رئيس التحرير
عصام كامل

عن علاقة محمد صلاح بالموساد

تعتمد سياسة تفريغ كتلة الغضب وإعادة توجيهها إلى قضايا جانبية على إثارة الجدل والخلافات حول قضايا ثانوية، بهدف صرف الانتباه عن القضايا الرئيسية. وفي ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، والذي أسفر عن استشهاد وجرح آلاف الفلسطينيين، انفجرت غضبة الشارع العربي تجاه الاحتلال.. إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تفكيكها، من خلال اتباع سياسة تفريغ كتلة الغضب وإعادة توجيهها إلى قضايا جانبية.

 

من أبرز الأمثلة على هذه السياسة، هو الجدل الذي أثير حول موقف اللاعب المصري وليفربول الإنجليزي محمد صلاح من القضية الفلسطينية. فبعد أن تجاهل صلاح التعليق على العدوان الإسرائيلي، انقسم الشارع العربي بين مؤيد ومعارض له. وتحول هذا الجدل إلى سجالات ونقاشات جانبية، تشتت الانتباه عن جرائم الاحتلال.

Advertisements

سياسة تفريغ كتلة الغضب

وهكذا تحول محمد صلاح في لمح البصر من فخر العرب إلى عميل لدى جهاز الموساد الإسرائيلي، وبعدما كان الناس يتغنون ببراعته في ركل الكرة وإحراز الأهداف، باتوا يأولون كل تصرف سابق له على أنه جزء من بازل كبير حين يكتمل يظهر لاعب ليفربول وكأنه عميل للصهيونية!

 

كما استغل الاحتلال الإسرائيلي أيضًا دعوات لمقاطعة العلامات التجارية التي أعلنت دعمها لإسرائيل. فبعد أن أعلنت علامة أمريكية شهيرة في مجال الأطعمة الجاهزة دعمها لإسرائيل، أطلقت دعوات لمقاطعتها في العديد من الدول العربية. وتحول هذا الجدل الى معركة جانبية، لا تخدم القضية الفلسطينية.

 

وتهدف سياسة تفريغ كتلة الغضب وإعادة توجيهها إلى قضايا جانبية إلى تحقيق عدة أهداف، منها: صرف الانتباه عن القضايا الرئيسية: فكلما انشغل الشارع العربي بقضايا جانبية، قل اهتمامه بالقضايا الرئيسية التي يعاني منها المجتمع.

تقسيم الرأي العام: فعندما يختلف الشارع العربي حول قضايا جانبية، تضعف وحدة الموقف تجاه القضايا الرئيسية.

تقوية موقف الاحتلال: فكلما ضعف موقف الشارع العربي من الاحتلال، زادت قوته وتمكنه من ارتكاب المزيد من الجرائم.

لمواجهة هذه السياسة، من المهم التحلي بالوعي وعدم الانسياق وراء إثارة الجدل والخلافات حول القضايا الجانبية. كما من المهم التركيز على القضايا الرئيسية التي يعاني منها المجتمع، والمطالبة بحل هذه القضايا.

الأسلحة الصامتة

ورغم اختلاف المقام، إلا أن ما يحدث يذكرني بما قاله المفكّر الأمريكي نعوم تُشومِسكِي في دراسته المعنونة استراتيجيّات التحكّم في البشر والسيطرة على الجمهور، ونسبه إلى وثيقة الأسلحة الصّامتة للحروب الهادئة: حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعيّة الحقيقيّة وألهوه بمسائل تافهة لا أهميّة لها. أبقُوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا دون أن يكون لديه أيّ وقت للتّفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى.

 

وختاما تذكر يا عزيزي أن سياسة تفريغ كتلة الغضب وإعادة توجيهها إلى قضايا جانبية هي سياسة خبيثة تستهدف إضعاف موقف الشارع العربي من القضايا الرئيسية. ومن المهم مواجهتها، من خلال التحلي بالوعي والتركيز على القضايا الرئيسية.

 

 

المحاصرون في غزة وأهالي الشهداء لن يقوي عزيمتهم سوى شعورهم بأن الجميع غاضب من أجلهم. أما مسألة إدانة محمد صلاح أو مقاطعة أحد المطاعم فلن يكون لها أثر قوي في نفوسهم. بل إن الأمر بدأ يتحول من الغضب من إسرائيل إلى سجالات من السخرية والهزل.

الجريدة الرسمية