رئيس التحرير
عصام كامل

مَنْ رفع توزيع الجمهورية لأكثر من 800 ألف نسخة؟!

يسعد الكاتب -أي كاتب- حين يجد تفاعلًا مع ما يكتب سواءٌ للصحف أو حتى على مواقع السوشيال ميديا التي باتت إعلامًا موازيًا أو بديلًا في كثير من الأحيان.. ينجح فيما أخفقت فيه الميديا الرسمية.. ولهذا أسباب يضيق المقام عن حصرها!


منذ أيام نشرت مقالًا بموقع فيتو كان عنوانه: "حكايتي مع مكتب السادات.. وإصراري على الاستقالة ثلاث مرات" بمناسبة الاحتفال بمرور سبعين عاما على انطلاق جريدة الجمهورية.. وما إن أعدت نشره على صفحتى على الفيس بوك، حتى جاءتني ردود متباينة، منها من يطلب التعمق في رواية الأحداث بتفاصيل أكبر وشخوص أكثر حتى تكتمل رواية التاريخ من زوايا مختلفة لا سيما إذا كان هذا التاريخ لا يزال بعض شهوده على قيد الحياة.


المقال أثار ردودًا عديدة، منها مثلًا ما كتبه الزميل مرعي يونس الصحفي بالجمهورية متسائلًا: في عهد مَنْ من رؤساء التحرير وصل توزيع جريدة الجمهورية لأكثر من 800 ألف نسخة؟! السؤال مهم أعادني لتلك الفترة المهمة ليس في تاريخ الجمهورية فحسب بل الصحافة القومية كلها.. 

 

فقد كان الاعتقاد السائد لدى كثيرين، وربما أكون أنا واحدًا منهم، أن القفزة الكبرى في توزيع الجمهورية تحققت بفضل الكاتب الصحفي الراحل الكبير محسن محمد.. لكن سؤال مرعى، وإحقاقًا للحق، دفعنى لسؤال أهل الذكر؛ توثيقًا للمعلومة وإرجاع الفضل لأهله..

 

ومن حسن الحظ أن شهود عيان موثوقًا بهم لا يزالون على قيد الحياة متعهم الله بالصحة؛ ومنهم الزميل سيد عباس مدير عام مؤسسة دار التحرير -الجمهورية- لشئون التوزيع في تلك الأيام؛ أيام المجد وذروة انتشار الجمهورية فاتصلت به أسأله سؤالًا مباشرًا: في عهد مَن يا سيد بك وصل توزيع الجمهورية لأكثر من 850 ألف نسخة بصفتك المسئول عن التوزيع أيامها؟! 

 

فأجابني الرجل بلا تردد: في عهد الكاتب الصحفي محفوظ الأنصاري.. الذي تسلم رئاسة تحرير الجمهورية خلفا للكاتب الصحفي محسن محمد الذي استمر رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة.. وكانت المفاجأة أن الزميل سيد عباس قال بوضوح وحسم إن الأستاذ محسن محمد طلب منه عدم زيادة طباعة الجريدة عن نصف مليون نسخة بأي حال.. 

 

لكنه -أي سيد عباس- لم يلتزم بتعليمات محسن محمد الذي لم يجد بُدًا من استبعاد مسئول التوزيع عن منصبه..على حد قول الزميل سيد عباس بطل واقعة الإصرار والاستبعاد معًا!

توزيع الجمهورية والمساء


أما إن أردنا الدقة والتحديد في مسألة متوسط مبيعات جريدة الجمهورية فحين تولى الأستاذ محسن محمد رئاسة تحريرها في 1975 كان المتوسط 70 ألف نسخة أخذ في الارتفاع التدريجي بداية من عام 1976 حتى وصل إلى 380 ألف نسخة في 1983 ثم إلى 450 ألف في النصف الأول من عام 1984 الذي تولى فيه الأستاذ محفوظ الأنصاري رئاسة التحرير.. 

 

ليصل بالرقم في النصف الثاني من عام 1984 إلى 500 ألف نسخة بدعم من الأستاذ محسن محمد أيضًا، ثم أخذ يتصاعد حتى وصل إلى 570 ألف نسخة، وهنا بدأ تخفيض الكميات المطبوعة وانخفض معها مستوى المبيعات إلى 500 ألف نسخة في نوفمبر وديسمبر 1985 واستمر الهبوط.


هذا بالنسبة للعدد اليومي، أما الأسبوعي فقد بدأ مع الاستاذ محسن محمد عند مستوى 160 ألف نسخة في عام 1975 واستمر في التصاعد حتى وصل إلى 550 ألف نسخة في النصف الأول من 1984 ومع الأستاذ محفوظ الأنصاري بدأ التوزيع يتصاعد حتى وصل إلى 850 ألف نسخة في أكتوبر 1985..

 

وهنا بدأ خفض الكميات المطبوعة فانخفضت المبيعات إلى 650 ألف نسخة في شهريّ نوفمبر وديسمبر 1985.. واستمر الهبوط.. هذه معلومات يسردها شهود عيان لا يزالون على قيد الحياة، ذلك أنهم تولوا مسئولية التوزيع بالمؤسسة في ذلك الوقت، وليست شهادة مني ومن ثم فإن العهدة تبقى عليهم فيما قالوا.. ولذا لزم التنويه!


وإحقاقًا للحق فإن الكاتب الصحفي الكبير سمير رجب ترك بصمة قوية في الجمهورية والمساء بل إن دار التحرير شهدت قفزة كبيرة في البشر والحجر في عهده؛ فقد نجح في إنشاء مطبعة صحفية عملاقة ومبنى ضخمًا للمؤسسة، كما حقق طفرة في تحرير وتوزيع جريدة المساء من 10 آلاف نسخة إلى 200 ألف نسخة حتى باتت بفضله أوسع الصحف المسائية انتشار ليس في مصر فحسب بل في الشرق الأوسط كله..

 

 

كما نجح في تطوير المحتوى الصحفي للجمهورية منذ تولى رئاسة تحريرها وهو جهد متراكم منذ كان مديرًا لتحريرها في عهد الراحل محسن محمد.. ولا يزال كاتبنا الكبير يواصل مسيرة عطائه الصحفي بكتابة مقالة للجمهورية وكبسولة يومية في صحيفة المساء الإلكترونية متعه الله بالصحة والعافية.. ويبقى السؤال: هل يمكن للصحافة المطبوعة أن تسترد أمجادها وتستعيد قراءها.. أم أن هذا حلم فات أوانه؟!

الجريدة الرسمية