رئيس التحرير
عصام كامل

الرجل والمرأة.. هل يستغنى أحدهما عن الآخر؟!

هل تحتاج علاقة الرجل بالمرأة كل هذا الضجيج الذي جعلهما خصمين يسعى كل طرف للانتصار على الآخر.. فما أكثر ما كتب عن علاقة الرجل بالمرأة، وهى كتابات ينحاز بعضها للجنس الناعم، وبعضها يرى المرأة مجرد تابع للرجل الذي يملك القوامة عليها.. 

 

وتتباين الثقافات في نظرتها للمرأة؛ فبعضها يجعلها في مرتبة أدنى من الرجل، وبعضها ينتصر لها على حساب الرجل.. وكلتا النظرتين تنطوى على تطرف وإغفال لحقيقة مهمة لخصها رسولنا الكريم الذي ضرب أروع الأمثلة في تكريم المرأة ومعاملتها بالحسنى، بقوله صلى الله عليه وسلم "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"..

 

والحق أن الرجل والمرأة متساويان في التكليف وفي أصل الخلقة، ومن ثم فلا فضل لأحدهما على الآخر، إلا بمقدار الوظيفة الاجتماعية، بدليل أن التكليف الإلهي خاطب المرأة والرجل على قدم المساواة دون تفرقة أو تمييز بقوله تعالى في خطاب المؤمنين “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ”.. 

خصومة وهمية

وهو هنا خطاب خاص بطائفة المؤمنين رجالًا ونساءً، وليس مقصورًا على الرجال وإن كان لفظ المؤمنين ذكوريًا؛ فهذه إشكالية لغوية تغلب الذكورة في خطابها للجنسين معًا؛ فإذا كان المخاطب جملة من النساء بينهن مذكر واحد جاء اللفظ مذكرًا صريحًا لا خلاف في ذلك..

 

وفي الخطاب العام يقول الله تعالى أيضا "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"(البقرة)، والناس هنا تشمل الرجال والنساء.. فأي مساواة أعظم من ذلك التكليف الرباني الذي هو أساس العبادة والعبودية له سبحانه وتعالى؟


ويرسي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قاعدة اجتماعية مهمة لو عقلها أنصار المعسكرين المتطرفين؛ سواء المناصرون للمرأة على طول الخط، أو المتحاملون عليها على طول الخط ما أهدروا كل هذا الجهد سدى، تلك القاعدة النبوية قوامها:"النساء شقائق الرجال" "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"..

 

هذه قاعدة ذهبية تجعل الرجل والمرأة عنصرين متكاملين، لا غنى لأحدهما عن الآخر في عمارة الكون وبناء الأسر والمجتمعات؛ ولو أن المتصارعين على جبهات القتال بين الرجل والمرأة فهموا هذه الفلسفة العميقة والشاملة ما أثاروا كل هذا الضجيج ولأراحوا العقول والأفهام من معارك مصطنعة ضاع في طريقها كثير من معاني الألفة والترابط والانسجام.. 

 

فالرجل، باستثناء آدم أبي البشر، هو ابن المرأة التي حملته في بطنها 9 أشهر، وسقتها قطرات الحياة والحياة لبنًا سائغًا استهل به الحياة، واحتضنته حولين كاملين حتى أتم الفطام.. والمرأة ابنة الرجل ونطفة منه ألقاها في رحم الأم لتحرج إلى الحياة نبتة من لحم ودم ينتسب إليه ويحمل جيناته، وهى الأخت والحبيبة والزوجة شريكة الحياة والابنة.. فكيف لعاقل أن يفرق بين الرجل والمرأة بحسبانهما خصمين متصارعين يسعى كل منهما لانتزاع حقوقه وهيمنته على الآخر؟!

 


ترى من المستفيد في اختلاق خصومة وهمية بين عنصرين لا تنصلح حياة أحدهما دون الآخر، والأهم لن تتحقق الغاية من عمارة الأرض إلا باتحادهما وتزاوجهما وتكاملهما في منظومة إنسانية تستلهم روح المزاوجة التي فطر الله عليها كل المخلوقات؟!

الجريدة الرسمية