رئيس التحرير
عصام كامل

ولكم في الأمل والتفاؤل حياة!

ما أحوجنا للتفاؤل؛ ففيه حياة وإحياء للأمل وسط ركام اليأس وانهيار القيم الإنسانية وسقوط دعاوى المدنية وحقوق الإنسان التي صدعتنا بها أمريكا والغرب، وهى القيم التي تهاوت تحت وطأة القصف والقتل وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل بدعم أمريكي وغربي كامل بحق أشقائنا في غزة، حتى سقط منهم نحو 18987 شهيدا و55 ألف مصاب، في 70 يومًا..

 

وهنا ورغم ما تعيشه الإنسانية من ظروف صعبة وتحديات كبيرة من الحروب والصراعات والأوبئة والغلاء يبقى التفاؤل.. مخرجًا لكل البشر للخروج من حالة التشاؤم والحزن إلى الحفاظ على الصحة النفسية للإنسان؛ فالأزمات المتتالية وعجز المنظومة الدولية عن وقف آلة  القتل والتدمير وانهيار الأخلاق تخلق بالضرورة أجواء خانقة تجعل الإحساس بالأمن والاستقرار شيئًا عزيزًا!


وفي ثقافتنا العربية أقوال مأثورة تدعونا للتفاؤل كقولنا "تفاءلوا بالخير تجدوه".. وتلك حكمة عظيمة وحقيقة واقعة ووصفة مجربة.. حقًا من تفاءل بالخير وجده، ومن سعى للسعادة حصّلها، ومن أراد التفوق في عمله أو دراسته واجتهد وأخلص في عمله تمسك بالأمل بلغ غاية المنى.. ومن استسلم للتشاؤم قتله وأضعف روحه؛ فالتشاؤم عدو للإنسان يبدد طاقته، ويضعف عزيمته، ويضيق عليه آفاق الحياة الواسعة.. 

فن التفاؤل

يقول الله تعالى لمن ضاق صدره وقصر أمله:" "أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ".. وقال تعالى داعيًا لعدم الاستكانة والاستسلام للقعود عن السعى والعمل: "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ".. فليس وراء اليأس إلا فوات الأمل وموت الروح.. وهو أكبر عدو للإنجاز والعمل.. وتلك مسالك الشيطان وغاية أهل الشر الذين يبغون زرعه في نفوسنا لإحباطنا وصرفنا عن استكمال مسيرة الحياة. 


التفاؤل فن لا يحسنه كثير من الناس يترجمه المؤمن الواثق بربه إلى عمل منتج وسلوك حياة، ولنا في سيد الخلق القدوة الحسنة وهو القائل صلى الله عليه وسلم: "وأحسنها الفأل"؛ أي أنه كان "يعجبه الفأل"، وينهى عن الطيرة أي التشاؤم.. وتلك حكمة لو تعلمون عظيمة..

 

فالتفاؤل مدخل للتيسير، واليسر جوهر الدين.. فما خُيّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما تطبيقًا لقول الله تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: “بشِّروا وَلا تُنفِّروا، ويَسِّروا وَلا تُعسِّروا”.


التفاؤل يصنع الأمل ويحقق الحلم، ولا يقد عليه  إلا النفوس الواثقة بفرج الله ونصره، فمن عرف باب الأمل لا يعرف المستحيل، ومن عرف حقيقة ربه لا يظن به  إلا خيرًا.. وتلك صفة أساسية لأي شخصية ناجحة.. 

 

 

ومثل هذا التفاؤل يخلق أملًا نحتاجه في أيامنا الصعبة تلك بسبب ما وقع من أزمات دولية وإقليمية متعاقبة، حتى وصلت إلى حدودنا وباتت تؤرقنا، وهنا يأتي التفاؤل دواءً للقلق، ليعمق الثقة بالنفس، ويحفز على النشاط والعمل والتحدي، وهذه كلها عناصر لا غنى عنها لتحقيق النجاح والثبات.. والسؤال: لماذ يجب أن نتفاءل؟!

الجريدة الرسمية