد حدة ويستفحل.. والدليل أن سعر الجنيه انخفض سعره كثيرا خلال عقدين من الزمان رغم اللجوء إلى تخفيضه من قبل البنك المركزى عدة مرات. وبقيت أزمة النقد الأجنبى قائمة بلا حل ناجع.